المفاوضات هي اللعبة الوحيدة في المدينة

بقلم: مصطفى إبراهيم

يتضح من خلال التصريحات التي ادلى بها المبعوث الامريكي للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين مارتن اندك أن المفاوضات هي اللعبة الوحيدة في المدينة، ولا شيئ غيرها فبعد ستة اشهر من المفاوضات وجولات كيري المكوكية للمنطقة تمخضت عن "اتفاق إطار" للاستمرار في المفاوضات.
وحسب ما ذكرته صحيفة هآرتس اليوم الجمعة 31/1/2014، عن مارتن اندك أن جون كيري سيعرض الخطوط العريضة لخطته والاتفاق في الأسابيع القادمة، على الجانبين الفلسطيني والفلسطيني، وهي ليست خطة للتطبيق، بل هي سقف وإطار للمفاوضات.
فالخطوط العريضة لخطة كيري هي انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية على أساس حدود عام 1967 مع ترتيبات أمنية غير مسبوقة ولا مثيل لها في منطقة الأغوار ولن يشمل الانسحاب عددًا من الكتل الاستيطانية حيث ستبقى بيد إسرائيل في مقابل تعويض الفلسطينيين لقاءها بمساحة بديلة. وتتضمن الخطة إعلان عاصمة فلسطينية في القدس العربية، وأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، ولا تتضمن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. والمصادر الصحافية تقول أن كيري يتوقع من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية أن يقبلا الخطة برغم تحفظهما على بعض النقاط، وأن تشكل أساسًا وإطارا للمفاوضات.
اذا المفاوضات ستستمر حتى نهاية العام الحالي 2014. وسوف تكون نسخة مكررة عن جولات المفاوضات السابقة باختلاف ان حكومة نتنياهو أكثر تطرفاً وتتخذ شروطا اكثر تشددا في ظل استمرار غول الاستيطان والفلسطينيين يعانون من التيه والعجز عن انهاء حال الانقسام، والوطن العربي مهموم بقضاياه.
فالمفاوضات ستستمر وإسرائيل تستغلها كغطاء للاستمرار في البناء الاستيطان والتهويد والحصار واستمرار العدوان والقتل اليومي وبناء الجدار الفصل العنصري وتكريس الاحتلال، وتمنع الفلسطينيين من الاستمرار في الانضمام إلى الوكالات الدولية والحصول على عضويتها، لمحاسبة المسؤولين في دولة الاحتلال والضغط الدولي عليها و للاستفادة منها في النضال ضد سياسات الاحتلال وجرائمه و ممارساته القمعية.
لم يكن لأحد من الفلسطينيين أن يصدق أن المفاوضات الجارية يمكن أن تحقق أي نتيجة، لعدة أسباب منها ان الراعي الحصري للمفاوضات هي الولايات المتحدة الامريكية التي تتبنى وجهة النظر الاسرائيلية و منحازة للرؤية الاسرائيلية وهي من تروج ليهودية الدولة وتمارس الضغط على الفلسطينيين وتحاول ان تعمل على انهاء ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وضمان حماية اسرائيل على حساب الحقوق العادلة للفلسطينيين. والاهم من ذلك هو ان حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً من كل الحكومات السابقة، وأي تقدم حقيقي في المفاوضات سيكون سببا في انهيارها.
و توجهات الحكومة الاسرائيلية حول الحل المعروض محسومة وهي تراهن على الطرف الفلسطيني في عدم قبولها، وان اختلفت اطرافها في النقاش الدائر في اسرائيل وليس على المستوى الحكومي، فإسرائيل دوما تقوم بعملية نقاش مفتوح ومدى استعداها لأي تسوية محتملة كما جرى في مراحل سابقة.
هكذا اتفاق ينسجم مع الرؤية الاسرائيلية في الاستمرار في إدارة الصراع حسب المصالح الإسرائيلية و ليس انهائه، ومع ذلك ترفضه، و أن الحلول المرحلية هي الحلول الأفضل بالنسبة لإستراتيجية التفاوض مع الفلسطينيين، و نتنياهو يريد إدارة الصراع مع الفلسطينيين من خلال المفاوضات لذاتها وليس من اجل الوصول إلى حل نهائي.
فالخطورة في مثل هذا الاتفاق أنه ستفضي إلى إنهاء الصراع وإنهاء الإدعاءات والمطالب. ويصب في مصلحة اسرائيل و يلتزم بالإطار العام وقد تمتد فترة الاتفاق، حسب رؤية نتنياهو أكثر من عشر سنين، وأن يكون الفلسطينيون خلالها تحت المراقبة الدائمة.
اسرائيل تضع شروطها وتفرض رؤيتها في المفاوضات لأي تسوية ممكنة، وتمثل شروطها في ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة والاحتفاظ بغور الأردن والسيطرة على حدود الدولة الفلسطينية، و ان يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين في الدولة الفلسطينية وليس في إسرائيل. و أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح.
و لمواجهة مبادرة كيري الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية والمخططات الاسرائيلية، هو الاستعداد للمواجهة القادمة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، فالمطلوب بناء إستراتيجية وطنية بديلة قائمة على النضال ضد الاحتلال، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني بإنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني، والتوجه إلى الأمم المتحدة والمطالبة بتفعيل القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والانضمام للهيئات الدولية، و الشروع في حشد حراك دولي للضغط على إسرائيل، واستغلال سلاح المقاطعة لمحاسبة اسرائيل فهو يسبب الرعب لها، فما يجري في بيتنا الفلسطيني هو مساعدة اسرائيل في الاستمرار في مخططاتها التصفوية وإدامة عمر الاحتلال و التهويد والاستيطان والحصار والتنكر للحقوق الفلسطينية.

مصطفى ابراهيم
1/2/2014
[email protected]
mustaf2.wordpress.com