كيف غزة اليوم..؟

بقلم: عبد ربه العنزي

ارسل صديقي من دولة عربية يسالني عن غزة..كيف هي؟ وكيف تعيشون؟وكيف هي الاوضاع الان؟

رسالتي ارسلتها له، لكنها كانت لي، ولكم جميعا..

غزة تفتح وريدها..

وثمة حزمة رصاص على خصرها

الغزيون، هؤلاء المعذبون، يلتقطون اللحظة الفاصلة بين الليل والنهار

تنغرس اقدامهم في ردغة الليل، والعيون ترنو الى اشراقة اللقاء

يذهبون الى المعابر كعاشق في موعده الاول

فيعودون ادراجهم، فالحبيبة لم تأت

تشابهت عليهم مواعيد المطر والقنابل والاعراس

عقارب الوقت صاخبة كـ "مولدات" الكهرباء

البحر من هناك اخضر مخمور بنشوة الانضباط

هنا..فراشات تصعد للقمر عبر سلم الامنيات

الراعي –هنا- يجز صوف خرافه في كل حصار

الراعي يصعد المنصة كمنشد في مأتم

وهي-الحاضرة غزة- مثل مسيح بلا حواريين

ابواق سيارات..صراخ الباعة المتجولين..صوت الاذان

حفلة موسيقية عارمة..بائع الخضار.. واسطوانات الغاز..وبوق الإسعاف

ضوضاء "الزنانات"..و "طوشة" يشتد وطيسها بالسباب

دوي لقصف جوي ترتج منه سقوف البيوت المرهقة..ضجيج "الكسارات"

فحيح الصيف وارتطام رطوبته في الحلوق الجافة

صوت المذياع "المستقل" وهو يستنكر "تحرش" الطرفين بعورات الاستقامة

ثم توغل غزة في شيخوخة الحلم

هنا يا صديقي تضيع الطريق،والأصوات،ولون الحقيقة، ورائحة الحب

ولا تطلب المأساة اذنا للمرور،او تلميحا عابرا للفجيعة

هنا.. السيف يبدو زنديقا هاربا من المعركة

وحقيبة السفر مجهزة للهلع

هنا –أيضا- تجد الوجع الحاضر بلا انتهاء

تجد الفارس والقوس الجارح

والحزن المقبل، والسكينة المدبرة

هنا الذين استبدلوا سرج خيولهم بوثير كراسي عربات كورية الصنع

هنا نقطف زهور الربيع العربي صبرا

تغضبنا امريكا، يبكينا الدم في بابا عمرو

نضرب رؤوسنا ياسا من ذبح المسلمين في بورما

نحبس انفاسنا في مسابقات الليجا الاسبانية

هنا..ضحكات الاطفال كرفرفة اجنحة السنونو

وامسيات الرفاق في عرائش النخيل

هنا ..الخيمة تستحي من الاقامة الطويلة

هنا.. الحالمون، والثائرون،والمتاجرون،وامراء الحرب،والطيبون،والمتحمسون،والسارقون،والتائهون،والمضللون، والعاشقون

هنا.. هنا نحن يا صديقي

هنا بذرة كلما اقتطعتها من جذورها

مدت جذورها الى ابعد نقطة في المستحيل