ما بين كلينتون 2000 و اوباما2014 ما المطلوب من الفلسطيني

بقلم: أكرم أبو عمرو

في يوم من ايام شهر اغسطس عام 2000 كنت من بين الالاف الذين تجمعوا امام مقر الرئيس ياسر عرفات "المنتدى" في قطاع غزة ، استقبالا وتاييدا للرئيس العائد من مفاوضات كامب ديفيد ، بعد ان فشلت هذه المفاوضات امام صمود ابو عمار امام الضغوط الامريكية والاسرائيلية ، وتمسكه بالثوابت الوطنية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، اليوم وبعد مرور نحو اربعة عشر عاما على مفاوضات كامب ديفيد ، ونحن ننتظر نتائج الزيارة التاريخية التي يقوم بها الرئيس محمود عباس الى الولايات المتحدة حاملا كل ملفات القضية الفلسطينية ليضعها على طاولة البحث تماما كما فعل ابو عمار عام 2000 في مباحاثاته مع الرئيس الامريكي كلينتون ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في ذلك الوقت ، لهذا ندرك ويدرك معظم ابناء الشعب الفلسطيني اهمية وخطورة هذه الزيارة كونها مجطة هامة من محطات النضال الفلسطيني ،
لكن بالمقارنة بين الظروف التي كان يعيشها شعبنا عام 2000 ، تختلف كثيرا عما نشهده هذه الايام من تغيرات سياسية على الساحة الفلسطينية ، والساحة العربية والدولية ، فلسطينيا كان اندلاع انتفاضة الاقصى وما تلاه من اغتيال عدد من القادة الفلسطينيين على راسهم الشهيد ياسر عرفات ، والشهيد الشيخ احمد يس ، والشهيد ابو على مصطفى ، ثم جاء الانسحاب الاسرائيلي الاحادي الجانب من قطاع غزة ، وصعود حركة حماس الى سدة الحكم بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، ثم الانقسام الفلسطيني ، وتداعياته من تعطيل المؤسسة التشريعية وانشغال الفلسطينيين بامر اعادة اللحمة والمصالحة التي لم تتم منذ عام 2007 ، عربيا وابرز ما شهدته الساحة العربية هو سقوط دولة عربية كبيرة وهي العراق تحت الاحتلال الامريكي ، واشتعال ثورات الربيع العربي التي اطاحت باربع رؤساء عرب خلال اربع سنوات ، وثورة بيضاء تحولت الى حرب دامية في سوريا التي مازالت تنزف حتى الان .
في ظل هذه الظروف والمشاهد وتاثيراتها البالغة والسلبية في كثير من الاحيان على الوضع الفلسطيني الداخلي والخارجي ، تاتي هذه الزيارة .
ترى ما النتائج المتوقعة من هذه الزيارة ، وما هو المطلوب فلسطينيا منها ؟ ، وهل نتوقع نجاحها ،" قبل الاجابة على هذا السؤال لابد من العودة الى الية الزيارة واسبابها التي تعود لاتفاق سابق بين الرئيس محمود عباس والاسرائيليين بوساطة امريكية باستئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية بعد توقفها فترة من الوقت بسبب تجاهل الاسرائيليين مطالب الفلسطينيين بوقف الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية ، وكان الاتفاق ان تستانف المفاوضات برعاية امريكية لمدة تسعة اشهر قاربت على الانتهاء ، وطوال فترة التسعة اشهر لم تحقق المفاوضات اية نتائج امام المطالب الاسرائيلية تارة بالسيطرة على منطقة الاغوار ، ثم العزف على وتر الاعتراف بيهودية الدولة .من جهة وبروز اتفاق الاطار الذي يقوم بوضعة وزير الخارجية الامريكي جون كيري وما سيتضمنه من رؤى امريكية للحل ، اذن تاتي هذه الزيارة في ختام هذه الجولة من المفاوضات ، ولهذا تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة ، لاسباب كثيرة منها ، ان الدعم الامريكي لاسرائيل بلغ درجة كبيرة لدرجة بات مؤكدا بان ادارة الرئيس اوباما لديها الاستعداد لفعل اي شيء من اجل اسرائيل ، والا لماذا هذا الضغط الهائل تجاه تاييد اسرائيل في مطلبها بالاعتراف بيهودية الدولة حتى التصريحات الاخيرة لبعض اركان الادارة الامريكية والتي تشير الى الطلب من اسرائيل التخلي عن هذا المطلب امام الرفض الفلسطيني ، انما تاتي كعملية التفاف واستنادا لقرار التقسيم ، كما ان اعلان الرئيس الامريكي في وقت سابق تجاوز قطاع غزة في العملية السلمية الجارية له دلالاته .
يحمل الرئيس محمود عباس اربع قضايا هي لب القضية ، الدولة الفلسطينية على اساس قرارات الشرعية العربية ومبادرة السلام العربية ، القدس عاصمة للدولة الفلسطينية ، العودة لللاجئين وفق قرار رقم 194 ، المستوطنات الاسرائيلية والاسرى ، هذه هي اهم المواضيع المطروحة ، الا ان هذه الامور ستواجه حسب اعتقادنا بتعنت امريكي ارضاء لاسرائيل ، وسيواجه الرئيس عباس ببعض المطالب منها الاعتراف بيهودية الدولة ، والعاصمة البديلة للقدس ، والتواجد الاسرائيلي فيمنطقة الغور ، ونزع سلاح الدولة الفلسطينية ، وبقاء بعض الكتل الاستيطانية، كقابل اقتراح بتبادل بعض الاراضي لضمان بقاء هذه الكتل الاستيطانية في الاراضي الفلسطينة وهي كتل تضم عشرات الالاف من المستوطنين ، وهذا ما رفضه بقوة الرئيس الراحل ابو عمار مما افشل مباحثات كامب ديفيد عام 2000 ، اذن نتوقع نفس السيناريو .
لهذا يرقب الشعب الفلسطيني برمته نتائج هذا اللقاء متمنيا ان يصمد الرئيس محمود عباس امام الضغوط الهائلة والتي من غير المستبعد ان تتحول الى تهديدات تمس بقاء السلطة وتمس حياة الشعب الفلسطيني .
اليوم وعجلة الزيارة بدات في الدوران لا مناص الا الوقوف جميعا وراء الرئيس عباس لدعم موقفه ، ولنكرر مشهد عام 2000 بصمودنا واصرارنا على حقوقنا وتفويت الفرصة على اعدائنا ، لاننا اذا نظرنا الى تصريحات االامريكان والاسرائيليين نجد ان المطلوب من الفلسطيني ، الاعتراف بنفيه ، الاعتراف بحق الغير في ارضه ، المطلوب من الفلسطيني انكار وجودة ، هذا ما سيواجهه الرئيس عباس وما سيواجهه الفلسطينيون مستقبلا ، وأخيرا نتمنى ان يتجنب الرئيس عباس فخ تمديد المفاوضات ، والتمسك بكل قوة بالحقوق .

أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
17/3/2014