ياتي الاول من أيار هذا العام في ظروف صعبة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، حيث تواصل اسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا واعلاميا وتمعن في التنكر لحقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة في حدود الرابع من حزيران 1967 وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الامن والامم المتحدة ، وتوصل سياسة القتل واقتحام المدن وتهويد القدس بهدم البيوت ومصادرة الاراضي وفرض الحصار الخانق عليها وعلى كامل قطاع غزة واستمرارها في وضع حواجز الموت والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ومصادرة آلاف الدونمات وتهجير آلاف الاسر الفلسطينية وتسريع سياسية الاستيطان وسرقة الاراضي والمياه والتنكيل بالاسرى الفلسطينيين وخاصة المضربين عن الطعام .
وياتي الاول من أيار في ظروف اقتصادية صعبة حيث لا زالت نسبة البطالة والفقر في ازدياد حيث وصلت الى أكثر من 23% أي ما يزيد عن 270 ألف عامل يعانون من البطالة والفقر نتيجة السياسة الاسرائيلية بالاستيلاء على الاراضي والمياه وفرض الحصار ونشر الحواجز واغراق السوق الفلسطينية بالبضائع الاسرائيلية المنافسة للمنتجات الفلسطينية الزراعية والصناعية وغيرها .
وكذلك نتيجة سياسة السوق الحرة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية مما يتيح فتح السوق الفلسطينية على مصراعيه أمام المنتجات الاسرائيلية والاجنبية في الوقت الذي لا تسيطر فيه السلطة الفلسطينية على المعابر والحدود والموارد وخاصة الارض والمياه والتواصل الجغرافي بين مدن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والعالم الخارجي ، مما أدى الى عدم قدرة المنتجات الفلسطينية على المنافسة واغلاق مئات المنشئات الصناعية والزراعية وتسريح العاملين فيها ليزداد جيش العطلين عن العمل والفقراء ، ومما يزيد الوضع سؤا عدم وجود استراتيجية وطنية للتعليم العالي بأن تكون مخرجات التعليم متوائمة مع حاجة سوق العمل مما أدى الى تخريج آلاف الطلبة من الجامعات وكليات التعليم العالي بدون ان يجدوا فرص عمل وبهذا التحقوا بجيش العاطلين عن العمل الذي يزداد يوما بعد يوم ، هذا اضافة الى أن ألاف الطلبة من خريجي التوجيهي لا يستطيعون الالتحاق بالجامعات الفلسطينية نتيجة خصخصة التعليم العالي وارتفاع الاقساط الجامعية وتكاليف التعليم الاخرى وايجاد سياسية التعليم الموازي لابناء الاغنياء وحرمان أبناء ذوي الدخل المحدود والفقراء من حقهم في التعليم الذي هو حق انساني واضطرارهم للالتحاق في سوق العمل الغير قادر اصلا على استيعاب الخريجين من الجامعات فيضافون الى العاطلين عن العمل والفقراء . ان عدم مواجهة مشكلة الفقر والبطالة بسياسة استراتيجية للسلطة الفلسطينية تنعكس في برانامج الحكومة وموازنتها لخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل والخريجين يعني زيادة حدة المشكلة وتخلي السلطة عن مسؤولياتها وتعهداتها بتخفيض نسبة الفقر والبطالة وحرمان العاملين من حقهم في العمل وتكون النتيجة هجرة طوعية للشباب ذوي الكفاءات وهذا يتعاكس مع خطة الحكومة المعلنة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية حيث ان بناء مؤسسات الدولة عمودة الفقري بناء الانسان والاستثمار في الموارد البشرية التي هي المورد الاساسي في فلسطين كونها محرومة من الموارد الطبيعية أومسيطر عليها من قبل الاحتلال الاسرائيلي ، وان أحد أركان بناء مؤسسات الدولة أيضا هو التشريعات والقوانين التي تنظم حياة المجتمع الديمقراطي المدني ومنها حرية الرأي والتعبير والمشاركة في صنع القرار من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية ومنظمات المجمع المدني من احزاب ونقابات عمالية ومهنية واتحادات شعبية وقوانين اقتصادية تساهم في بناء اقتصاد وطني مستقل وتنمية اقتصادية تساهم في زيادة الدخل القومي وتمتص الزيادة في الخريجين من خلال خلق فرص عمل جديدة ، سياسة اقتصادية تحمي المنتجات الفلسطينية وتحمي المستهلك من جشع التجار وتحديد اسعار ودعم السلع الاساسية لتمكين الفقراء من الحصول على حقهم في الغذاء والدواء والتعليم والعمل ، تشريعات توفر شبكة حماية اجتماعية لافراد المجتمع وخاصة العاطلين عن العمل والفقراء وذوي الدخل المحدود تشريعات توفر حرية التنظيم في الاحزاب السياسية والنقابات وتحمي السياسيين والنقابيين وتوفر لهم حرية التعبير وممارسة النشاط السياسي والنقابي ، مثل قانون الاحزاب السياسية وقانون الضمان الاجتماعي وقانون تنظيم العمل النقابي وقانون الحماية
من البطالة وقانون الحد الادنى من الاجوروغيرها الكثير ، وحماية تطبيق هذة التشريعات يحتاج الى سلطة قضائية مستقلة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذة وقوية وواسعة الصلاحيات عندها القدرة على محاسبة المتعدين على القانون ومحاسبة الفاسدين والمحاسبة على اهدار المال العام ، بهذا من الممكن أن نقول أننا نسير قدما على طريق بناء الدولة ومؤسساتها القوية الدولة التي ضحى من أجلها عشرات الآف الشهداء والجرحى وعانى ويعاني من أجلها عشرات آلاف الاسرى دولة لكل مواطنيها لا فرق بينهم في الانتماء الديني او السياسي أو العرق او اللون أو الغنى أو الفقر دولة تسودها العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص ، دولة يتم توزيع الدخل القومي والمنح والمساعدات الدولية للشعب الفلسطين على كافة فئات وشرائح المجتمع لا أن يمتص القطاع العام من رواتب واجور عقارات وسيارات ومحروقات ومصاريف جارية معظم الدخل والمساعدات الدولية وتفرض على العاملين وخاصة ذوي الدخل المحدود ضرائب اضافية على رواتبهم ومكافئة نهاية خدمتهم ، توزيع عادل للدخل يضمن حماية المزارعين من اعتداءات المستوطنين على مزارعهم وحمايتهم من الكوارث بسبب الحرب والاحوال الجوية لتمكينهم من البقاء على أرضهم لحمايتها لان المعركة مع الاحتلال تدور على الارض ، ونعيد التذكير بأن اهم عناصر مكوناتها رقعة الارض التي ستقام عليها .
وياتي الاول من أيار هذا العام في ظل ظروف صعبة تعيشها الحركة النقابية الفلسطينية ، حيث تعاني من الانقسام الداخلي وما يؤدي ذلك الى الضعف وتهميشها وعدم قدرتها على القيام بمسؤلياتها في الدفاع عن حقوق العاملين من خلال الضغط لاقرار قوانين وتشريعات عادلة تصون حقوق العاملين وكذلك القيام بتظيم العاملين الفلسطينيين في فلسطين وكافة أماكن اللجوء والشتات للقيام بواجبهم في النضال الوطني ضد الاحتلال من أجل العودة والحرية والاستقلال وبناء الدولة كاملة السيادة على الاراضي المحتلة عام 1967 بعاصمتها القدس .
فالحركة النقابية الفلسطينية عانت من الضعف سنوات طوال بعمر الاحتلال لاسباب موضوعية تتمثل في قمع الاحتلال للشعب الفلسطيني وخاصة حركته النقابية كونها رائدة في التصدي لسياسته منذ العشرينات من القرن الماضي وخلال عمر الاحتلال ومداهمة الاحتلال لمقرات النقابات ومصادرة محتوياتها وقتل واعتقال وابعاد قياداتها وفرض القوانين والاوامر العسكرية التي تحول دون تمكنها من النشاط والعمل على حماية جماهيرها ، وطوال سنوات الاحتلال عمل على تطبيق سياسة الالحاق الاقتصادي وعدم تمكين بناء اقتصاد فلسطيني ومحدودية الصناعات الكبرى التي تستوعب أيدي عاملة حيث استغل المناطق المحتلة كسوق للعمالة الفلسطينية الرخيصة وبالتالي حرمان هؤلاء من الانتظام في النقابات الفلسطينية وفرض عليهم دفع ضرائب لسلطات الاحتلال بما في ذلك رسوم التنظيم النقابي للهستدروت اضافة الى ضعف الامكانيات المالية لهذه النقابات .
أما الظروف الذاتية فتتمثل في شرذمة وانقسام الحركة النقابية الفلسطينية مما أدى الى ضعفها وعدم قدرتها على القيام بواجبها في الدفاع عن حقوق جمهورها العمالي الذي يعاني من الظلم والاضطهاد المزدوج القومي والطبقي وعدم قدرتها على الضغط من أجل سن تشريعات وقوانين عادلة قالبرغم من اقرار قانون العمل الفلسطيني فحتى الآن لم يتم تشكيل محاكم عمالية مختصة ولم يتم وضع قانون للتنظيم النقابي ولم وتم الغاء قانون التأمينات الاجتماعية لعام 2003 ولم يتم سن قانون جديد للضمان الاجتماعي في فلسطين وبقي الغالبية الساحقة من العمال بدون حماية اجتماعي وحتى قانون الحد الادنى للاجور كان أقل من خط الفقر المدقع وبالرغم من ذلك لم يطبق ولم تتخذ اجراءات ضد اللذين يرفضون تطبيقه ان كل ذلك يستدعي العمل الفوري على وحدة الحركة النقابية الفلسطينية على استراتيجية موحدة وطنيا ونقابيا لتستعيد دورها الريادي في النضال الوطني والنقابي دفاعا عن الشعب والطبقة العاملة الفلسطينية .
ياتي الاول من أيار هذا العام وقد تم توقيع المصالحة التي نأمل أن تكون الخطوة الاولى على طريق تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في الوطن وفي كافة أماكن اللجوء والشتات لان الوحدة الوطنية هي شرط ضروري لتصعيد النضال من أجل تحقيق أهداف شعبنا في العودة والحرية والاستقلال والدولة ونضيف أن توقيع الرئيس على 15 عشر اتفاقية ومعاهدة دولية من شأنه أن يعزز من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وانخراطها في كافة المؤسسات الدولية اسوة ببقية دول العام كخطوة عل طريق الاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في الجمعية العامة للامم المتحدة ومنظماتها وكلنا امل في التوقيع على بقية الاتفاقيات وخاصة الاتفاقيات التي تصون وتحمي حقوق الانسان والعمال خاصة مثل اتفاقيات الحريات النقابية والحماية الاجتماعي وغيرها
وعليه فان المطلوب من كافة الكوادر العمالية المخلصة للمصلحة العليا لشعبنا و للطبقة العاملة أن تناضل من أجل استعادة الدور الطليعي للحركة النقابية الفلسطينية في النضال الوطني والمطلبي لتتمكن من رفع الظلم والمعاناة التي يعيشها شعبنا وعمالنا على وجه الخصوص من فقر وبطالة وغياب الحماية الاجتماعي ليتمكنوا من العيش بكرامة على أرض وطنهم ومن أجل العودة والحرية والاستقلال وبناء الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس يعيش فيها كافة ابنائها بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية .
بقلم النقابي
محمد العاروري
أمين سر منظمة التضامن العمالية
باحث متخصص في قضايا العمل والعمال