محمد مرسي ومحمد فايز وصدام

بقلم: فايز أبو شمالة

حزنت كثيراً لشكوى الرئيس المصري محمد مرسي، ولم أتخيل أن الحقد والبغضاء قد تنحط بأصحابها إلى هذا الحد من الجور والفجور والتجبر والثبور، حزنت كثيراً حين قرأت أن الدكتور محمد مرسي لم يكن بعرف أنه قد رزق بحفيد اسمه "محمد" إلا بعد شهرين من مولده، فقد تعمد أعداؤه عزله عن الدنيا، وتجهيله بالحدث الدائر في مصر.
وطالما كانت الثاكل تبكي للثاكل، فقد استرجعت تلك اللحظات من عمري خلف الأسوار؛ حين أبلغني المحقق الصهيوني بأنه قد أحضر زوجتي النفاس إلى غرف التحقيق؛ وأنها الآن سجينة مع الساقطات، لقد أخبرني المحقق ـ قبل أن أرى زوجتي بدقائق ـ أنها قد ولدت حديثاً، وأنها قد أنجبت قرداً، وأنها قد أسمته محمد.
عدوي الذي استخف بإنسانيتي كان سجاناً صهيونياً حاقداً، فبأي شيء يمكنكم أن تصفوا السجان الذي استخف بإنسانية محمد مرسي؟
عدوي الصهيوني أخبرني أن اسم ابني محمد ولكن عدو مرسي لم يخبره باسم حفيده محمد؛ لأن اسم محمد يحمل دلالة الثورة والحرية والكرامة، ورفض التجبر، ورفض الركوع، ومحمد هو الاسم الذي يكرهه اليهود، ويرهبونه، وهو الاسم الذي يؤرقهم، ويحاربونه.
تختنق أنفاسي مع الدكتور محمد مرسي، وتنقبض روحي للرئيس الجائع في قفص، وأتوجع مع الشعب المصري الذي يتوجع لرئيسه المنتخب، وهو يستحث محاميه لأن يضعوا له المال الكافي؛ ليشتري حاجته من الطعام والشراب، فالجوع كافر، وقد عشت شخصياً تجربة الجوع في السجن، إنه الجوع نفسه الذي يشقى له مرسي، ولكن مع الفارق في التجربة الإنسانية بين السجن المصري والسجن الصهيوني.
فقد التجأت أنا السجين الفلسطيني المتهم بالتخريب إلى المحاكم الصهيونية، واشتكيت على إدارة سجن نفحة؛ التي لا تقدم ما يكفيني من الطعام، ولقد نظرت قضيتي المحكمة الصهيونية في مدينة بئر السبع، وسمحت لي بأن أدلى بحجتي أمام القضاء الإسرائيلي، كما سمحت لإدارة السجن بأن تقدم حجتها؛ فادعت أن كمية الطعام التي تقدم للسجين تعادل كمية الطعام التي تقدم للجندي الصهيوني، ومع ذلك، فقد أصدر القاضي حكماً يقضي بتوفير كمية أضافية من الطعام تتناسب والحاجات الخاصة لهذا السجين.
فأين منظمات حقوق الإنسان في مصر؟ وأين العالم الحر الذي يبكي لمواء قطة؟ وأين أنصار الديمقراطية الذي يصرخون بالحرية والعدالة؟ ألا تؤكد شكوى الدكتور محمد مرسي الدليل القاطع عن طبيعة النظام الحاكم؟ ولماذا لا تنظر المحاكم المصرية في حالة الرئيس محمد مرسي المعيشية خلف الأسوار، قبل أن تنظر في التهم الموجهة إليه؟
ألم يشاهد القضاة المصريون وقائع محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين؟ ألم يدركوا حجم التعامل الإنساني مع صدام رغم وحشية أعدائه؟ وهل ضن الأمريكيون الفجرة الكفرة بالطعام والشراب على عدوهم الرئيس صدام حسين؟
العدو الأمريكي الوحشي لم يحاول أن يغلق فم الرئيس العراقي صدام حسين، فاستغل جلسات المحكمة لمهاجمة أعدائه، بل واصل صدام حسين هجومه على أمريكا وإسرائيل من بداية المحاكمة ـ التي استمرت سنوات ـ حتى حبل المشنقة؛ الذي ما زال معلقاً، كي يشهد رقاب أعداء صدام حسين وأعداء محمد مرسي، وأعداء فلسطين.