سيدة العالم كيف تريد؟ وماذا تريد ؟

بقلم: أكرم أبو عمرو

في الوقت الذي يقوم فيه الفلسطينيون باحياء يوم الارض الفلسطيني في ذكراه الثامنة والثلاثين ، لما تمثله هذه الذكرى من معاني كبيرة حيث التمسك بالارض وعدم التنازل او التفريط في الحقوق مهما مر من زمن ، ومهما تبدلت الاجيال من ابناء شعبنا ، تكشف الولايات المتحدة الامريكية عن وجهها الاستعماري الحقيقي ، متخطية كافة الوعود والمبادرات التي جاء بها زعماؤها ، فها هو اوباما ينكص بعهدة باقامة الدولة الفلسطينية خلال عام ، حيث مر عام وعام ولم تتتحقق الدولة ، ومن قبله الرئيس بوش الابن عجز عن تنفيذ خطه المعروفة بخطة خارطة الطريق بعد ان افصح فيها ولاول مرة في التاريخ الامريكي عن حق الفلسطينيين في دولة .

تكشف الولايات المتحدة وجهها بانحيازها المطلق لاسرائيل ، حيث لا يخجل الرئيس الامريكي من تكرار تصريحاته بان امن اسرائيل ياتي على سلم اولويات الولايات المتحدة ، ولهذا تلهث امريكا وراء الفلسطينيين لتحقيق مآرب اسرائيل العنصرية في الطلب من الفلسطينيين بيهودية الدولة ، والتنازل عن مدينة القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المزعومة ، واقتراح بلدة من البلدات الفلسطينية لتكون بديلا عن القدس ، والانكى من ذلك استثناء قطاع غزة من اية صيغة للحل النهائي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وكأن قطاع غزة جزءا مستقلا عن الوطن الفلسطيني ، وتتولى امريكا محاولة ترويض الفلسطينيين بتقديم بعض الاغراءات لعلهم يستجيبون لمطالبها ، مع التلويح احيانا باسلوب التهديد والوعيد تارة وسياسة الترغيب تارة اخرى ، حيث ترفع احيانا عصا الانهيار والهلاك للسلطة الفلسطينية ، والاغراءات باستمرار تدفق المساعدات المالية في حالة استمرار ونجاح المفاوضات الدائرة باشرافها الان ، ولعل ما يدور الان من مباحثات مكثفة حول اطلاق الدفعة الرابعة من الاسرى المقرر الافراج عنهم اليوم وقامت اسرائيل بايقافها ، لهو دليل على محاولة الولايات المتحدة الامريكية بيان اهمية دورها وقدرتها على الضغط على اسرائيل ، بل هناك اغراءات بالافراج عن عدد اكبر من الاسرى الفلسطينيين ، في اغراءات امريكية لدفع الفلسطينيين للقبول بتمديد المفاوضات مع اسرائيل .

اذن هذا هو الموقف الحقيقي للولايات المتحدة الامريكية ، اذا لم تكتف بالدعم المادي والعسكري لاسرائيل ، بل ياتي هذا في موازاة الدعم السياسيى والمعنوي لها ايضا ، طبعا هذه سياسة لا تخفى على احد من الفلسطينيين ، حيث ان اسرائيل هي ربيبة الولايات المتحدة الامريكية وذراعها في المنطقة للحفاظ على مصالحها وضمان استمرار المنطقة تحت نفوذها ، خاصة وان الدور الروسي في المنطقة عاد للنشاط من جديد ، ومحاولة بعض الدول العربية وعلى راسها مصر القيام بمحاولات فتح ابواب العلاقة مع موسكو لايجاد علاقات متوازنة على الاقل مع القوى الكبرى ما يزعج امريكا التي استحوذت على علاقاتها بمصر طوال ثلاثون عاما ، وهذا ربما يفسر لنا الوقوف القوي من جانب امريكا الى جنب جماعة الاخوان في مصر وحكمهم ، وخلق حالة من الجفاء بينها وبين النظام المصري الحالي ، اذن هي المصالح ، والسيطرة ، والنفوذ ، ولما كانت القضية الفلسطينية هي القضية التي تشغل بال العرب على الرغم من الظروف التي تشهدها الامة العربية ، التي ادت الى تراجع هذه القضية ولو مؤقتا عن اولويات الدول العربية نتيجة ضغط الظروف الموضوعية الناتجة عن ما يعرف بثورات الربيع العربي ، الا ان القضية الفلسطينية ستبقى في الوجدان العربي ، لذلك تسعى امريكا جاهدة لطي الملف الفلسطيني ، حتى تتفرغ لما هو اهم وهو تفعيل الفوضى في العالم العربي وتوسيع نطاقها ،وانهاك شعوبها ، لتمكينها من التدخل والحضور بقوة تحت مظلة مساعدة الشعوب التواقه للحرية والديموقراطية .

اذن هذا هو اسلوب الولايات المتحدة الامريكية ونهج سياستها بكل وضوح وبدون مواربه وهي سياسة معلنة حرفيا ، جيث يتم تقديم المصلحة الامريكية والمصلحة الاسرائيلية اولا وثانيا وثالثا ، فهل نحن الفلسطينيون مدركون لذلك ؟ نعتقد انه بعد انتهاء زيارة الرئيس ابو مازن الاخيرة للولايات المتحدة الامريكية ، اصبح لدى القيادة الفلسطينية قناعه تامة بالموقف الامريكي المؤيد لاسرائيل مئة بالمئة ، وعدم القائها البال لقضية شعبنا ومعاناته ، وتدرك القيادة ما هو المطلوب امريكيا من الفلسطينيين ، وهي مجموعة من المطالب ما تفتأ اسرائيل في الاعلان عنها في كل مناسبة وكل محفل ، فالمطلوب من الفلسطيني ان يقف جنديا لحماية امن اسرائيل اولا ، والمطلوب من الفلسطيني التنازل عن كل شيء بدءا بالهوية والارض وانتهاء بالخروج الى بلاد الله فلا مكان للفلسطيني على هذه الارض ، واذا وجد لابد ان يعيش ذليلا كسيرا تحت رحمة قطعان المستوطنين الاسرائيليين فترة من الوقت قبل اقتلاعهم من ارضهم .

اذن لا دولة فلسطينية مستقلة عند اسرائيل وامريكا ، ولا شعب يعيش في حرية كاملة على ارضه ، حيث السيطرة على الحدود والمنافذ والاجواء ، هذه الامور اصبحت واضحة تماما ، والسؤال الان اذا كانت هذه الامور واضحة ما العمل الفلسطيني الان في مواجهة هذه الاطماع وهذه السياسات التي تبنى على اساس قتل الوقت وتقادم الزمن حيث مضى اكثر من عشرين عاما على جولات مكوكية تفاوضية بلا طائل .

اعتقد ان الوقت قد حان للفلسطينيين ان يقولوا كلمتهم كلمة الفصل وهي :

اولا ، رفض كل اشكال الابتزاز الاسرائيلي والامريكي فيما يخص اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين ، فالافراج عن الاسرى حق غير قابل للنقاش .

ثانيا ، الاعلان رسميا عن عدم تمديد المفاوضات فإذا كانت مدة تسعة اشهر لم يتم التقدم فيها قيد انملة بل عمدت اسرائيل باصدار قرارات ببناء الاف الوحدات السكنية في المستوطنات في تحد واضح واستهتار بهذه المفاوضات .

ثالثا،، ضرورة عودة القيادة الى القرار الاممي بالاعتراف بفلسطين دولة عضو بصفة مراقب ، وتفعيل هذا القرار فلسطينيا ، واستثماره في التوجه الى المنظمات الدولية لاستكمال الانضمام اليها ، والتوجه الى محكمة جرائم الحرب ، والتوجه للامم المتحده لعرض الملف الفلسطيني برمته عليها.

رابعا ، وقف كافة الاتصالات مع اسرائيل وان تتحول العلاقة بالمثل

خامسا ، البحث الجدي في خيارات فلسطينية فاعلة من خلال التوافق الوطني الفلسطيني

هذه في اعتقادنا اهم البدائل الفلسطينية ، ، فلنجعل يوم 30مارس لهذا العام يوما وطنيا فلسطينيا بامتياز نعبر فيه عن صمودنا وموقفنا امام امريكا واسرائيل . اما ضجيج وقعقعة ماكينة المفاوضات فقد ثبت للجميع انها لا تطحن قمحا ولا تنتج دقيقا.