المصالحة التوافقية ليست فعلا ثوريا

بقلم: طلال الشريف

انتظرنا شعبنا طوال سبع سنوات ونيف من الانقسام ليصنع فعلا ثوريا لإسقاط حكام غزة ورام الله أو على الأقل لتغيير حكام غزة بعد انقلاب حماس واستيلائها على الحكم بالقوة وكانت محاولات شعبنا للتغيير بالفعل الجماهيري الثوري ضعيفة ومرتبكة نتيجة أولا لغطرسة القوة المنظمة لدى حكومة حماس تدعمها قوة منظمة تنظيما أيديولوجيا قويا ومسلحا هي كتائب القسام وثانيا لعدم ولادة جماعة منظمة جديدة تتبنى الفعل الثوري للتغييربعيدا عن القوة المناوئة القديمة التي فقدت الحكم في غزة وانكمشت في رام الله ولم تكن لديها النية والقدرة  على استرجاع غزة بالفعل الثوري الجماهيري مضافا لهما ثالثا حيادية القوة المنظمة والمسلحة الثانية في القدرة  لحركة الجهاد فبات شعبنا يتيما من عناصر القوة التي تمكنه من حسم خياره بمحاولاته المرتبكة التي قام بها الجمهور  ودون نجاحه في تقديم فعل ثوري حاسم على الأرض لتغيير الواقع.

فقدنا فرصة تدخل الفعل الجماهيري للثورة والتغيير الثوري لإسقاط الانقسام وانتظرنا المصالحة والتوافق وها نحن فيها الآن ولذلك ما يحدث من خطوات توافقية لتطبيق بنود اتفاق المصالحة هو ليس حلا ثوريا للتغيير الدراماتيكي لنصحو غدا على طي صفحة الانقسام ونبدأ بنظام حكم جديد يلغي مرحلة بائسة برموزها ومكوناتها.

المصالحة التوافقية رغم وجود محددات زمنية للسير فيها تحتاج صبرا اكبر من صبر ومعاناة سنوات الانقسام وتحتاج ابداعات في التنفيذ مبنية على حسن النوايا التي تتوفر لدى أي شعب له دولته المدنية القائمة ونظامه السياسي والاقتصادي المستقر، أما في حالتنا الفلسطينية ونظامها السياسي والاقتصادي غير المستقر ونحن مازلنا تحت الاحتلال ويتحكم الجميع من خارجنا في اقتصادنا ومعابرنا ورواتبنا وأسلحتنا وتعليمنا وصحتنا ولا نتحكم نحن إلا في انتمائنا وإرادتنا ذات الهامش الضيق للحركة والفعل ويقتضي الحال والواجب علينا اللعب به في ملعب مليء بالألغام،  فهل لدينا الحكمة والذكاء لتحويل كل هذه التهديدات إلى فرص لصالحنا ؟

المشهد بتداخلاته وعيوبه وأنانيتنا وفئويتنا وقبليتنا لا يبشر بخير ولا يطمئن شعبنا على الخروج من هذه الحالة بسلام فالطريق وعر ولكن ما توافق عليه المنقسمون نتمنى أن يمضي لنهايته بالخير لشعبنا وقضيتنا ويحتاج صبرا كبيرا من الجميع بشرط أن نكون قادة وشعبا اذكياء أدركوا بعد كل ما جرى أننا بحاجة لبعضنا البعض ولا نعمل لأجندات ذاتية أو خارجية ولكي لا نكون جميعا فلسطينييون يسخر العالم من جهلنا بمصالحنا العليا وقضيتنا.

الذي لم يدرك حتى الآن كيف يهزأ منا الآخرين وينتهكون كرامتنا أينما كنا وأينما ذهبنا هو جاهل وأناني ومريض ولا يجوز له مواصلة المسرحية المخرومة بأنه يدافع عنا ويريد تحريرنا ومن حقنا النقد والمراقبة والتوجيه والشكوى والتظاهر أيضا من خروقات سنجدها في الطريق ما دمنا نحن الشعب لم ننجح في اجبار المنقسمين على ما نريد من تنحيهم عن حكمنا بقوة الجماهير وفعلها  وهم الذين فرضوا رؤيتهم واتفاقهم علينا ونتمنى علي شعبنا أن يواصل مطالبه فالسياسيين ليس عليهم رباط.

وإن كان الفعل الثوري الجماهيري لم ينضج بعد لتغيير الحالة الحزينة التي نحن نعيشها فسوف يصل إليها بالتأكيد إذا لم تتعلم حماس وفتح الدرس جيدا بعد كل ما جرى .. سنرى هل عادوا لوعيهم واستخلصوا العبر وزهقوا من المكاسب الحزبية والذاتية على معاناة شعب من المفترض أنهم قاموا من أجل تحريره واستقلاله وكرامته أم مازالوا تائهون في طريق الذاتية والجهل والأجندات الخارجية التي لا تحمل خيرا لشعبنا .