عندما كانت الشعوب هي من تصنع القوانين كنا أمجادا عظماء

بقلم: هاني زهير مصبح

عندما كانت الشعوب هي من تصنع القوانين كنا أمجادا عظماء عندما كنا أمة واحدة كنا أمجادا عظماء أقوياء منفردين في كل السبل والمعارف وفي شتي المجالات وهذا ليس مجرد كلام أتغني به بل التاريخ والحضارة التي صنعت بأفعال لا أقوال مازال التاريخ ينقشها نقشا في قلوب من قرأها وعرفها تلك هي حضارية إسلامية عريقة ليست كما يشوهها كثير من الأعداء في هذه الأيام وللأسف لا نجد من يدافع عنها من أولي الأمر وبالدرجة الأولي ذلك واجب عليكم أيها الحكام لأن حاكم الرعية ليس ذلك منصبا فخريا أو شرفيا بل هو واجب ثقيل ومسئولية كبيرة تقع علي كاهل من يحملها ومن نال ثقة شعبة فعلية أن يكون خادما لشعبة وليس سوطا يجلد به من يقول له اتقي الله ، فحضارتنا الإسلامية وديننا الإسلامي أتي رحمة للعالمين علي يد رسولنا الكريم محمد صلي الله علية وسلم أرسل الله تبارك وتعالى محمداً رحمة للعالمين فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، رحمة بالإنسان والحيوان والجمادات
ومن بعدة يحكم المسلمون كما أمرنا الله ورسوله بالعدل بين الناس فكان حكامنا يطلعون علي أحوال رعيتهم وشعوبهم بأنفسهم ولم يكن أكبر همهم كيف تكون لهم القصور والملك الزائف والثراء الفاحش فهذا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنة يخرج ليلا في شوارع المدينة وأزقة الحواري لا ليتلصص علي رعيته وإنما ليعرف أحوالهم وحاجاتهم فسمع إعرابية تناجي زوجها الغائب وتنشد في ذكراه شعرا وتقول " تطاول هذا الليل واسودَّ جانبه، وأرقني إذ لا حبيب ألاعبه فلولا الذي فوق السماوات عرشه، لزعزع من هذا السرير جوانبه" فيقترب أمير المؤمنين ويسترق السمع ،ثم يسألها من خلف الدار "ما بك يا أختاه ؟ " فترد "لقد ذهب زوجي إلي ساحات القتال منذ أشهر وإني أشتاق إليه"
فيرجع عمر إلي ابنته حفصة رضي الله عنها ويسألها كم تشتاق المرأة إلي زوجها ؟ فتستحي ثم تجيب أربعة أشهر أو خمسة أو ستة ويعود الفاروق إلي داره ويكتب لأمراء الجيش " لا تحبسوا الجيوش فوق أربعة أشهر " ويصبح الأمر قانونا يحفظ للمرأة أهم حقوقها .
قانون صاغه المجتمع "الإعرابية وحفصة " ونجد اليوم كثيرا من أعداء الإسلام من يتهمنا بظلم المرأة في عالمنا الإسلامي فالإسلام هو أول من دافع عن حقوق المرأة وكرمها وحفظ لها مكانتها
وكذلك الإسلام هو أول من كفل للأطفال حقوقهم ففي أثناء سير أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ليلا سمع أنين طفلا أمه تحاول فطامة وهو لا يريد فكان ذلك الفطام قبل موعدة فعلم أن الأم تريد فطام طفلها حتي يصرف للطفل مائة درهم من بيت مال المسلمين ،فعاد أمير المؤمنين إلي منزلة المتواضع وصوت أنين الطفل يئن في عقلة فما كان منه إلا أن يصدر قانونا بصرف مائة درهم لكل طفل منذ ولادته فكان ذلك قانونا يحمي حق الطفل في رضاعته وحق الطفل في كفالتة من الدولة، هكذا نحن المسلمون يجب عليكم أيها الحكام في عصرنا الحالي أن تصيغوا القوانين بشكل صحيح يكفل للمرأة حقها وللطفل حقوقه .
وعندما أتي عمر بن الخطاب إلي بيت المقدس ليتسلم مفاتيح القدس كان يسير علي الأرض ويسحب دابته التي يركبها خادمة في دلالة علي احترام البشر وحفظ حقوقهم وكرامتهم ولا فرق بين الناس جميعا وكلا حسب موضعه ومهامه وليس لأنني الرئيس أفعل ما أشاء ولأنك الخادم ليس لك شيئا في الحياة ،وعندما دخل الكنيسة وحان وقت الصلاة لم يصلي داخل الكنيسة وصلي في الساحة الخارجية وذلك في إشارة منه باحترام حرية العبادة والأديان .
ليس العيب اليوم في إسلامنا أو في حضارتنا وإنما العيب في من يمارس السلطة علينا ويقول للعالم هكذا نحن نحكم في بلادنا الإسلامية فالعيب فيكم يا من تحكموننا والعيب فيكم يا من تحابون الحاكم والسلطان وتضعون القوانين علي أهوائهم ،عندما أراد الصحابة التكلم مع الرسول صلي الله عليه وسلم بعدم تطبيق الحد علي سارق مسلم غضب منهم غضب شديد ورد عليهم قائلا: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " بأبي وأمي أنت يا رسول الله فالحكم بالعدل بين الناس هو السبب في نشر الإسلام وتطبيق المساواة هو من صنع التاريخ العريق لدولة الإسلام مما جعلها تمتد شرقا وغربا وتعبر البحار والمحيطات ويصل صداها كل الكره الأرضية .
رسالتي إلي المجتمعات الغربية وإلي كل من ينظر إلي المسلمين نظرة سلبية أقول لكم جميعا أنا لست غاضبا منكم بل لكم كل الاحترام والتقدير ولكن قبل أن تحكموا علينا عليكم قرائه تاريخنا الإسلامي بشكل جيد وأن تعرفوا ما هو الإسلام وإلي ماذا يدعوا الإسلام فهو يدعوا إلي عبادة الله خالق كل شيء ويدعونا إلي تطبيق العدل والمساواة ورفع الظلم ويأمرنا بالرفق بالحيوانات وبالشجر ويدعونا إلي الأمن والأمان فهل من أحد يختلف معي في ذلك ؟ لا أظن أن أحد لا يحب ذلك ، فالأشياء التي تسيطر علي عقولكم بسبب أفعال فردية أو مدسوسة يرتكبها بعض الحمقى تحت شعار الإسلام من عنف وجرائم وإرهاب فنحن كمسلمون نرفضها مثلكم تماما فديننا الإسلامي حرم قتل النفس بغير الحق وحرم الاعتداء علي الآخرين إلا في مواضع محدودة ومنها الدفاع عن النفس وذلك مشروعا والدفاع عن الأوطان ولا يختلف أحد في ذلك .
فقبل أن تحكموا علينا كمسلمين عليكم قرائه تاريخنا جيدا ومعرفة ما هو الإسلام وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل من لا يشرح للعالم مفهوم الإسلام الحقيقي وليس كما يفهم العالم اليوم أننا إرهابيون

بقلم الكاتب الفلسطيني /هاني زهير مصبح