لا جدال أن سياسات حكومات إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية لم تتغير، واللاءات الإسرائيلية التي تتنكر لحق الفلسطينيين في الاستقلال وتقرير المصير والعودة معروفة للجميع . ورغم اتفاقات السلام والمفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، التي مضى عليها أكثر من عقدين من الزمن ، إلا أن قادة وحكام الدولة الصهيونية يضعون الشروط والعراقيل أمام التسوية السلمية الشاملة والعادلة بهدف إبقاء الوضع على حاله ، وتكريس الواقع الاحتلالي الكوليونالي للمناطق الفلسطينية وشرقي القدس ، ونتيجة سياسة المماطلة والتسويف والمراوغة ، التي يتبعها المفاوض الإسرائيلي ، فقد تعثرت المفاوضات التي لم تفض إلى أي نتيجة حتى الآن .
ونتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يطالب الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة كشرط أساسي لا يمكن دونه إحراز أي تقدم للوصول إلى اتفاق سلام ، وهذا المطلب ، الذي تحول لركن ومبدأ أساسي في السياسة الإسرائيلية الحالية ، يلقى الدعم والتأييد الأمريكي ، في وقت تواصل فيه حكومة الاحتلال مشروعها الاستيطاني وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية واقتلاع المزروعات وأشجار الزيتون وهدم البيوت عدا عن جدار الفصل العنصري والسياسة الترانسفيرية ، وفي صلبها اقتراح ليبرمان العنصري "التبادل السكاني" . ولإغواء وإغراء الجانب الفلسطيني تقدم الأمريكان بمقترح جديد يتضمن الاعتراف بيهودية الدولة ولكل مواطنيها ، لكن فصائل وقوى الشعب الفلسطيني الحية لن تقبل أبداً بمثل هذا الاقتراح ، الذي يستهدف الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية.
لقد ثبت بالدليل القاطع والملموس أن المفاوضات السياسية الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي مفاوضات عبثية وتسير نحو طريق مسدود ، وإطالة أمدها لن يحقق شيئاً لشعبنا ، بل يضر بقضيته ومستقبله . وبدلاً من أن تمارس أمريكا الضغط على حكام المؤسسة الإسرائيلية فإنها تضغط على السلطة الفلسطينية ، وتهدد بقطع المساعدات والمعونات عن الفلسطينيين.
إننا نحذر من سياسة المماطلة الإسرائيلية وسراب المفاوضات والرهان على الموقف الأمريكي ، ومن التعاطي مع خطة كيري المشؤومة ، التي تنذر بأخطار جسيمة وتنال من الحقوق الفلسطينية ، وكذلك نحذر من مواقف وتصريحات وتلميحات بعض القيادات الفلسطينية المتنفذة ومحاولاتها الانسياق وراء الخطة الأمريكية – الإسرائيلية بهدف تمريرها وكأنها المنقذ والفرصة التاريخية لتحقيق السلام.
المطلوب التمسك بالثوابت الفلسطينية وعدم التنازل عن أي منها . ولا ريب أن التمزق والانقسام على الساحة الفلسطينية ، وتراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية ، يضع شعبنا أمام مفترق طرق حاد يتطلب منه ومن قواه الوطنية وفصائله المختلفة المزيد من التماسك والتلاحم والتعجيل في إنجاز المصالحة الوطنية ، التي أصبحت حلماً يتوق ويصبو إليه جميع أبناء شعبنا في الداخل والخارج ، بعد سنوات من الفرقة والتشتت والخصام والاتهامات المتبادلة.