القدس تستحق منا أكثر، لقد حظيت مدينة القدس باجتماعين هامين هذا الأسبوع، الأول في مدينة مراكش وهو ((اجتماع لجنة القدس)) برئاسة العاهل المغربي، ومشاركة الرئيس أبو مازن ممثلاً لفلسطين، والاجتماع الثاني في الكويت ((اجتماع اتحاد البرلمانات العربية)) برئاسة رئيس مجلس النواب الكويتي، ومثل فلسطين فيه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني السيد سليم الزعنون "أبو الأديب".
وقد وضع الأخوين أبو مازن وأبو الأديب المجتمعين على مستوى الاجتماعين، بالمخاطر المحدقة بمدينة القدس، وبالإجراءات التعسفية التي تتعرض لها المدينة المقدسة ومقدساتها وسكانها، على يد سلطات الاحتلال الصهيونية، التي لم تألو جهداً في استهداف تغيير تركيبتها الديمغرافية والجغرافية، وفق سياسات واستراتيجيات واضحة وثابتة وهادفة إلى تغيير معالمها وفرض السيطرة الصهيونية اليهودية عليها، واعتبارها عاصمة لكيان الاغتصاب الصهيوني، عبر تهديد المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها على السواء، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، تمهيداً لتنفيذ الأساطير اليهودية بهدم الأقصى وبناء ما يدعى بالهيكل الثالث المزعوم مكانه أو داخله، أو فرض الهيمنة اليهودية الصهيونية من خلال اقتسامه، كما جرى مع المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل سابقاً.
لقد استمع واطلع العالم على كلمات المشاركين في الاجتماعين العتيدين المشار إليهما، وقد أجمعت جميعها على حدة وجدية التهديدات التي تتعرض لها المدينة المقدسة ومقدساتها ومواطنيها العرب، وكالت الشجب والاستنكار لهذه الإجراءات والتهديدات، ولكنها لم تغير من واقع القدس شيئاً، وبقي ويبقى الحال في القدس كما هو عليه حتى إشعار آخر، وتهديد صهيوني جديد، دون وضع السياسات والاستراتيجيات، سواء على المستوى العربي، أو المستوى الإسلامي، رسمياً أو شعبياً، والذي تحتمه الإعتداءات والتهديدات والإجراءات الصهيونية المتواصلة والمستمرة في حق القدس ...!!
من حق المواطن الفلسطيني والعربي والمسلم أن يتساءلوا عن ماهية الاستراتيجيات البرلمانية العربية، الذي تمخض عنها هذا الاجتماع البرلماني العربي، وعن ماهية الاستراتيجيات الإسلامية، التي تمخض عنها اجتماع الدورة العشرين للجنة القدس، المكلفة من منظمة المؤتمر الإسلامي للدفاع عن القدس ومقدساتها ومواجهة الإجراءات الصهيونية المستهدفة لها ؟؟!!
ماذا قرر العرب من أجل حماية القدس ومقدساتها وحماية سكانها، إن المتابع لهذا الشأن لا يرى إلا محصلة لا زالت تساوي صفراً مكعباً، في حين يرى أن سلطات الاحتلال ترصد الميزانيات الكبيرة، البلدية، والحكومية، وغير الحكومية، لتنفيذ مخططاتها الهادفة تغيير معالم القدس ومصادرتها وضمها، وعادة تبدأ في تنفيذ خططها قبل أن تعلن عنها ...!
الحقيقة المؤلمة أن الجهد العربي والإسلامي في شأن حماية القدس لازال جهداً متواضعاً، لا يمكن وصفه إلا بالضعيف أو بالغائب، على مدى خمسة وستين عاماً مضت على احتلال المدينة المقدسة ...!
أي قداسة تحتلها القدس لدى العرب والمسلمين ؟! التي لم تستطع أن تحرك جهدهم عن مستوى الشجب والإدانة والاستنكار لما تتعرض له مدينتهم المقدسة !!!
يجب أن يخجل العرب والمسلمين، أمام هذه التحديات الخطيرة والجسيمة، التي تتعرض لها القدس، ولا تقابل بمواقف وسياسات عملية في مستوى مواجهة العدوان الذي تتعرض له المدينة المقدسة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومهوى أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ...!
إنهم يكذبون على القدس وعلى أنفسهم، آن لهم أن يخجلوا من أنفسهم، وأن يخجلوا من الأقصى، ومن القدس ومقدساتها، أمام هذا التقصير العربي والإسلامي الواضح إزاءها، وإزاء ما يحدق بها من مخاطر، تصيب الوجود العربي والإسلامي في صلب العقيدة الإسلامية والمسيحية على السواء، في حين يستمر التطاول الصهيوني السافر في توجيه طعناته إلى سلطانهم القومي والديني على السواء ...!!
أما آن لنا نحن العرب والمسلمين أن نخجل من نساءنا وأطفالنا، لما وصلت إليه حالنا، من مهانة لم تستطع أن تحرك فينا القدس ومقدساتها وناسها، سوى الشجب والإدانة والاستنكار ...!
بئست هذه الحالة التي نحن عليها، وتلك السياسات التي ترتكز إلى مبدأي الشجب والاستنكار والبيانات الإعلامية، وتغيب عنها سياسات الفعل والموازنات الداعمة لها والمواجهة لسياسات الاحتلال الغاشم ...!!
القدس تستحق منا أكثر ...