يعتبر عيد الحب أو "يوم القديس فالنتين" الذي يصادف الربع عشر من فبراير/ شباط من كل عام فرصة لمزارعي الزهور في قطاع غزة لتسويق منتجاتهم في الخارج والتي لا تكاد تجني نفقاتها بسبب تدني أسعارها بالسوق العالمية والمحلية.
وعرفت زراعة الزهور في فلسطين منذ القدم، إلا أنها اقتصرت على الزراعة المنزلية، وفي الحدائق العامة؛ أما زراعة الزهور لأغراض تجارية، فقد عرفت في قطاع غزة على وجه الخصوص عام 1991، واتسع نطاقها في عام 1998؛ إذ وصلت إلى أكثر من 100 مشروع على ما مساحته نحو ألف ومئتي دونم، معظمها يتركز في بيت لاهيا في أقصى الشمال، وكذلك في رفح أقصى الجنوب.
وتراجعت زراعة الزهور بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، بسبب إغلاق المعابر أمام عمليات التصدير أو تعقيدها، بالإضافة إلى عمليات تجريف وقصف الأراضي الزراعية، ما أدى إلى خسائر فادحة مني بها المزارع الفلسطيني، أدت إلى تحوله عن زراعة الزهور.
وتسبب الحصار بخفض حجم صادرات الزهور إلى أوروبا وخاصة هولندا بسبب إغلاق معابر القطاع التجارية، وتدنت النسبة من 40 مليون زهرة سنويا قبل فرض الحصار إلى 4-5 مليون زهرة فقط في العام الواحد.
وتقلصت بفعل تداعيات الحصار المساحات المزروعة بالزهور من 500 ألف متر مربع إلى 100 ألف متر مربع فقط.
وتكلف زراعة دونم الزهور الواحد، الذي يعد محليا من المتطلبات الكمالية- وفق الإحصائيات المتوفرة لدى المزارعين وأصحاب الاختصاص- نحو 11 ألف دولار تقريبا، ويبقى الرقم مرشحا للزيادة في حال تعرض الأرض الزراعية لأوبئة، أو لعوامل طقس غير مناسبة للشتلات. ويحتاج دونم الزهور الواحد يوميا 3-5 كوب من الماء.
ورغم التكاليف الباهظة التي يتكبدها مزارعي الزهور، إلا أن هذا القطاع يبقى من القطاعات الإنتاجية الزراعية المهمة في قطاع غزة، ويمتد موسم تصدير الزهور خلال الفترة ما بين 15/11- 25/4، حيث يصدر كل إنتاج القطاع منها إلى دول غرب أوروبا، وبالتحديد هولندا، ومن ثم إلى الأسواق الأوروبية الأخرى.
وتستغرق زراعة الزهور الى حين قطفها 11 شهرا، وتعقم الزهور بعد قطفها بمحلول مخصص، بعد ذلك تحفظ في ثلاجات مدة 48 ساعة، تحت درجة 2-4 درجة مئوية، قبل نقلها إلى معبر "كرم أبو سالم" التجاري بواسطة شاحنات مخصصة مزودة بغرفة مبردة تحت درجة حرارة تحافظ على حيوية الزهرة، لحين وصولها إلى البلد المستورد.
وتزرع في قطاع غزة أكثر من مئة صنف من الزهور، لكن زهرة القرنفل هي الزهرة التى يفضلها المزارع الغزي في أرضه؛ لتحملها عوامل الطقس المتقلبة.
ويصنف القرنفل حسب لونه إلى: الزهري يسمى "فريدة"، الأخضر يسمى "جوبلن"، الأحمر يسمى "جوري"، العنابي يسمى "دارك تشاو"،الأحمر المختلط بالأصفر يسمى "تشاو"،البرتقالي فيسمى "أورانج جيفون".
تتم زراعة الشتلات الأصلية (الشتلات الأم) في كل من: هولندا، وإيطاليا، وألمانيا، ثم يتم تجهيزها للزراعة في إسرائيل عبر شركتي: "نامير"، و"ليفتوف"، حتى المرحلة الأخيرة، ليتم بعدها نقل هذه الشتلات إلى قطاع غزة، حيث تتم زراعتها هناك".
ويعاني مزارعو الزهور في قطاع غزة من صعوبات كبيرة في تصدير محاصيلهم إلى الخارج، نتيجة سياسة الاحتلال في إغلاق المعابر، والتباطؤ المتعمد في إجراءات التصدير،وصدر قطاع غزة نحو مليوني زهرة إلى أوروبا من بداية عام 2014. لكن المزارعين في القطاع يقولون إنهم لم يحققوا ربحا لتراجع أسعار التصدير هذا العام.
ومنذ بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، والمزارعين يعانون من عمليات تجريف أراضيهم وتخريبها، نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي الذي يسير دباباته في الأراضي الزراعية، ويهدم البيوت البلاستيكية، ويطلق صواريخه باتجاه المزارعين والأراضي الزراعية، لا سيما في منطقتي رفح وبيت لاهيا، اللتين تتركز زراعة الزهور فيهما.
كما يؤدي تذبذب كميات الأمطار من موسم إلى آخر، وهبوب موجات الصقيع، إلى إلحاق الضرر بمحصول الزهور، من حيث كمية الانتاج وجودة المحصول، في حين تغيب الجهات الداعمة لمزارعي الزهور في حال تعرضهم للخسائر، التي تلحق بهم جراء إجراءات الاحتلال وعوامل الطبيعة والأمراض.
عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" كانت لها هذه الجولة في المساحات المزروعة بزهور القرنفل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
تصوير/ عبد الرحيم الخطيب