روسيا تتحدى أمريكا والغرب عبر البوابة السورية وألازمه الأوكرانية

بقلم: علي ابوحبله

الصراع على سوريا مهد الطريق للعودة الروسية لساحة الصراع الدولي ، وأنهى عصر التحكم القطبي الأحادي ، أنهى الهيمنة الأمريكية في التفرد في القرار وفي حكم العالم ، لقد تمكن الرجل القوي في الكرملين فلاديمير بوتن من فرض منطقه على الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت متشككة ومترددة في اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت والمكان المناسبين ، وهذه أفقدت أمريكا لإستراتجيتها في قدرتها على التحكم في حكم العالم ، خاضت أمريكا حروبها في العراق وأفغانستان وليبيا واقتصر الدور الروسي في حينه بدور المتفرج ، روسيا عادت عبر البوابة السورية حيث وقفت روسيا لجانب سوريا في المؤامرة الدولية التي استهدفت سوريا ، وحين وجدت أمريكا والغرب نفسيهما بمأزق ألازمه والصراع على سوريا تم تفجير ألازمه الأوكرانية ظنا من أمريكا والغرب أن في قدرتهما التأثير على روسيا ، وأنها ستتمكن من خلال ألازمه في أوكرانيا من تحقيق مكاسب سياسيه في سوريا ، خابت التوقعات الأمريكية والغربية بالموقف الاستراتيجي الذي وقفته روسيا في الدفاع عن أمنها القومي وفي مواجهتها وتحديها لأمريكا والغرب ، المكالمة الهاتفية التي استغرقت ما يقارب 90 دقيقه بين الرئيس الأمريكي اوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتن لم تصل إلى شئ حيث أصر بوتن على موقفه وأوضح انه لن يسحب قواته من القرم ، وان موسكو تحتفظ بحق حماية مصالحها ومصالح الناطقين بالروسية في أوكرانيا ، وذلك في مواجهة ما وصفتها بالأعمال الإجرامية للقوميين المتطرفين المدعومين من السلطات الحالية في كييف

إن رسالة بوتن للرئيس الأمريكي اوباما كانت واضحة وهو أن أمريكا وأوروبا اذا لم تعمل على الإطاحة بالنظام المؤقت في كييف فسوف تواصل روسيا السيطرة على مناطق شرق أوكرانيا ، تهديدات اوباما بعزل روسيا وقيام واشنطن والعواصم الأوروبية بمقاطعة الاجتماعات التحضيرية لمجموعة قمة الثماني لا تعني روسيا في شي طالما أن هناك استراتيجية تتمسك فيها روسيا تبعا لمصالحها القومية وحماية لأمنها القومي ، وعودة روسيا لاعب دولي على الساحة الدولية ، لقد وضعت ألازمه الأوكرانية أمريكا والغرب أمام مأزق بحيث ثبت العجز الأمريكي والغربي باتخاذ أية إجراءات أو قرارات تحول دون إجراء الاستفتاء في القرم للانضمام إلى روسيا وفقدت أمريكا أوراق ضغطها على موسكو ، الخطاب للرئيس الروسي بوتن في الكرملين غلبت عليه نبرة التحدي والنزعة الوطنية وتضمن انتقادات شديدة لأمريكا والغرب ، وقال بوتن في خطابه أمام أعضاء البرلمان وحكام المناطق وأعضاء الحكومة أن شبه جزيرة القرم ارض روسية والاستفتاء فيها جرى بشكل يناسب القوانين الدولية ، بنبرة المتحدي اعتبر بوتن أن الغربيين تجاوزوا الخط الأحمر في ألازمه الاوكرانيه وتصرفوا بشكل غير مسئول كما ندد بالغربيين الذين اتهمهم باعتماد شريعة الأقوى وتجاهل القانون الدولي ، وقد وصف بوتن الاستفتاء الذي جرى في شبه جزيرة القرم للانضمام إلى روسيا بالمقنع مؤكدا لقد استجبنا للتأييد الشعبي لضم القرم إلى روسيا ، ودعا البرلمان الروسي للنظر في مشروع ضم جمهورية القرم اعتمادا على إرادة الشعب ، وقد وقع بوتن اتفاقية الضم مع الممثلين لشبه جزيرة القرم

وان التحدي الروسي لأمريكا والغرب بالتحذير هو ان موسكوا لن تسمح بتكرار الشتاء العربي في أوكرانيا ، حيث أشار في خطابه أن الغرب يتصرف بشكل تعسفي ويقرر مصير الشعوب ويمرر قرارات بالقوة عبر مجلس الأمن متهما الولايات المتحدة بان حكم السلاح هو الذي يوجه سياستها الخارجية وليس القانون الدولي ، وبلهجة القوه قال بوتن أن هناك قوى تهدد بإثارة الاضطرابات ببلاده وأكد أن بلاده لم تمضي إلى أية مواجهة مع أي قوى غربيه بل تسعى لبناء علاقاتها لكنه قال أن 93 % من سكان روسيا يطالبون موسكو بحماية مصالحها ، مؤكدا أنها ستقوم بذلك حتى إذا كلف ذلك صداما مع قوى خارجية ، إن انعكاس الصراع على سوريا وقوة الثبات للموقف السوري انعكس بالموقف المتشدد للرئيس الروسي بوتن على الحدث الأوكراني ، وان روسيا التي تعيد حساباتها وفق إستراتجيتها المستندة لعودتها كلاعب دولي ستجد نفسها في موقف الدفاع عن حلفائها وهذا ما دفع بوتن لتصعيد لهجة التحدي بنبرة خطابه في الكرملين ، إن العالم أصبح يعيش مرحلة اللاقطبيه التي قد تعني تفاقم المنافسات والصراعات الدولية والاقليميه ، وان هذه الصراعات التي تتجسد في الصراع حول أوكرانيا كما هو الصراع على سوريا كما هو الصراع في فنزويلا مرورا بكل قاراتاي اوراسيا وإفريقيا ، وهي بالفعل ظروف ما قبل الحرب العالمية الأولى وهي تتخلق من جديد ، وقد تفضي لصراعات تدق طبول الحرب هي بنتيجة التحدي الذي يعيشه العالم بفعل صراع النفوذ والقوى والذي تجلى بالتحدي الروسي المستجد بالمواقف الروسية المستجدة في مواجهة التحدي الأمريكي والغربي فيما تعتبره روسيا مساسا بأمنها القومي والذي تشكل سوريا بوابته ألرئيسيه والتي تعد احد أهم أبواب الصراع للسيطرة على آسيا وتعد أوكرانيا احد أهم بوابات الأمن القومي الروسي وكلاهما ضمن نظرية الأمن القومي والمصالح المشتركة التي تجمع شعوب المنطقة بمصالح روسيا ومنظمة شنغهاي ودول البر يكس وهي جميعها مناوئه لأمريكا والغرب