إن المتتبع لسير المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ مؤتمر مدريد أواخر سنة 1991 وحتى أيامنا هذه يستنتج بأن الجانب الإسرائيلي غير معني بإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها الشرعية الدولية في قراراتها منذ العام 1947 وحتى تاريخه .. والغريب في الأمر انه في عصر العولمة أصبحت إسرائيل تعتبر نفسها دولة فوق القانون ولا تعيير الإرادة الدولية أية وزن، وهذا ما أصبح الرأي العام الدولي يلمسه ويرفضه بسبب التعنت الإسرائيلي الدائم لتنفيذ القرارات الدولية وحتى الاتفاقات التي وقع عليها مع الجانب الفلسطيني منها (اتفاقية إعلان المبادئ لسنة 1993، الاتفاقية المرحلية لسنة 1995، اتفاق الخليل سنة 1997، مذكرة واي ريفر لسنة 1998 واتفاق شرم الشيخ لسنة 1999م) .. وهذا يقودنا إلى استنتاج مفاده .. هل إسرائيل ألان معنية بإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني عن طريق المفاوضات التي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية من تاريخ 29/7/2013 ولغاية 29/4/2014 ؟ وهل الإدارة الأمريكية تستطيع فرض ضغوطها على الجانبين لتوقيع اتفاق مصالحة تاريخية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟
الواضح من الخطوات الإسرائيلية المتتالية لقيادة حكومة إسرائيل بأنه في هذا الظرف بالذات من الصعب جداً تحقيق هذه المصالحة التاريخية. لان إسرائيل غير مستعدة لسلام حقيقي مع الفلسطينيين وغير معنية بأن تؤدي المفاوضات إلى إقامة دولة فلسطين مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية .. السبب في ذلك يعود إلى الشروط التي يطلقها رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو عندما يقول: "يجب الاعتراف أولا بيهودية الدولة" وهذا الشرط بحد ذاته يعني عدم جدية إسرائيل بالسلام مع الفلسطينيين وبالتالي يريد من المفاوضات عنوانها فقط بهدف مضيعة الوقت.
وعلى كل حال المراقب السياسي يرى بأم عينيه أن القيادة الإسرائيلية الحالية بتركيبتها اليمينية والمنحدرة من أصول استيطانية لا تريد أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين يعيد للفلسطينيين حقوقهم. وهذه القيادة الإسرائيلية ترفض وقف أو تجميد الاستيطان وترفض أن يكون هناك مرجعية للمفاوضات .. وهذا يعني بأن إسرائيل رفضت المرجعيات الدولية التي تتمسك بها السلطة الوطنية الفلسطينية على اعتبار انها تقر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وعلى ضؤ ما ذكر أعلاه، فان المهم للجانب الفلسطيني من هذه المفاوضات السعي نحو تحقيق توازن سياسي مقبول على الصعيد الدولي يؤكد على رغبة الفلسطينيين الحقيقي نحو السلام وان المفاوضات خيار لا بد منه آنيا لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني . وفي حال بقيت إسرائيل على مواقفها السابقة في رفض مرجعية المفاوضات ووقف الاستيطان وعدم اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى تصبح في موقف حرج يجعلها غير قادرة على المناورة مع دول العالم التي تيقنت من خلال الاجراءات الاسرائيلية احادية الجانب بان اسرائيل غير معنية بالاستقرار والسلام مع الفلسطينيين .. وهنا يكون الجانب الفلسطيني قام بواجباته والتزاماته نحو عملية السلام في حين إسرائيل رفضتها وبالتالي يقع على مجلس الأمن الدولي مسؤولية قطعية لاتخاذ قرار ملزم تجاه دولة إسرائيل يلزمها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 .