بعد مرور سبع سنوات على الانقسام الفلسطيني والذي تسبب في شلل الحياة السياسية ومزق النسيج الاجتماعي بل تعدى أكثر من ذلك, فكانت نتائجه كارثية وصعبة على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بكل مكوناته وشرائحه وانتماءاته السياسية والفكرية سواء في قطاع غزة والضفة الغربية أو في كل أماكن تواجده في الشتات.
إن استمرار حالة الانقسام الفلسطيني قد أصابت المواطن بحالة من الإحباط والتشاؤم لا سيما وأن جلسات لقاءات المصالحة استغرقت وقتاً طويلاً قارب على الست سنوات, دون أن يرى المواطن الفلسطيني بريق أمل في تحقيق المصالحة وانهاء حالة الانقسام, وهو ما دعا الكثير من الكتاب بالتشاؤم والتشكيك في جديتها !
لكنني أختلف هذه المرة معهم, حيث أنني لأول مره أشعر بالتفاؤل بتحقيق المصالحة, وذلك لعدة أسباب, من أهمها أن المصالحة هذه المرة بالذات هي مصلحة للطرفين أكثر من أي وقت, فقد أدرك طرفي الانقسام أنهم خاضوا تجارب صعبة وأصبح لديهم قناعة تامة أنهم لن يحققوا أي إنجاز سياسي دون إنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة بين شطري الوطن ودون المصالحة, خاصة في ظل الوضع الذي تعيشه حركة حماس في الوقت الحالي, فهي لا تستطيع أن تتقدم بأي خطوة سياسية مقبلة دون مصالحة, وفي ذات السياق الرئيس محمود عباس أبو مازن لن يستطيع التقدم بخطوة جديدة في ظل وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.
كذلك الضغط الجماهيري من قبل المواطنين ولا سيما الشباب على طرفي الصراع ومطالبتهم بضرورة إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة, ولعل المتتبع لمواقع التواصل الاجتماعي على الفيسبوك وتوتير يلاحظ التفاعل الشعبي والاهتمام الكبير والواسع بهدف خلق حالة ضغط على طرفي الانقسام ومطالبتهم بضرورة إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.
كما أن المصالحة هذه المرة, انطلقت من مدينة غزة, حيث أعلن عن انتهاء الانقسام والاتفاق على تنفيذ الاتفاقات السابقة من داخل مدينة غزة, مما يدل على جدية الطرفين على المضي في طريق إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بدون وساطات خارجية وفي داخل فلسطين.
لذلك أتمنى من جميع الكتاب الذين يتناولون ملف إنهاء المصالحة الابتعاد عن أسلوب التشكيك والسلبية وإطلاق الأحكام الجائرة في استنتاجاتهم، والتوجه نحو تشجيع نجاح هذه المصالحة وتحقيق آمال الشعب الفلسطيني في تحقيق الوحدة وإنهاء حالة الانقسام, ومواجهة التحديات والعقبات التي سوف تقف أمام نجاحها ( الاحتلال الإسرائيلي وأمريكيا والأطراف التي لا يروق لها تحقيق المصالحة).
وأخيراً فإن تنفيذ بنود المصالحة تحتاج إلى نوايا صادقة من الطرفين وتحمل مسؤولياتهم, والعمل على تنفيذ بنود الاتفاقيات السابقة وتذليل العقبات والتحديات التي سوف تواجه مرحلة التنفيذ, بالإضافة إلى المساندة الشعبية من خلال حراك شعبي تقوده المؤسسات الشبابية لضمان عدم التراجع عن تحقيق المصالحة, فالشعب الفلسطيني الآن لا يحتمل استمرار حالة الانقسام وفشل المصالحة.
بقلم/ رائد محمد حلس
كاتب وباحث في الشؤون الاقتصادية
[email protected]
غزة - فلسطين