جمهور الفريق الفلسطيني

بقلم: صلاح صبحية

الأمريكان هم بالتأكيد الفريق الثالث اللاعب على الأرض الفلسطينية التاريخية ، وهو يلعب دائماً في الوقت الضائع بعد أن يكون قد أنهك اللاعب المستهدف وهو الفريق الفلسطيني ،على حين يمهدّ الطريق أمام الفريق الصهيوني للفوز بنتيجة اللعب ، لأنّ الأمريكان مهما حاولوا أن ينهوا الوقت الأساسي المحدد للعب فأنهم يجرون الفريق الفلسطيني إلى زمن الوقت الضائع ، لأنهم سيتمكنون جيداً من شنّ هجماتهم الإستراتيجية على المرمى الفلسطيني وخاصة أنّ الفريق الفلسطيني يمارس اللعب بدون جمهوره ، فلا يجد من يشجعه على اللعب لأنه فشل في نقل الكرة إلى مربع الفريق الصهيوني ، فأصبح يمارس أسلوب الدفاع أمام هجمات الفريق الصهيوني المدعوم كلياً من الفريق الأمريكي ، وأصبح إضاعة الوقت هي سمة اللاعب الأمريكي ، وذلك لحصر الفريق الفلسطيني في الوقت الضائع ووضعه في الموقف الدولي الحرج .
فالكنيست الصهيوني يناقش اليوم بسط السيادة على المسجد الأقصى ، وكأنّ المسجد الأقصى خارج مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ، ولم يكن ذلك صدفة أن يتم في الوقت الذي يطلق الأمريكان بالون اختبارهم بأن بيت حنينا هي عاصمة الدولة الفلسطينية بينما كان الفريق الفلسطيني يعلن رفضه لأن تكون أبو ديس أو العيزرية أو العيسوية أو حتى الرام هي عاصمة الدولة الفلسطينية .
وفي ظل الأمل الذي ضاع بعدم خروج اتفاق إطار كيري إلى العلن في الأسبوع الأول من شهر آذار يخرج علينا كيري ليقول (لا يعتقد إن أحدا سيشعر بالقلق إذا استغرق الأمر تسعة أشهر أخرى للتوصل إلي اتفاق نهائي.)، هو الذهاب إذاً إلى الوقت الضائع بإرادة أمريكية ، وهذا ما لمحّ إليه اليوم السيد نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني عندما تحدث في برنامج " على المكشوف " الذي يديره ماهر شلبي في تلفزين فلسطين بأن القيادة الفلسطينية ستجتمع بعد انتهاء التسعة أشهر المحددة للمفاوضات لترى إمكانية تمديد المفاوضات إذا كان في ذلك مصلحة فلسطينية ، إذاً هي استجابة فلسطينية مبكرة لتمديد المفاوضات لكي يتسنى لكيري أن يفرض اتفاق إطاره على الفريق الفلسطيني .
فلعبة الوقت الضائع ليست من مصلحة الفريق الفلسطيني ، وليس من مصلحة الفريق الفلسطيني أن يبقى دون جمهور يدفع به إلى اشتباك سياسي حقيقي مع الفريق الأمريكي الصهيوني ، وهذا الاشتباك يمكن أن ينطلق من محاولة فرض السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى ، ومن اغتيال الأسير المحرر معتز وشحة الذي تم في بير زيت ، ومن تشكيل دوريات المستوطنين الصهاينة ونشرها على الطرق الالتفافية ، فكل هذه دوافع مباشرة لاستقدام الجمهور الفلسطيني إلى ملعب الصراع مع الاحتلال ، علماً بأنّ الجمهور الفلسطيني لم يقف في أي يوم مكتوفاً إزاء ممارسات قوات الاحتلال ومجموعاته الاستيطانية ، فالجمهور الفلسطيني ليس عاجزاً عن أخذ دوره ليكون في الصف الأمامي لمواجهة ممارسات الاحتلال .
ومن أجل أن يكون حاضراً مع الفريق الفلسطيني وداعماً له ، فيتوجب على الفريق الفلسطيني أن يكون صريحاً مع جمهوره ، يكشف له كل ما يجري داخل الغرف المغلقة مع الفريق الأمريكي الصهيوني ، فلا يمكن للجمهور الفلسطيني أن يبقى مغيّباً عما يفعله الفريق الفلسطيني ، ويبقى يرى فريقه الفلسطيني من خلال الكاميرا الأمريكية الصهيونية ، هذه الكاميرا التي جعلت الفريق الفلسطيني متهماً من قبل جمهوره المغيّب عنه ، على حين فشلت الكاميرا الفلسطينية في نقل الحقيقة للجمهور الفلسطيني .
وأمام المشهد الفلسطيني المأساوي لا بدّ للفريق الفلسطيني أن يثق بجمهوره ويتقبل كل ملاحظاته وانتقاداته له ، ويتقبل كل آرائه التي تريد له أن يرقى في أداء دوره الذي يعبّر من خلاله عن طموحات الجمهور الفلسطيني وأهداف نضاله التي يجب أن تكون أهداف الفريق نفسه ، فلا يمكن لفريق أن يلعب خارج أرضه وبدون جمهوره أن يكون قادراً على تسجيل الأهداف في مرمى الفريق الآخر ، فليعد الفريق الفلسطيني إلى جمهوره ويعقد بحضوره ورشة عمل على امتداد الوطن والشتات بحيث تناقش هذه الورقة الواقع الفلسطيني وتحديد أهداف المرحلة وتهيئة الوسائل لخوض صراع حقيقي ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين .

حمص _ سورية 28/2/2014 صلاح صبحية