مهارات تعليم التفكير

قال تعالى في كتابهِ الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم: " إن في ذلك لأيةٍ لقومٍ يتفكرون" التفكير هي مهارة لا تختلف عن أي مهارة أخرى ممكن أن تتحسن بالتعلم، وبالتدريب والممارسة ويشبه العالم (إدوارد ديبونو)
،التفكير بقيادة السيارة وعن طريقه يعمل الذكاء ويؤثر في الخبرة؛ والإنسان كما تعمل قوة محرك السيارة عن طريق المهارة في قيادتها وتوجيها إلى الطريق الصحيح ، و إن السائق غير المدرب ممكن أن يدمر أحسن السيارات جودة وتطوراً. يقول المثل الصيني الشائع: إذا أعطيت رجلا سمكة فسوف يأكل يومًا، ولكنك إذا علمته صيد السمك فسوف يأكل كل يوم؛ لذلك يُمكن تعليم التفكير، فهو ضرورة حيوية ، وملحة للإنسان ولاكتشاف نواميس الكون وللسير بركب التقدم والحضارة والازدهار والانفجار المعرفي الهائل. إن المقصود بتعليم مهارات التفكير، تطوير قدرة التفكير وتنميتها عند الطلبة، و رفع الكفاءة التدريسية وفهم المحتوى الدراسي والإبداع والتفوق العلمي والتقدم المعرفي والتربوي كي توصل الطلبة إلى التحليل والتفسير والملاحظة والاستبصار والاكتشاف والتكييف مع المشكلات والأحداث الكثيرة التي تقع في الحياة المعاصرة ، كما ينمى مهارات تعليم التفكير وخاصة التأملي، التفكير بمختلف أنواعه لأن أصل التفكير التأمل وينمى المهارات الوجدانية ويعطى الطلبة الثقة بأنفسهم والسيطرة الواعية على تفكيرهم ويولد الأفكار وشعورهم بالثقة بالنفس وتشكيل الدافعية نحو الهدف المنشود وتحسين السلوك عندهم. "إن التفكير هو سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس" وما نشاهده هو نواتج فعل التفكير هو مفهوم مجرد لأن النشاطات في الدماغ غير مرئية، أما مهارات التفكير فهي عمليات محددة نستخدمها عن قصد لمعالجة المعلومات مثل تحديد المشكلة وجمع المعلومات وتنظيمها ومعالجة المعلومات وتحليلها ، وتنمية المهارات لتشجع الطفل على التعبير عن أفكاره من خلال أحد أنماط التفكير وتحديد المسار الذي سيتخذه في تفكيره من خلال المهارة المناسبة. يمكن تعليم التفكير وهناك اتفاق بين المربين يتعلق بنوع النشاط الذي يؤديه العقل عندما يقوم بإنجاز مهمة ما، وهذا النشاط يمكن وصفة والاستدلال عليه من خلال نوعين من العمليات، عمليات لاشتقاق المعنى وتوكيده، وعمليات توجه جهود الفرد وتعرف بما فوق المعرفة وتتكون من ثلاث عمليات رئيسية من المهارات هي: التخطيط – المراقبةالتقويم. ونتطرق في سرد بشكل موجز لأهم مهارات تعليم التفكير: • مهارة جمع المعلومات والبيانات عن طريق الرؤية البصرية التأملية(الملاحظة). • مهارة تصنيف المعلومات وتنظيمها وتقويمها وإجراء المقارنة وأوجه الاختلاف. • مهارة التوصل لأفكار عامة ، و صوغ تنبؤات معقولة من التعميمات والبدائل. • مهارة المعالجة الذهنية للخبرات الجديدة ، والمشكلات التي قد تحدث. • مهارة جمع المعلومات والتذكر والتنظيم والتحليل ، والتركيب والفهم . • مهارة توليد الأفكار والتكامل بينهما والتقويم. دعا القرآن الكريم إلى التفكير التأملي، بمعنى تفحص الأمور وتقليب الأمر وفهمه وإدراكه دعوة صريحة لا ريب فيها وبدون تأويل ، حتى نتوصل إلى نتيجة حتمية حول أهمية تعليم مهارات التفكير التأملي في حياة الإنسان. تتضمن مهارات التفكير خمس مهارات رئيسية للتفكير التأملي وهى: التأمل والملاحظة: وتعنى الرؤية البصرية الناقدة أي القدرة على تأمل وتحليل وعرض جوانب المشكلة والتعرف على محتواها من خلال بياناتها ومكوناتها بحيث يمكن اكتشاف العلاقة الموجودة بصريا. الكشف عن المغالطات: بحيث تكون مقدرة لتوضيح الفجوات في المشكلة من خلال تحديد وتوضيح العلاقات غير الصحيحة أو الطبيعية والمنطقية والخطأ في انجاز المهمات التربوية. الوصول إلى استنتاجات للمشكلة: القدرة على إيضاح العلاقة المنطقية المحددة من خلال تحليل مضمون المشكلة وطبيعتها والتوصل إلى فرض الفروض والتوصل لحلول مناسبة. وإعطاء تفسيرات مقنعة: وهى المقدرة على وضع الخطط والمقترحات الواقعية والمبنية على المعلومات والمعرفة لحل المشكلة القائمة من خلال التصورات الدماغية للمشكلة الموجودة. وضع حلول مقترحة: حلول بخطوات منطقية لحل المشكلة المطروحة، وتقوم تلك الخطوات على تصورات ذهنية متوقعة لحل المشكلة المطروحة. العمليات العقلية الموجودة في التفكير: حيث لابد من توافر عمليات عقلية تعتمد على المقدرة على التخيل والتحليل والخبرة للفرد في الموقف المشكل لدية، بحيث يختار الحلول ويضع الفروض حسب الموقف المشكل من خلال التجربة والخبرة والتأمل والتوجه نحو الهدف وإدراك العلاقات وتفسيرها، وبعد ذلك الاستبصار واختيار الأمثل والابتكار والتقييم والنقد. يقول كوثن: "أن الفرد مهما بلغت طاقته لا يستطيع أن يسيطر على أكثر من جزء يسير من كم المعلومات الكبير فالمعارف غالبا رغم أهميتها تصبح قديمة لكن مهارات تعليم التفكير تبقى دائما جديدة و متجددة". ويقصد بمهارات التفكير هي عمليات محددة نستخدمها عن قصد لمعالجة المعلومات مثل تحديد المشكلة وجمع المعلومات وتنظيمها ومعالجة المعلومات وتحليلها ثم اتخاذ القرار. برامج العمليات فوق المعرفية تركز على التفكير كموضوع قائم بذاته ومن أهمها التخطيط، والمراقبة والتقييم، وتهدف إلى تشجيع الطلبة التفكير فوق تفكيرهم والتعلم من الآخرين ومن أبرز البرامج لهذا الاتجاه "برنامج الفلسفة للأطفال، وبرنامج المهارات فوق المعرفية، برامج المعالجة اللغوية والرمزية وبرامج التعلم باكتشاف، برامج تعليم التفكير المنهجي، ومنه برنامج الكورت للعالم ديبونو لتعليم التفكير ومطبق في كثير من دول العالم وبرنامج تقنية القبعات الست لدي بونو؛ ويرى الباحثون أهمية التفكير في حياة الناس عموما وطلبة العلم خصوصا لأنه يساعد على ربط الخبرات القديمة بالخبرات الجديدة، مما يبعث على الأمان النفسي ويعزز النجاح ويقوى الذاكرة وينعشها ويقوى ملكة التفكر والتدبر والتعلم والسيطرة على الذات. يجب تنمية قدرة التلاميذ على أن يفكروا في التفكير، أو تنمية الوعي، والتحكم لديهم في عمليات التفكير ، ويعد أساساً هاماً لدمج التفكير في عمليات التعلم داخل الفصل، والميتا معرفة الوعي في التفكير والتفكير في التفكير يساعد الدارسين على القيام بدور إيجابي في جمع المعلومات وتنظيمها وتكاملها ومتابعتها وتقيمها أثناء قيامهم بعملية التعلم، عبر التأمل في عملية التعليم وتنظيمها وتوجيه الأسئلة بنجاح لتحقيق الهدف ، ومما سبق ذكره أن إثراء عملية التفكير التأملي يتطلب اهتماما بتعليم الطلاب بماذا يفكرون وكيفية التفكير في عملية التفكير وتدعم روح العمل الجماعي ومراعاة الوضع الاجتماعي للطلاب ومنحهم الوقت المناسب للتفكر والتأمل وتعليمهم استراتيجيات المستويات المعرفية العليا وتنمية القدرات والفهم والتدرج من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المركب وجعل الطلبة يدرسون تارة والمعلم تارة أخرى لإثراء عملية التفكير.

 

بقلم: د. جمال أبونحل..