القدس تتعرض لإستراتيجية تهويدية

بقلم: حنا عيسى

تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها لمدنية القدس الشرقية سنة 1967 بمحاولات حثيثة  لنزع الهوية العربية والإسلامية التاريخية من مدينة القدس وفرض طابع مستحدث  جديد وهو الطابع اليهودي من جانب أول، وتعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي الفلسطيني  فيها من جانب ثانٍ، واستخدمت حكومات إسرائيل  المتعاقبة الوسائل الكثيرة وقامت بالكثير من الإجراءات ضد المدينة وسكانها الأصليين، وكان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها احد أهم الوسائل لتحقيق الهدف الأساسي تجاه المدينة من جانب ثالث.

وخلال السنوات الأخيرة سعت وتسعى سلطات الاحتلال إلى استكمال المخطط الاستيطاني الهادف للسيطرة  الكاملة على القدس الشرقية وعملت بطرق مبرمجة من أعلى المستويات  السياسية من خلال مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التابعة  للقرى التي أقيمت عليها المستوطنات، وعمدت إلى تطويق التجمعات السكنية  الفلسطينية  والحد من توسعها وتهديد بعض  التجمعات السكانية بالإزالة وعمدت إلى عزل المدينة وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب وقامت بتشويه النمط  العمراني للقدس القديمة والقرى المحيطة.

علما بان سلطات الاحتلال تعتبر سياسة تهجير المواطنين الفلسطينيين من القدس احد الوسائل المعتمدة لديها من اجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في المدينة، وقامت كذلك بهدم منازل المواطنين في القدس  بذريعة أنها غير مرخصة، كما نشطت المنظمات اليهودية  المتطرفة لجذب أموال يهود الخارج لشراء ممتلكات  في القدس الشرقية .

واخطر ما تقوم به سلطات الاحتلال من  اجل تهويد المدينة هو إصدارها ما يسمى بقانون التنظيم و التخطيط، الذي انبثقت عنه مجموعة من الخطوات الإدارية والقانونية المعقدة و التعجيزية  في مجالات الترخيص و البناء،  وأدى ذلك  إلى تحويل ما يزيد عن 50% من مساحة القدس إلى مناطق  خضراء يمنع  من البناء عليها وتستخدم  كاحتياط لبناء المستوطنات  كما حدث في جبل أبو غنيم، وقد دفعت هذه الإجراءات إلى هجرة  سكانية فلسطينية من القدس إلى الأحياء المحيطة بالمدينة نظرا إلى سهولة البناء و التكاليف.

وفي بدايات التسعين من القرن  المنصرم  أقامت إسرائيل مستوطنات خارج حدود المدينة  هدفها الأساسي هو التواصل الإقليمي والجغرافي بين تلك المستوطنات  لإحكام السيطرة الكاملة على القدس .

وكل هذه الإجراءات المذكورة تؤكد أن القدس تتعرض لإستراتيجية احتلاليه تهويدية ممنهجة، هدفها  طمس الهوية العربية والاستيلاء على مقدساتها المسيحية  والإسلامية وتفريغ المدينة من أهلها، وتكريس الوجود اليهودي على الأرض على أنقاض المصالح الإسلامية و المسيحية.

لذا وعلى ضوء ما ذكر أعلاه،  فان القانون الدولي يعتبر مدينة القدس أرضا واقعة تحت الاحتلال غير المشروع  وتبعا لذلك ينطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949,التي تحرم وتجرم كل أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينية  والطرد ألقسري والاستيطان وتغيير التركيبة السكانية والديمغرافية في البلاد. وتبعا  لذلك فان كل أعمال التهويد  التي تقوم بها إسرائيل في القدس باطلة من وجهة نظر القانون الدولي وتعد مخالفة قانونية دولية جسمية.