من بين الأنقاض يمكن رؤية بقعة من الضوء في مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، بضعة شبان ثبّتوا آلة بيانو في المكان، بين أنقاض الأبنية المقصوفة، هم حريصون في الأيام الأخيرة على العزف والغناء في تلك البيئة، وهو مشهد سوريالي من جميع الأوجه. وتتألف الفرقة، التي سمّيت "شباب مخيّم اليرموك للاجئين"، من تسعة أعضاء.
قال عازف البيانو الخاص بالفرقة، هيام أحمد (26 عامًا)، للراديو الإسرائيلي بأنّه يعزف على البيانو منذ عشرين عامًا وفي الواقع فإنّ البيانو الذي وُضع بين الحطام هو البيانو الخاص به. "أنا أعزف منذ عشرين عامًا. موتسارت، بيتهوفن، رحمانينوف. أدرس الموسيقى في جامعة في حمص"، وهو يتحدّث من سوريا بواسطة محادثة تمت من خلال الإنترنت في برنامج سكايب. أضاف قائلا: "البيانو ثقيل، ويزن نحو 300 كيلوغرام. قمنا بحمله على عربة، وجميعنا - الأعضاء التسعة - قمنا بدفعه. ثبّتناه بين الحطام من أجل أن يعلموا بأنّنا في مخيّم اليرموك للاجئين".
وما هي الرسالة التي يريد شباب اليرموك نقلها؟ قال هيام: "نحاول أن نغنّي شيئًا للعالم في الخارج. لأولئك الذين خرجوا من المخيّم ولم يعودوا. نحاول أن نتحدّث عن الجوع والحصار. وذلك كي يغطّي صوت البيانو، صوت الموسيقى، على أصوات الرصاص والحرب".
ومنذ الصيف الماضي، وبعد أن تحصّنت عناصر مسلّحة في مخيّم اليرموك، فرض حصار مشددا على المخيم ادى الى سقوط عشرات القتلى جوعا في الأشهر الأخيرة. الآن فقط، بعد تسعة أشهر وبضغط عدّة جهات، يمكن أخيرًا إدخال الغذاء والدواء للمخيّم، وذلك وفقًا لاتفاق تعهّد بموجبه رجال المخيّم بتنظيفه من المسلّحين المتمرّدين على النظام السوري. وقد وصف الفلسطينيون في الأراضي المحتلة ما يحدث في المخيّم على أنّه "نكبة جديدة".