في الدقائق الأولى لانتهاء حرب الخامس من حزيران 1967 ، دخلت كلمة المفاوضات المباشرة بقوة في قاموس السياسة العربية ، عندما دعا قادة إسرائيل في ذلك الوقت الزعماء العرب إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لحل النزاع العربي الإسرائيلي الذي أطلق عليها حينها أزمة الشرق الأوسط ، وجاء الرد العربي قويا بعد ذلك بأيام في اللاءات الثلاث لقمة الخرطوم ، لا مفاوضات ولا صلح ولا اعتراف ياسرائيل ، ومنذ ذلك الحين أصبحت كلمة المفاوضات من المحرمات العربية ، استمرت ردها من الزمن حتى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في كامب ديفيد عام 1977 ، عندها تبدلت الرؤى والمواقف ، وأصبح فبما بعد ما كان محرما أمس ممكنا اليوم ، وبدا التفكير في مرحلية الحل وصولا إلى مؤتمر مدريد ومفاوضات واشنطن وأخيرا اتفاق أوسلو ، ومنذ ذلك التاريخ انطلق قطار المفاوضات الفلسطيني الإسرائيلي وما زال يقطع المسافات والأيام والليالي والسنين بدون نتائج تذكر ، وطوال تلك الفترة ينقسم الفلسطينيون تجاه هذه المفاوضات إلى قسمين قسم مع نعم للمفاوضات وقسم مع لا للمفاوضات ، والنتيجة لا القسم الذي مع نعم رأى نيجة ، ولا القسم الذي مع لا لديه بديل
باتي سرد هذه المقدمة ونحن نقف ربما على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع الذي لا يبدو له نهاية في الأفق ، حيث ننتظر الزيارة المرتقبة للرئيس محمود عباس إلى واشنطن ، وربما تكون هذه الزيارة هي أهم الزيارات التي قام بها الرئيس للولايات المتحدة ، بعد زبارتة السابقة أثناء دورة الجمعية العامة عام 2012 والتصويت على قرار الأمم المتحدة لقبول فلسطين دولة عضو بصفة مراقب ، ففي هذه الزيارة سيحمل الملف الفلسطيني برمته ليوضع على طاولة البحث ، يذهب الرئيس إلى واشنطن وهو يعرف تماما ما هو المطلوب منه أمريكيا وإسرائيليا ، ويعرف تماما ما هو المطلوب منه فلسطينيا وعربيا ، مهام واحمال ثقيلة ، ربما تجعل من هذه الزيارة خاتمة للمفاوضات الجارية الآن والتي حددت مدتها بتسعة أشهر تنتهي الشهر القادم .، في خضمم هذه الظروف يبرز السؤال الأهم ما هو دور شعبنا الفلسطيني بكل قواه الآن في الوقت التي بدأت فيه إسرائيل على ما يبدو بتوتير الأوضاع في المنطقة من خلال اعتداءاتها وتصعيدها الذي بدأ اليوم في قطاع غزة والصفة الغربية، اعتقد بان الوقت لا يتسع للقول نعم أو لا للمفاوضات ، لان قطار المفاوضات يجري وها هو يصل إلى محطة النهاية في اعتقادي إذا أردنا أن تكون النهاية ، المهم النتائج ، ولكي تكون النتائج مشرفة يجب على الجميع الفلسطيني اليوم ترك الخلافات حول هذا الموضوع جانبا والوقوف وراء الرئيس تماما كما وقف الشعب الفلسطيني وراء الرئيس يوم 29/11/2012 ، يوم أن قررت الأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين دولة بصفة مراقب ، هنا نحتاج إلى وقفة جادة ، ولنقول جميعا وبصوت واحد ، لا للدولة اليهودية ، لا للاستيطان ، نعم للعودة ، نعم للقدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين ، نعم لدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة ، هكذا يجب أن يكون دعمنا للرئيس في معركته ،
عندها سوف تفشل كل المؤامرات والخطط التي تحاك ، وعندها سوف يعود الرئيس مرفوع الرأس مدعوما بأهله وشعبه ، وفي الوقت الذي نأمل فيه فشل مؤامراتهم لا بد من العودة إلى النفس ، لابد أن ننهي كل أشكال المناكفات الإعلامية والمواقف العقيمة التي تتردد بين الحين والأخر دون الإتيان بمبادرات عملية وحقيقية لرأب الصدع الفلسطيني وللمضي قدما في مشروعنا الوطني ، لهذا لا بد من الإجابة على السؤال التالي وماذا بعد ؟، في اليوم التالي لعودة الرئيس ما العمل ، وخاصة أن ثمة تهديدات من قبل صدرت عن أركان الإدارة الأمريكية للشعب الفلسطيني ، وتهديدات إسرائيلية أيضا في حال فشل المفاوضات ، كيف السبيل لمواجهة التهديدات المتوقعة ، وخاصة ونحن نعيش في ظروف المتغيرات العربية والدولية ، نلحظ فيه تراجع الاهتمام العربي والدولي والإقليمي بقضية فلسطين ، وصعود قضايا أخرى على سلم الاهتمامات مثل الأزمة السورية ، والمسالة الأوكرانية ، والمسالة الإيرانية ، ونلحظ تغيرات في السياسات ، خاصة فيما يتعلق بسياسات بعض الدول العربية فيما بينها وأهنها بعض الدول الخليجية ومصر من دولة قطر من جهة ومن جماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى ، كل هذا يجعلنا نقف ونفكر أين نحن من هذا ، وكيف يمكن استعادة مكانة قضيتنا في السياسة الدولية ، لابد من عمل ، هنا لابد من العودة إلى ما ندعو إليه ولن نمل من الدعوة إلى ما سبق الحديث عنه مرارا من خيارات فلسطينية ، هذه الخيارات لابد وان يتم الاتفاق عليها في إطار وطني ، بعيدا عن التفرد والاستحواذ ، وأول هذه الخيارات على الإطلاق الشروع في المصالحة ويكفي ما شهدنه من مماطلة وتسويف ، بالوحدة يمكن الصمود أمام العواصف القادمة ، بالوحدة يمكن توحيد علاقاتنا مع أشقائنا العرب عمقنا الاستراتيجي ، بوحدتنا ننال احترام الغير ونثبت للعالم أننا شعب يستحق الحياة ، في وحدتنا محافظة على ذاتنا واستمرارنا ، وثاني هذه الخيارات هو الذهاب فورا لانتخابات رئاسية وتشريعية لتتولى القيادة الجديد مواصلة الطريق ، كل هذا ممكن خاصة انه تم الاتفاق عليه من قبل ، وثالث هذه الخيارات هو تجسيد دولة فلسطين وجعلها امرأ واقعا حتى لو هاجمتها إسرائيل لتكن دولة تحت الاحتلال ، ولتعتبر الدولة الفلسطينية انجازا تاريخيا لا ينمكن التفريط فيه .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
12/3/2014
.