تتعدد أشكال المقاومة في فلسطين وتتنوع أدواتها , والوقوف مع الفلسطينيين في محنهم و شدائدهم كان ومازال شكلا من أشكال المقاومة التي يعرفها الكل الفلسطيني , فلا يعنى الإمداد بالسلاح وحدة شراكة في المقاومة كما يعتقد البعض وانما هناك مليون طريقة يشارك فيها العالم العربي الفلسطينيين مقاومتهم , والإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبا انطلقت منذ الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة " في مسيرة مشاركة فلسطين وشعبها الأبي مقاومتهم بعدة طرق اولها المساهمة في الإغاثة العاجلة للمخيمات والمدن التي نكبها الاحتلال وحاصرها طويلا على امل ان ينال من كبريائها وكرامتها وصمودها وكانت الإمارات العربية المتحدة ممثلة في الهلال الأحمر الإماراتي من اولى المؤسسات العربية التي أوفدت مندوبيها إلى فلسطين وأرسلت كافة أشكال الإغاثة للشعب الفلسطيني المنتفض , وإعانته على مواجهة المحتل الغاشم والثبات و الصمود على ترابه الوطني , وهذه الحقيقة نعتبرها من الحقائق التي رصدها التاريخ وكتبها بأحرف من ذهب في ذلك الوقت ,فقد سجلت العديد من المبادرات الكريمة والشجاعة بتوجيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان وتوجيه الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية والشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس الدولة وحاكم دبيالتي تم من خلالها دعم الفلسطينيين بالضفة الغربية والقدس وغزة المحتلين وللاستمرار في مقاومتهم للاحتلال الاسرائيلي وممارساته القمعية , وكان هذا في الوقت الذي مُنعت فيه منظمة التحرير الفلسطينية من ايصال الاموال للشعب المنتفض بل وكان الاحتلال يعتبر اي اموال تصل عن طريق منظمة التحرير جريمة عسكرية يعاقب عليها الاحتلال بالتعذيب والسجن لسنوات طويلة
استمرت الامارات العربية المتحدة حكومة وشعبا في تبنيها مشاركة فلسطين المقاومة بالطريقة التي تجعل ثبات الفلسطينيين وبقائهم في ارضهم امرا يسيرا وحقيقة واقعية ,وبالطريقة التي تمكنهم من ارضهم ثابتين على ظهرها ,وقد كانت لمناطق المشاركة عنوانا خاصا وله العديد من المعاني فالقدس اول لقاء في مشاركة المقاومة , فقد بادرت جمعية الهلال الاحمر الإماراتي الى انشاء عدة مدن بإسم الشيخ زايد في القدس مما كان له بالغ الاثر في مسيرة الفلسطينيين النضالية , وكان من اهم هذه المدن مدينة الشيخ زايد بالقدس العاصمة الفلسطينية , فقد بادر الهلال الاحمر الاماراتي بإنشاء ضاحية الشيخ زايد على مسافة ليست ببعيدة عن المسجد الاقصى الشريف وفي منطقة تسمى «بيت حنينا» احد احياء القدس العربية العتيقة وهناك أنجز الهلال الاحمر الإماراتي مشروع بناء ضاحية سكنية اطلق عليها "ضاحية الشيخ زايد" لبناء 58 شقة في مباني على أحدث طراز معماري وتوزعها على اعضاء جمعية المعلمين في الحي المقدسي, هؤلاء المعلمين الذين لم يتمكنوا من ايجاد بيوت لهم ولأسرهم وهذا يعنى التعمير في الارض العربية بالقدس قبل ان يستوطنها ويسرقها اليهود ويطرد اصحابها منها , ويحولها الى مناطق يهودية الديموغرافيا , ولم تكن القدس وحدها التي وقفت معها الامارات فقد كانت جنين التي دمرها الاحتلال في حرب السور الواقي , حيث لم يتوان الإماراتيون عن نجدة اهل جنين ومخيمها بعد ان دمر الاحتلال عشرات البيوت على رؤوس اهلها وكانت الاغاثة الاماراتية العاجلة لتقديم مواد اغاثية وتموينية وادوية وخيام الى حين تجهيز بيوتهم وبالفعل كانت الامارات بكل معاني الاخوة والنخوة العربية مشاركة اهل جنين مقاومتهم وصمودهم الاسطوري امام جنازير الدبابات التي قطعت اجساد ابنائهم المقاومين الابطال .
لقد كانت الامارات المتحدة وفلسطين صنوان لا يفترقان في الثبات ومواجهة الاحتلال على الارض ,في كل فلسطين من القدس حتى رفح جنوبا ومن البحر الميت حتى البحر الاحمر , ففي غزة كانت للإمارات العربية مئات المشاركات مع الشعب الفلسطيني هناك ليقف ثابتا قويا يكافح ويواجه المحتل الغاصب ويلاحق الاحتلال على طول الارض الفلسطينية شبرا شبرا فأقامت جمعية الهلال الاحمر عدة مدن لإسكان الفلسطينيين الذين هدم الاحتلال بيوتهم واصبحوا بالشارع ولولا هذه المشاريع لكان الالاف من الفلسطينيين مازالوا يبحثوا عن بيوت لهم ويبحثوا عن من يشد أزرهم في مصيبتهم ويقوي عزيمتهم ويعينهم على مواجهة ضنك الحياة , فكانت مدينة الشيخ زايد في غزة على طريق صلاح الدين لتقترب من ارض فلسطين التاريخية وكانت مدينة الشيخ خليفة في رفح والحي الاماراتي في خان يونس بالإضافة الى العديد من المشاريع الزراعية ومشاريع حفر الابار وامداد مزارع الفلسطينيين بالمياه ليعتمد الفلسطينيين على انفسهم ويتقووا بمواردهم الوطنية هذا بالإضافة الى العديد من المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية ومراكز رعاية المعاقين التي انتشرت في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية في غزة والضفة الغربية والتي تتخصص في تقديم كل ما يحتاجه المعاق الفلسطيني من دعم نفسي و لوجستي ليتمكن من الاندماج في الحياة المدنية , والمعروف ان الانتفاضة الاولى والثانية و الحروب المتكررة على الضفة الفلسطينية وغزة خلفتا الاف المعاقين من النساء والشباب و الاطفال الفلسطينيين.
لم تتوقف المشاركة الإماراتية مع الفلسطينيين في مقاومتهم للاحتلال ولم تضعف او تحجب هذه المشاركة بل انها اخذت تكبر يوما بعد يوم وتزداد ولم تقتصر عند إنشاء البيوت واعمار ما دمره الاحتلال على مدي اكثر من ثلاث عقود واكثر من الزمان وحتى اللحظة بل ان العديد من المشاريع كانت تستهدف الفئات الاجتماعية التي تحتاج الى الدعم والمساندة مثل الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية , فكانت مستشفى الشيخ زايد في رام الله والمستشفى الإماراتي الأردني في مدينة البيرة الذي اقامته الخدمات الطبية الملكية الأردنية بتمويل إماراتي, وقامت دولة الإمارات كذلك بتجهيز مستشفى الشيخ زايد الجراحي في رام الله بما تحتاجه من أجهزة ومعدات طبية كما أولت هيئة الهلال الأحمر اهتماماً خاصاً للمسجد الأقصى والقدس، وتم افتتاح عيادة للهلال الأحمر في باحات المسجد الأقصى لتقديم الخدمات الطبية والاسعافيه للمصلين والمرابطين داخل المسجد الأقصى , كما وساهمت الامارات العربية في انشاء بناية سكنية في منطقة مجاورة للقدس يتم وقفها لمصلحة مشاريع المسجد الأقصى وتتألف من سبعة طوابق تخدم مائة عائلة مقدسية ليجد سكان القدس المرابطين في بيوتهم من يقوي عزيمتهم و يشد ازر رباطهم المقدس على تراب المدينة المقدسة عاصمة الدولة الفلسطينية , كما وتقدم الامارات العربية المتحدة خدمات كبيرة للصائمين في رمضان من المدينة المقدسة وضيوف المسجد الاقصى المبارك وتتبنى كل عام مشروع افطار صائم في باحات المسجد الأقصى المبارك ,ليجد الصائمون المرابطين في المسجد طوال شهر رمضان حاجتهم عند اذان المغرب وحلول موعد الافطار , والاحدث في هذه المشاريع ان دولة الامارات العربية ستنشئ مدينة خاصة للأسري المحررين الذي اطلق سراحهم في صفقة التبادل الاخيرة , ومن خلال هذه المدينة سيجد كل اسير بيتا له يقيم فيه هو واسرته التي بقيت او سيكون له اسرة جديدة , وهذه المبادرة الكريمة تكلل مشاريع الدعم لبقاء الفلسطينيين اقوياء على الارض الفلسطينية .
لم تتوقف كل هذه الاسهامات على المشاريع والإنشاءات والخدمات بل ان الامارات العربية وقفت سياسيا مع القرار الفلسطيني المستقل فكانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول العربية التي بادرت إلى الاعتراف بدولة فلسطين فور إعلانها في 15 نوفمبر 1988 خلال خطاب ألقاه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في المؤتمر الوطني الفلسطيني في الجزائر, وكانت دولة الإمارات نصيراً للمواقف الفلسطينية العادلة في المحافل والمنابر الدولية المختلفة وبخاصة في الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، حيث كانت دائماً تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه المشروعة، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وكانت الامارات العربية شريكة كما كل العرب في دعم توجه القيادة الفلسطينيين للحصول على دولة مراقب بالأمم المتحدة في أكتوبر وسارعت الامارات العربية في مخاطبة كافة الكتل المركزية بالعالم والدول الصديقة التي ترتبط معها بروابط اقتصادية وسياسية وثيقة لحث هذه الدول على التصويت لصالح المشروع الفلسطيني العربي , ولعل استراتيجية دولة الامارات العربية المتحدة القاضية بالوقوف مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية هي من العوامل التي تقوي بها الفلسطينيين والتي ساهمت في ثباتهم في بيوتهم الحفاظ عليها من السلب والنهب الإسرائيلي الذي يتربص بالأرض الفلسطينية دون اعتبار لأي قوانين دولية او انسانية كما وان هذه الاستراتيجية جعلت من دولة الامارات العربية دولة صديقة لكل الفلسطينيين حكومة وشعبا, وأصبح الكل الفلسطيني يدرك عروبة وأصالة دولة الامارات من خلال هذه الاستراتيجية العربية الخالصة والمهم هنا ان لكل فلسطيني يعيش على أرض فلسطين يعرف ما حجم الدعم المادي والمعنوي الذي وفرته هذه الاستراتيجية, والشعب الفلسطيني بكامل مكوناته السياسية يثمن عاليا وقوف اخوانهم في الامارات الى جانبهم في كل مراحل كفاحهم الوطني سعيا لتحرير الوطن من الاحتلال الغاشم وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .