بسم الله الرحمن الرحيم
اقتحمت صباح الأحد 2/3/2014العشرات من قطعان المستوطنين المجرمين، ساحات المسجد الاقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، تحت حماية من ضباط وأفراد شرطة وجيش العدو ، ومعهم عناصر المخابرات الصهيونية، يقودهم المجرم المعروف يهودا غليك، ودارت مواجهات بين طلاب مصاطب العلم ، والمرابطين المتواجدين في المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرٌفة والحرم القدسي الشريف ،وبين هؤلاء القطعان ،وعناصر شرطة وجيش ومخابرات العدو ، ومن الواضح للعيان ، أن الاقتحامات الصهيونية المتكررة للمسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف أصبحت شبه يومية، وذلك لترسيخ ( الخطة الصهيونية للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك ، وللحرم القدسي الشريف بين المسلمين ، واليهود الصهاينة المحتلين الغاصبين لفلسطين وارضها وخيراتها ومقدساتها ) ، مثلما حدث من قبل مع الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة خليل الرحمن ، وحائط وساحة البراق الشريف ، وحي ومنطقة باب المغاربة ، وليس ذلك فقط ، فهؤلاء المجرمين يسعون فعلا وبمنتهى الجدية الى هدم المسجد الأقصى المبارك ، وبناء مكانه ( الهيكل المزعوم ) ، وهذا الهيكل المزعوم لم يكن ابدا يوما موجودا ، لا في فلسطين التاريخية ، ولا في أية بقعة اسلامية او عربية من العالم ، ولقد أثبتت الأبحاث التاريخية ، انه أبدا لم يكن طيلة التاريخ ، وحتى بدايات القرن التاسع عشر أي وجود لــ ( بني اسرائيل ) ، او اليهود فوق أي شبر من أراضي فلسطين التاريخية ، هم لم يدخلوها ابدا ، ولم يسكنوا فيها ، ولم يمروا من خلالها ، ولاعبرها، ولم تكن بوما من الايام هناك مملكة ـ كما يزعمون لهم ـ فوق شبر واحد من أرضنا الفلسطينية المقدسة ، ولم يكن هناك أي هيكل مزعوم قد أقيم في أي مكان من الأرض ، فالهيكل المزعوم هو ( كذبة وخرافة كبرى ) ، مثلما هي الدولة العبرية ، ليست الا ( خرافة قائمة على الأكاذيب والأساطير ) ، ولو استمر علماء الآثار الصهاينة يبحثون مليون عاما في كل شبر من ارض فلسطين ، فلن يجدوا اثرا يهوديا ، أو تلموديا ، او توراتيا واحدا ، ولن يجدوا سوى مايدل على عروبة وإسلامية ، واصالة هذه الأرض وحضارتها الإسلامية / العربية / الكنعانية ، وهذه الأرض المباركة بشعبها وحضارتها ومقدساتها ، هي رفض جوهري ، جذري ، حضاري ، تاريخي ، واقعي ، للإغتصاب اليهودي الصهيوني لفلسطين ، وهي نفي لأية علاقة تربط ( الخرافة اليهودية / التلمودية / الصهيونية ) ، بالأرض الفلسطينية المباركة ، وبالمقدسات والمساجد والمقامات الإسلامية ، وقبورالأنبياء والصحابة ، واولياء الله الصالحين ، والقادة والشهداء ، التي تملأ كل مدنها وقراها وبلداتها ، وحتى صحراءها ... ولكن هؤلاء المجرمين يريدون من وراء تكرار اقتحامات الحرم القدسي الشريف فرض ( أمر واقع ) لتقسيم المسجد الأقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف مكانيا وزمانيا ، وبالحد الأدنى ( تدويل الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ، وكافة الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس الشريف ) ، والتديل هنا هو : الترجمة الفعلية للسيطرة الصهيونية على المسجد القصى المبارك والحرم القدسي الشريف وكافة المقدسات الإسلامية ، بينما لاتوجد أية علاقة بين مقدساتنا كمسلمين في المدينة المقدسة ، وبين أية ديانة أخرى ، مقدسات المسلمين هي للمسلمين فقط ، والإصرار الصهيوني / التلمودي / اليهودي الحاقد للسيطرة على مقدسات الإسلامية ،أو تقاسمها مع المسلمين ، لأنهم يعلمون جيدا ، ويدركون يقينا ، ان أي وجود إسلامي ،واية مقدسات اسلامية في المدينة المقدسة ، أو أي مكان من فلسطين المحتلة ، انما هو فعليا ، وعمليا ، وواقعيا هو نفي لوجودهم الأسطوري الخرافي ، وتهديد مستمر للوجود الصهيوني فوق تراب وطننا الفلسطيني المحتل ، وبنفس الوقت هم يستغلون الوضع الفلسطيني والعربي والاسلامي الممزق والمهلهل لتمرير مخططاتهم العنصرية العدوانية وسمومهم الحاقدة ضد افسلام والمسلمين ، وفلسطين والفلسطينيين ، فهذا هو الوقت المثالي لهم لتمرير مخططاتهم الإجرامية العدوانية ، ولفرض سيطرتهم ، او على الأقل تقسيم المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف زمانيا ومكانيا ،
ونشرت ( مؤسسة الأقصى للوقف والتراث ) تقريرا قالت فيه : ( إن أكثر من 1720 صهيونيا المسجد الأقصى المبارك اقتحموا منذ بداية العام الجاري ، وبلغ عدد المقتحمين للأقصى من عناصر الاحتلال الصهيوني ألف و61 صهيوني ،من بينهم 654 مستوطناً، و32 شرطيا، و248 عنصر مخابرات، و127 جنديا بلباسهم العسكري في شهر كانون الثاني /يناير2014الماضي ، وبلغ مجموع المقتحمين في شهر شباط / فبراير2014عددهم حتى الآن 659 صهيونيا ) ، و قدم عضو الكنيست الإرهابي الصهيوني المتطرف موشي فيغلن ، الى الكنيست الصهيوني ، مشروع قانون لإلغاء الوصاية الأردنية على الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ، وفرض السيطرة الصهيونية على الحرم القدسي الشريف والمسجد الأٌقصى المبارك ، واحتلاله وضمه، وزعم هذا المجرم الصهيوني التلمودي المتطرف العنصري أن : ( المسجد الأقصى «مكان لليهود» ، وعلى الفلسطينيين الرحيل عنه ) .
ويبذل اليهود الصهاينة اليمينيون المتطرفون العنصريون الحاقدون جهودا يومية كبيرة ومتلاحقة وحثيثة لالحاق الاذى والضرر بالمسجد الاقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف ، وقد بثت القناة العاشرة التلفزيونية الصهيونية مؤخرا تقريرا عن قيام عدد من الصهاينة المتطرفين بجمع حجارة من على شاطيء البحر الميت المحتل , بالإضافة الى تجميع الاغنام والماعز ، وتجهيزها في المذبح الذي ينوون اقامته في الحرم القدسي الشريف بالقدس المحتلة !!، ويتسابق المهندسون الصهاينة المتطرفون في إعداد الخرائط والرسومات المعمارية لاستبدال المسجد الاقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، بـ ( الهيكل المزعوم ) ، واظهر التقرير التلفزيوني الصهيوني الحاقد ، كل مايمكنه أن يستفز مشاعر المسلمين والعرب والفلسطينيين من مشاهد ، ومواقف ، وتصريحات ، وكان اكثر هذه المشاهد استفزازا ، مشهد ذلك المستوطن اليهودي الصهيوني المتطرف الحاقد المجرم ، وهو يجمع حجارة صخرية من البحر الميت ويغسلها وينظفها ، ويغلفها ، ويقول هذا المجرم الحاقد : ( بهذه الحجارة سنقيم المذبح, ونحن ننتظر اللحظة التي تعلن فيها الجهات المختصة ، اقامة الهيكل حتى ننقض ونبنيه مكان المسجد الاقصى !!) ، وعلق أحد الجنرالات الإحتياط في جيش العدو على هذا قائلا : ( ان ما يحدث في الاقصى يصلح ان يكون حرب عالمية ) ، وقال الإرهابي الصهيوني المتطرف المجرم يهودا عتصيون ، وهويقف الى جانب مخطط هندسي للهيكل المزعوم ، وكان هذا المجرم حاول سابقا تفجير المسجد الاقصى المبارك , ومن الإرهابيين الصهاينة المجرمين الذين يخططون ويسعون طيلة الوقت لهدم ونسف المسجد الآقصى المبارك : ( ان القدس عاصمة لليهود ، ويجب ان يكون الهيكل هنا ، والقدس عاصمة لليهود ، ومكة للمسلمين ، كما هي روما عاصمة للمسيحيين, وسوف نزيل الاقصى سنفككه بايدينا ) ، واظهر تقرير القناة العاشرة الصهيونية حظائر للاغنام يجهزها الإرهابيون المستوطنون في مستوطنات بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة ، لذبجها في المذبح عند إقامة الهيكل المزعوم ، وختم معد التقرير بالقول : ( ان كل شيء ممكن ، الا ان يصل الامر للمسجد الاقصى ، لان العالم الاسلامي لن يسمح بذلك ) .
ونحن بدورنا وبشكل علمي وتاريخي موضوعي ودقيق ، نؤكد أن الدولة العبرية ليست أكثر من ( خرافة وأسطورة تاريخية كاذبة ) ، وجبل الهيكل المزعوم فهو ( أسطورة وخرافة وكذبة العصر الكبرى ) ، ونعيد التأكيد المبني على حقائق وأبحاث ودراسات تاريخية موثقة ، أكدتها دراسات ( المؤرخون اليهود الجدد ) : [ لم ، ولن ، ولا توجد أية آثار للهيكل المزعوم الأول أو الثاني في الحرم القدسي الشريف ، ولابجانبه ، ولا اسفله ، ولا بالقرب منه ، ولا في أي مكان من مدينة القدس المحتلة ، ولا في أي مكان من أرض فلسطين التاريخية ،ولا في أي مكان من المنطقة العربية ، والإسلامية ، أو أي مكان في العالم ، لأنه يكن لم يوجد يوما في التاريخ شيئا إسمه ( هيكل سليمان ) ، ولا أي ( هيكل مزعوم لليهود ) ] .
وفي الحقيقة أن : ( الدولة العبرية ، هي دولة عنصرية / فاشستية مجرمة تمارس كل أشكال التمييز العنصري " الأبارتهيد " ، والتطهير العرقي المنظم ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض التاريخيين ) ، وإنني ـ كمسؤول ومناضل فلسطيني ، وعربي ، ومسلم ، وكأديمي ومتخصص لعلى يقين مطلق ـ مستمد من يقني بالله تعالى ، وبديننا الإسلامي العظيم ، أن دولة الكيان الصهيوني العنصري تسير حتما في طريق التآكل والزوال ، واحد أهم مسببات زوالها الحتمي هو الاحتلال الصهيوني العنصري البغيض ، والظلم والقتل للفلسطينيين ، والتدمير، والإستيطان ، ومصادرة الأراضي ، وهدم المنازل ، وجدار الفصل العنصري النازي ، خصوصا أن العالم كله بدأ يعامل هذا الكيان الصهيوني العنصري ، كما عامل في السابق نظام جنوب أفريقيا العنصري ، الذي مارس أبشع اشكال الأبارتهيد ضد أصحاب الأرض الأصليين حتى انتهى ، وهذا الكيان العنصري سينتهي يوماً ما ، ولكن ذلك مرتبط بجملة من الشروط والأسباب والمعطيات الذاتية والموضوعية ، اهمها ، وفي مقدمتها وحدة أمتنا وشعبنا الفلسطيني ، وكل المؤشرات تقول : ( إن نهاية الأبارتهيد الصهيوني باتت وشيكة) ، وقد أصدرت مؤخرا ( الكنيسة المشيخية الأميركية التي تضم 2.4 مليون عضو، وهي من مجموعة كنائس بروتستانتية أميركية ) موقفا مهما يدين العدو الصهيوني ، وكانت أصدرت في السابق مواقف دورية تدين فيها الكيان والاحتلال الصهيوني ، وأصدرت هذه المرة تقريراً في 74 صفحة ، هاجمت فيه الاحتلال ، بالإضافة الى الصهيونية نفسها ، وأكدت في تقريرها أن : ( الصهيونية من نوع العنصرية المسيحية التي انتهت بالمحرقة النازية، وإسرائيل دولة غير شرعية ) ، وإتهمت الكنيسة في تقريرها ( اليهود الأميركيين بالابتعاد عن دينهم ) ، وإعتبرت إحدى المجلات الأميركية المؤيدة للكيان الصهيوني ، وتناصر تحديدا اليمين الصهيوني المتطرف الحاكم في دولة العدو إن : ( التقرير إعلان حرب على إسرائيل واليهود الأميركيين ) .
وبدورنا نؤكد ، أنه رغم كل الظروف الدراماتيكية والمقدة التي يعيشها شعبنا وامتنا ــ فإن أي مساس صهيوني فعلي بالمسجد الأقصى المبارك ، والحرم القدسي الشريف، سيكون الفتيل الذي يشعل ( حربا دينية) لن تنتهي ، ولن يكون من السهل اطفاء نيرانها ، وستقلب كافة الموازين في المنطقة ، لتضع الأمة الإسلامية والعربية ، ومعهما الشعب الفلسطيني ، أمام قدرهم إما بقاءً أو فناءً ، ولن ينجح مخطط العدو الصهيوني مهما حاول الاستفادة من الظروف الراهنة ، وهناك من يمكنه حقا وفعلا إيلام العدو ، وإيجاعه ، وهناك من يملك القدرة على استنزافه ، بل إن الأمة كلها من طنجة حتى جاكرتا سوف تستنفر طاقتها وقواها ، وتتناسى خلافاتها الهامشية التي يسعى أعداءها دوما لجعلها خلافات مركزية ، وسيكون المساس بالمسجد الأقصى المبارك بمثابة ( كلمة السر ) التي تعيد توحيد شعبنا وأمتنا ، ولكن علينا ألا ننتظر وقوع الأذى على المسجد الأقصى المبارك لكي نتوحد ، نحن نمتلك كل أسباب الوحدة الفلسطينية ــ الفلسطينية ، والعربية ـ العربية ، والاسلامية ـ العربية ـ الفلسطينية ، وقد حان الوقت لكي ننهي أولا حالة ومرحلة الانقسام الفلسطيني الأسود ، ولنعمل من أجل وضع ( خطة دفاع وطني فلسطينية/ عربية / اسلامية شاملة عن المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف ، وكافة مقدساتنا الاسلامية والمسيحية في فلسطين ) ، ولنثبت لأمتنا أننا دوما كشعب فلسطيني مازلنا نتقدم الصفوف ليس فقط دفاعا عن فلسطين ، انما أيضا دفاع عن الأمة كلها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البريد الإليكتروني aد.محمد أبوسمره
مؤرخ وخبير استراتيجي / غزة ـ فلسطين
رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني
ومركز القدس للدراسات والاعلام والنشر ( القدس نيوز )
ش[email protected]