في اسرائيل يبحثون في سيناريوهات ما بعد فشل المفاوضات، ويراهنون على الفلسطينيين في افشالها، في ظل الجهد الكبير الذي يبذله وزير الخارجية الامريكي جون كيري وجولاته المكوكية والضغوط والتهديدات التي يطلقها ضد الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، ولا نعلم ما هي حقيقة الضغوط الذي يقوم بها كيري ضد اسرائيل، و حديث كيري الجدي عن ما يسمى اتفاق الإطار.
جون كيري زار اسرائيل الخميس الماضي للمرة العاشرة في اقل من سنة، و اوضح ما جرى اكثر من مرة بجلاء على مدى الشهر الماضي، وهو سيتعين على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان يتخذا قرارات ستقرر ما اذا كانت ما يسمى عملية السلام على حافة اختراق تاريخي او على الطريق نحو الفشل وانفجار خطير.
ومع ذلك ما يعلمه الفلسطينيون عن المفاوضات هو ما تنشره وسائل الاعلام الاسرائيلية و يدوروا في فلكها، وحقيقة ما تبثه من معلومات متلاحقة ومدى صحتها من عدمه، و لم نسمع من الرئيس وفريقه سوى انهم متمسكون بالثوابت الفلسطينية، ولن يتنازلوا عن أي منها، في الوقت ذاته هم مستمرون في المفاوضات وغول الاستيطان مستمر في تهويد مزيد من الارض الفلسطينية المغتصبة.
المعلومات تتحدث عن مقترحات كيري و اتفاق اطار مقدم للرئيس عباس و نتنياهو يعرِف المبادئ التي ستتقرر وفقا لها اكثر المواضيع حساسية حدود 1967، والترتيبات الأمنية في الاغوار، وقضية اللاجئين وتقسيم القدس، ومسألة ضم أراض من المثلث داخل حدود 48 إلى الضفة الغربية بدلا عن الكتل الاستيطانية.
وهو في الحقيقة محاولة خطيرة من كيري لفرض حل على الفلسطينيين ومشروع تصفية القضية الفلسطينية اذا ما وافق الرئيس عباس عليه، وهو ايضا تخليص كيري لنتنياهو من ورطة فشل فرض حل عليه، وإنقاذ إسرائيل من أي مسؤولية في فشل المفاوضات وهو بمثابة مد طوق النجاة لإسرائيل، وعدم تحميلها عبء ووزر فشل المفاوضات وحدها وتوزيع الفشل على الطرفين.
الفلسطينيون لا معلومات لديهم عن ما يدور وما هي حقيقة الموقف القيادة الفلسطينيون وما هي الضغوط والتهديدات الذي يتعرض له الرئيس محمود عباس ورعبه من ان يتحمل المسؤولية عن فشل المفاوضات، وما حقيقية موفقته على اتفاق اطار، ويتساءل الفلسطينيون عن حقيقة المعلومات التي تضخها وسائل الاعلام الاسرائيلية عن قرب التوصل إلى التوقيع على اتفاق اطار قريبا، وهم ينظرون بعين الشك لذلك.
وينتظرون أن يطلعهم أي من فريق المفاوضات بصراحة عن المعلومات التي تتحدث عن ذلك وبشفافية، وليس من خلال وسائل الاعلام الاسرائيلية.
وسائل الاعلام الإسرائيلية لم تتوقف لحظة عن نشر المعلومات تتعلق بمستقبل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية بعد أن بدا أنها على وشك الانفجار، مع اقتراب نهاية المدة المحددة لها وهي تسعة اشهر مع إطلاقها في شهر يوليو/ تموز الماضي.
يقول المحلل في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، باراك رافيد "لقد تمكن كيري بجهد ضخم وتصميم لا سابقة له تقريباً من جلب نتنياهو وعباس الزعيمين اللذين لا يصدق اي منهما كلمة يقولها الآخر الى عملية دبلوماسية مهمة. ولم يحسب هذان الرجلان، اللذان لا يريدان سوى لوم الجانب الآخر على الفشل، انهما سيبلغان هذه النقطة".
الحقيقة ان استراتيجية كيري قائمة فقط على الضغط على السلطة الفلسطينية وإجبارها على الرضوخ لمقترحاته في ما يسمى اتفاق الاطار، والقرارات التي سيتعين عليهم اتخاذها في ظل التهديدات التي يطلقها كيري، يجب ان يتم الرد عليها بالمصالحة وإنهاء الانقسام والتوجه نحو خيارات اخرى يمتلكونها
لكن الخشية قائمة من قبول السلطة الفلسطينية مقترحات كيري والموافقة على اتفاق الاطار من أجل مد عمر المفاوضات لأنها مبررها الوحيد للاستمرار، وهو ما سيفضح السلطة الفلسطينية لان خيارها الوحيد هو المفاوضات وهو خيارها الاستراتيجي والوحيد.