واضح بأن الدعوة السعودية لعقد اجتماع طارىء يوم الاثنين القادم لما يسمى بالجامعة العربية،التي كفت عن كونها عربية غير بالاسم،اما في إطار الفعل والممارسة والقرارات فهي ضد كل مصالح الأمة العربية،وهي أضحت جزء من المشروع المعادي للأمة العربية الحاملة للمشروع القومي العربي،بعد سيطرة مشيخات النفط والكاز الخليجية قطر اولاً والسعودية لاحقاً على قراراتها،فالسعودية التي كنا نعتقد باعتبارها انها حامية حمى "الإسلام" و"المقدسات الإسلامية " وبالأخص "المسجد الأقصى"منها الذي لا يكاد يوم يمر واحد دون ان تدنسه عصابات المستوطنين الصهاينة مقيمة شعائرها وصلواتها التلمودية وأفعالها الفاضحة في ساحته،وليصل الأمر حد رفع العلام الصهيونية في ساحاته وفق قبة صخرته،وكذلك الحفر بطول (60) متراً على اساساته بما يهدد المسجد الأقصى وجدرانه بخطر التصدع والانهيار،ولكن نكتشف ان الدعوة ليست من اجل نصرة لا الأقصى ولا القدس ولا فلسطين،بل هي من اجل بحث التطورات في سوريا،بعد الإنتصارات المتحققة على يد الجيش العربي السوري،الذي اخذ بإستعادة زمام الأمور،تلك الإنتصارات وعمليات المصالحة في المجتمع السوري،من شانها تعقيد الأمور على السعودية الداعم الرئيس للجبهة الإسلامية،التي جرى الإتفاق بينها وبين النظام السوري من اجل حقن الدماء في حمص وإخراج المقاتلين من مجموعات المرتزقة والقتلة والإرهاب متعددة الجنسيات من حمص الى مناطق الريف السوري بأسلحتهم الفردية،ولأول مرة وكسابقة في تاريخ الأمم المتحدة"معهرة" القرارات والقوانين والمبادىء والمعايير والقيم الدولية، في ظل السطوة والسيطرة الأمريكية- الغربية الإستعمارية عليها،تشرف على إخراج ونقل مجموعات إرهابية،تمارس القتل والتدمير والتخريب،بدلاً من ان يجري إعتقالها وجلبها للمحاكم الدولية لمحاسبتها ومعاقبتها على ما ارتكبته من جرائم حرب بحق الشعب السوري.
الحلف السعودي- الصهيوني- الأمريكي التركي- الأوروبي الغربي،هو من كان يقود التفاوض مع النظام السوري من اجل إخراج ونقل مقاتلي ما يسمى ب" جبهة النصرة من حمص،ورغم ان عملية الخروج شكلت ضربة قوية لهذا الحلف المعادي،على اعتبار ان حمص هي العاصمة التي انطلقت منها "الثورة السورية" ضد النظام السوري،فهي الان تعود رغم كل المكابرة والتبجح بأنها العاصمة التي إنتهت فيها ما يسمى ب "الثورة السورية،.
ولكي تعطي السعودية ومعها الحلف المعادي دفعة لعصاباتها في الشام،وعدم الظهور بمظهر المهزوم اوعزت لتلك العصابات بممارسة عمليات إرهابية من قتل وتفجيرات وتفخيخ سيارات ولتبلغ ذروتها بجريمة تدمير فندق كارلتون الأثري المبني من القرن التاسع عشر،والقريب من قلعة حلب الأثرية،ولتكشف عملية التدمير عن الوجه القذر لتلك العصابات المجرمة،والواقفين خلفها والداعمين لها،فالهدف ليس فندق كارلتون،فهم باتوا على قناعة تامة بأن مشروعهم في الشام وفي أوكرانيا المرتبطة أيضاً بالملف السوري قد هزم،وعليهم أن يستعدوا للتفاوض،وهذا يتضح من خلال اننا سنشهد تغيراً قريباً،وبعد ان تنضج ظروف التوافق الروسي - الأمريكي في المبعوثين الدوليين للأزمتين الأوكرانية والسورية، فروسيا تقترح خافير سولانا للأزمة الأوكرانية وموراتينوس بدل الإبراهيمي للأزمة السورية،وواضح بان هناك إتفاق امريكي- روسي يتبلور ينص على عدم دخول القوات الروسية لكييف عاصمة اوكرانيا مقابل عدم تزويد امريكا لما يسمى بالائتلاف السوري المعارض بأسلحة كاسرة للتوازن صواريخ مضادة لطائرات فقد فشل الجربا زعيم هذا الائتلاف بالحصول على اسلحة امريكية وليصبح بعد انتهاء صلاحيته خارج الخدمة.
ما جرى في حمص سيجري في حلب ،النظام السوري يستكمل فصل الريف عن المدينة وقطع إمدادات العصابات المجرمة،سيكون هناك قصف عسكري وسيكون هناك مصالحات على غرار ما جرى في حمص،وإستعادة حلب من شأنها ان تجعل الانتخابات الرئيسية جاهزة بمشاركة حلب العاصمة الاقتصادية،فالسعودية وحلفائها يراهنون على عدم قدرة النظام على إجراء تلك الإنتخابات،من خلال التفجيرات والعمليات الإرهابية،ولكن بات واضحاً بأن القوى التي يراهن عليها الحلف المعادي مشتتة وتتبع في ولاءاتها وتمويلها وقراراته لأكثر من جهة،وهي أصبحت تاكل بعضها البعض،دلالة على أنها لا يجمعها لا هدف ولا برنامج،بل عصابات مجرمة تتقاتل على المصالح والمغانم والأموال.
التطورات سريعة ومتلاحقة على صعيد الجبهتين السورية والأوكرانية،وكذلك أية تفاهمات حولهما،ستكون الملفات الإيرانية والعراقية واللبنانية حاضرة في أي عمليات تفاوض واتفاق روسي- امريكي.
وايران ستكون مفتاح الإستقرار في المنطقة،فامريكا والغرب باتوا على قناعة بضرورة التسليم بإيران كقوة إقليمية لها مصالحها وحضورها وتاثيراتها في المنطقة،والسعودية رغم كل المكابرة ستجبر على التفاوض مع ايران من اجل صيانة الإستقرار في المنطقة،وهذا رهن بمدى قدرة القيادة السعودية على التعاطي مع التطورات الحاصلة،وما يحصل من إعادة هيكلة الحكم في السعودية،إرتباطاً بما يحدث في سوريا،دلالات على ان السعودية والحلف المعادي باتوا على قناعة تامة،بأن النظام قد ربح جولات الحسم العسكري،وان حزب الله قد أضحى قوة إقليمية مقررة في المنطقة،ولذلك عليها البحث ان تحجز لها عن مقعد في الحوار حول سوريا من خلال "الجبهة الإسلامية" التي تسلحها وتمولها.
السعودية هي عراب المشروع الأمريكي في المنطقة،ولعلكم سمعتم ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر بأن الرفض بإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع،لم يكن من اسرائيل،بل من السعودية التي كانت تخشى ان تقع تلك الدولة تحت النفوذ الروسي،وتشكل خطراً على المشروع السعودي في المنطقة،وكذلك على ما يسمى بمحور الإعتدال العربي.
وعليكم أن تثقوا تماماً بأن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مضايقة وحصار وضغوط وقطع حنفيات الدعم والمال عنه،تشارك به قوى عربية في المقدمة منها مشيخات النفط والكاز،وذلك لكي تستجيب للضغوط والشروط الأمريكية – الإسرائيلية للتسوية.