مواقف مرجعيات دينية تزين صفحات في مذكرات أمريكية

المذكرات هي نوع من أنواع الكتابة التاريخية وثيقة الصلة بالسيرة الذاتية, والفرق بين السيرة الذاتية والمذكرات هو أن الأولى تروي قصة حياة الكاتب وتسجل خبراته ومنجزاته في المقام الأول، على حين تعنى الأخرى"أي المذكرات" قبل كل شيء، بوصف الأحداث وتعليلها، وبخاصة تلك التي لعب فيها كاتب المذكرات دورا, أو تلك التي عايشها أو شهدها من قريب أو بعيد وتفاعل معها، وتقع المذكرات في منزلة متوسطة بين التاريخ والسيرة الذاتية.
رغم إن كتابة المذكرات هي أمر قديم جدا لكنها أصبحت أمرا رائجا خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، فأصبح من عادة القادة العسكريين ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات إذ يتفرغون في أواخر حياتهم المهنية، لكتابة مذكراتهم, وقد أضيفت أغلب المذكرات أن لم يكن جميعها " الخاصة برجال السياسة العالمية " إلى رفوف وأدراج اشهر المكاتب العالمية, ودخلت في الدراسات والبحوث التاريخية, وأصبحت مصدرا مهما للكتاب والباحثين والعلماء, لما تحويه من معلومات مهمة جدا, وحتى أصبحت أيضا مصدرا إعلاميا لبعض البرامج التلفزيونية ذات الطابع التقريري التي تتناول بعض مذكرات قادة الحروب ووزراء الدفاع والعسكريين لكي تكشف حقائق الانتصار لدولة ما وخسارة دولة أخرى وأسباب النصر وكذلك أسباب الانكسارات التي تصيب جيش أو شعب معين.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، المذكرات التي كتبها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد الذي قاد الحرب على العراق سنة 2003م, والمعروفة باسم ( المعلوم والمجهول ) وكذلك مذكرات الحاكم المدني في العراقي بول بريمر الذي تولى حكم العراق بعد سقوط النظام السابق والتي أسمها ( عامي في العراق ), التي كشفا فيها عن أمور وقضايا خطيرة جدا, فإن صحت هذه الحقائق فإنها تعتبر سابقة خطيرة تهين وتذل المسلمين خصوصا الشيعة, والسبب في ذلك هو إن هذه المذكرات احتوت على معلومات تؤكد تورط زعماء ورموز " مراجع " دين مع الاحتلال الأمريكي من حيث تقديم العون والتسهيلات اللازمة لقوات الاحتلال في العراق وكذلك استلام هؤلاء الرموز مبالغ مالية طائلة (200 مليون دولار) لقاء تقديم تلك التسهيلات.
وقد أصبحت تلك المذكرات مادة لمؤتمرات أوربية وعالمية ودخلت في دراسات جامعية, كما سببت تلك المعلومات جدلا ولغطا كثيرا بين الإعلاميين لان كل ما جاء فيها من معلومات وخصوصا تلك التي تمس تلك المرجعيات جوبه بالصمت والسكوت والقبول من تلك المرجعيات ؟؟!! بحيث أخذ الكثير يقول بصحة تلك المعلومات لان الجهات المتهمة بالتواطؤ لم تنفي ولم تشجب ولم تستنكر ذلك الأمر والى يومنا هذا هي مستمرة بالسكوت وكأنها تمضي تلك التهم, حتى إن إحدى المرجعيات الدينية قد اعترفت بصحة تلك المعلومات الواردة في هذه المذكرات؟؟!! وهذا الآمر يدفع إلى الحيرة والاستغراب والاستفهام, لماذا السكوت ؟؟؟.
كما أشار السيد الصرخي الحسني في محاضرته العقائدية التاريخية الثامنة التي ألقاها يوم الخميس 13/ 3/2014م والتي تقع ضمن سلسلة (محاضرات التحليل الموضعي في العقائد والتاريخ الإسلامي) إلى غرابة الآمر واستهجن عدم خروج الناس في تظاهرات وبدعوة من تلك الرموز ترفض وتستنكر ذلك الفعل الصادر من الغرب الذي يهين رموز الشيعة ...
{ ...
الشيء بالشيء يذكر أنا تفاجئت قبل بضعة أيام وجدت أحد المراجع، الشيخ بشير الباكستاني "الله يحفظه والله يطيل في عمره" أيضا حقيقة أعجبنا وأثار فينا الفضول عندما اهتم جدا وتعصب جدا في قضية الاعتداء على المرجعية، يمكن سمعتم بهذه وتابعتم هذه، اهتم جدا بشكل غير طبيعي، تفاجئنا بهذه القضية، سألنا ماذا حصل؟ تبين القانون الجعفري مُرر ..... تفاجئنا كيف إن هذا يعتبر مس وقدح وهتك للمرجعية ولرمز المرجعية ولقادة المرجعية، جزاك الله خير شيخنا نحيي الشيخ بشير الباكستاني أستاذنا من هذا المكان بالصلاة على محمد وال محمد. ونحن من يقبل بكلامنا باسمه نتحدث عن أنفسنا وأنا مستعد بنفسي أخرج تظاهرة لنصرة رمز الشيعة وقائد الشيعة ومرجع الشيعة بهذه القضية، ولكن توجد قضية أخطر منها وألعن منها وأدهى منها لنخرج جميعا على هذا الشخص الذي انتهك حرمة المرجعية والمذهب ورموز المذهب ولنخرج على المسؤولين الأمريكان الذين يذكرون المرجعية وكيف تعاملت وكيف تعاونت معهم وكيف أمضت الاحتلال، وظفت الاحتلال ونظّرت للاحتلال، أليس تلك أخطر ألم تُنشر في الوثائق ألم تدخل في الدراسات الجامعية ألم يعقد عليها المؤتمرات؟! هذا سيسجل، هذا كل العار سيسجل علينا إذا لم يخرج الناس ولم يدافعوا عن الرموز الدينية وعن المرجعية العليا. هنا يخجل يقول استلم المنصب من هولاكو، من المغول، يخجل، كم ذبح من الشيعة لهذا الموقف؟ هذه السنين الكئيبة التي مر بها العالم الإسلامي من المغول كم قتل من الشيعة بسبب هؤلاء؟ هذه المواقف بسبب التدليس، بسبب عدم مواجهة الوقائع...} .
فهذه هي حقيقة المذكرات الأمريكية التي زينت سطورها بمواقف مراجع دينية, والتي لم ترفض ولم تشجب من الناس ولا من المراجع أنفسهم....

 





الكاتب :: احمد الملا