لا أحد ينكر أن حركة حماس تنتمي فكريا لمدرسة الإخوان المسلمين. وأنها متمسكة بانتمائها الفكري وعلى الجميع تقبل هذه الحقيقة والكف عن محاولات تغيير وقائع لا ينبغي لها أن تتبدل، وهذا لا ينفي أنها حركة وطنية فلسطينية مستقلة ورأس حربة مشروع التحرير، ولها مشوار طويل في مقارعة الاحتلال، وخاضت وصمدت في حربين كبيرتين مع الجيش الإسرائيلي، ولم تتورط بعملية واحدة ضد عربي طوال تشابك علاقتها الخارجية.
النظام المصري معروف بعدائه وكرهه لجماعة الإخوان المصرية، إلا أنه متوازن مع الحركات الفلسطينية، والسياسة لا تقوم على الحب والكره بل موازين القوة والضعف، وما هو مسموح به داخليا ممنوع وخطير خارجيا، لهذا أخطأ الإعلام المصري وبعض الجهات الأمنية المتوترة من خلط أوراق حماس والاخوان، ومحاولة استكمال حربهم على الإخوان بالقضاء على حركة حماس وتغيير الواقع في قطاع غزة. فبالإضافة على أن حماس حركة تحرر وأي مساس بها هي ورطة قيمية وأخلاقية وسياسية وتاريخية; إلا أنها ليست بالفصيل الهامشي الضعيف المعزول، فهي حكومة منتخبة تسيطر على قطاع غزة، وتمتلك جيشا مسلحا يستطيع الإثخان بالاحتلال، ولها عمق جماهيري وحاضنة قوية ظهرت في مهرجانها الأخير، وتتمتع بقبول شعبي في النسيج الفلسطيني المختلف ظهر جليا برفض دعوات التمرد في 11-11، كما أن لها تشابكات محورية متينة، وتنتمي لتوجهات إقليمية تحتضنها وتدافع عنها وتتبنى مقاومتها للاحتلال. كما أن حركة حماس هي عنصر استقرار في المنطقة وتمتلك الكثير من أوراق القوة القادرة على بعثرة الترتيبات وفتح الاحتمالات على مصراعيها، زد أنها حكيمة ومتوازنة ولا تتدخل بالمطلق بصورة عملية وتنفيذية في الشئون العربية الداخلية، ومن يعيب على بعض وسائلها الاعلامية أنها غطت حشودات رابعة ومذبحتها، فمن باب أولى عليهم لوم التحريض المكثف من قبل الإعلام المصري المنفلت والذي تجاوز كل الحدود، فلا يعقل أن تستمر القنوات الإعلامية المصرية بالتحريض على المقاومة الفلسطينية بهذه السخافة ألا منطقية.
المشير السيسي أدرك تماما أن حماس لا يمكن تجاوزها ولهذا بدأت تبرز أصوات مصرية عاقلة، كما سُربت ونشرت وثائق تبرئ حماس تماما من التهم العشوائية القديمة، وطالب الرئيس المؤقت عدلي منصور بفك الحصار عن قطاع غزة وهي مطالب إيجابية وإن كانت غير معقولة حيث أن نظامه من يقوم بإحكام الحصار على سكان القطاع، إلا أنها بادرة حسن نية يمكن البناء عليها.
المطلوب من السيسي فلسطينيا أن يسكت إعلامه عن التحريض المتكرر على المقاومة الفلسطينية، وأن يسحب جميع الملفات القضائية المفبركة وان يفتح معبر رفح ويعترف بحماس حركة مقاومة يجب دعمها، كما أن حماس من جهتها ستستمر في سياستها المركزة على مقاومة الاحتلال دون التدخل بأ شكل من الأشكال في الشئون المصرية.
أي محاولة لاستعداء حماس سيخسر من يعاديها ويحاربها ويحاصرها، فالشعوب العربية تدعم حق حماس في المقاومة وترفض حصار غزة، وإن أكبر أخطاء حسني مبارك وحبيب العدلي كانت بحصار غزة ومعاداة المقاومة الفلسطينية
--
إبراهيم محسن المدهون - غزة فلسطين
