الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة الفلسطينية تعيد إلى الأذهان عملية السور الواقي التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 في أعقاب عملية قتل رحبعام زئيفي وزير السياحة الإسرائيلي في ذلك الوقت على يد عناصر من المقاومة الفلسطينية ، وشهدت من القتل والتشريد والتدمير ما لم تشهده الأراضي الفلسطينية منذ العم 1967 ، وكانت من نتائجها محاصرة الرئيس ياسر عرفات ومن ثم استشهاده عام 2004 ، وعملية الوهم المتبدد التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2006 ، وتم اسر جندي إسرائيلي هو جلعاد شاليط في أعقاب هذه العملية الفدائية هاجمت إسرائيل قطاع غزة ، حيث دمرت الكثير من المرافق الحيوية ، مثل محطة توليد الكهرباء والجسور الكبيرة وغيرها كما شنت سلسلة من الاجتياحات العسكرية راح ضحيتها المئات من أبناء شعبنا شهداء وجرحى ، لكن هل حققت إسرائيل أيا من أهدافها ، فبعد هاتين العمليتين الكبيرتين استطاع شعبنا أن يلملم جراحة وان ينهض ليواصل الطريق من اجل الحرية والاستقلال واستعادة الحقوق المغتصبة ، اليوم تعود إسرائيل إلى جنونها بعد أن أعلنت عن اختطاف ثلاث مستوطنين ، وبدأت في إلقاء الاتهامات محملة الفصائل الفلسطينية خاصة حركة المقاومة الإسلامية حماس مسئولية هذه العملية ، ومحملة السلطة الوطنية الفلسطينية أيضا المسئولية ، حتى الآن لم يعلن أي فصيل فلسطيني عن تبنيه لهذه العملية ، وان كان الرأي العام الفلسطيني وهو يرى ويسمع ويتابع تداعياته وعيونه تنظر إلى نحو 5000 أسير فلسطيني يقبعون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، يواجهون فيها شتى صنوف العذاب والمعاناة ، عشرات منهم في حالة إضراب عن الطعام منذ أكثر من الخمسين يوما وما زالوا ، لدرجة أن شارف بعضهم على السقوط شهداء على درب الحرية ، هؤلاء لا يلتفت إليهم احد ، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد مجرد الإعلان عن فقدان ثلاثة مستوطنين ، نعم أقول وهذا هو حال الكل الفلسطيني نعم لأسر هؤلاء المستوطنين حتى يخرج أبناء شعبنا من المعتقلات الإسرائيلية
هذه الأحداث ما سبق منها وما يجري الآن تدل على مدى صلابة شعبنا ، وقوة إرادته ، مهما تعرض من قتل ، واعتقالات ، وتشريد ونفي ، وتدمير ممتلكات ، إلا انه صابرا قويا صامدا حتى تحقيق أهدافه ، وعلى أركان القياد ة الإسرائيلية أن تعي أن الفلسطيني لم ولن يفرط في حقوقه أبدا ، مهما طال الزمن .
رأينا ضرورة هذه العجالة التاريخية، لان ما يجري حاليا من هجمة إسرائيلية شرسة تقوم بها قوات الاحتلال في مدن وقرى الضفة الغربية وفي قطاع غزة، ومن المتوقع ازدياد وتيرتها وشدتها في الأيام القليلة القادمة ، ربما يرتبط بما يجرى في الساحة الإقليمية خاصة ما يجري في العراق وسوريا ومصر ، لكن الأهم من ذلك انه يرتبط ارتباطا كبير بما يجرى في ساحتنا الداخلية .
لقد جن جنون إسرائيل عند الإعلان عن اتفاق المصالحة الفلسطيني ، وبدأت الحكومة الإسرائيلية في إطلاق تهديداتها التي لم تتوقف طالبة من الفلسطينيين التراجع عن هذا الاتفاق ، ومع إدراك الجميع سبب هذا الرفض الإسرائيلي للاتفاق الفلسطيني ،ومحاولة عرقلته ، إلا أن السياسات الفلسطينية ما زالت في نظرنا لا ترقى إلى درجة المواجهة مع العدو ، والمواجهة هنا ليس بالضرورة أن تكون عسكرية ، وفي نفس الوقت تثير القلق إذا غالبا ما يكون الغموض سيد الموقف ، فعلى سبيل المثال ، بإعلان اتفاق المصالحة استبشرت جماهير الفلسطينيين في كل مكان خيرا ، ولكن حتى الآن لم يطرأ جديد على الساحة الداخلية الفلسطينية ، فعلى الرغم من تشكيل حكومة التوافق الوطني ، إلا انه ما زالت التصريحات والمناكفات الإعلامية على أشدها ، ما زال المواطن الفلسطيني في غزة لم يشهد تغييرا فالأمور كما هي كما كان قبل الاتفاق ، ودليلنا إغلاق البنوك ليس أمام الموظفين بل أما كافة المواطنين مدة قاربت على الأسبوع ، وما زالت حكومة التوافق قابعة في رام الله ولم تقم حتى الآن بزيارة لقطاع غزة حتى يشعر المواطن بأنها حكومة جاءت لتعمل من اجله ومن اجل تعزيز وحدته ، ما زالت معظم بنود الاتفاق لم يتم العمل عليها ، كان المفروض أن يدعى المجلس التشريعي للانعقاد ، كان من المفروض دعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير للانعقاد ، المراسيم الرئاسية التي تنظم وتحدد مواعيد الانتخابات لم تصدر.
أمور كثيرة لا بد من العمل لانجازها وربما البطء فيها يعطي إسرائيل الفرصة لخلط الأوراق وإفشال ما يقوم به الفلسطينيون لتعزيز وحدتهم ، وهو ما نعتقد أن ما تحاول إسرائيل وقواتها القيام به حيث تستمر في تنفيذ مشاريعها الاستيطانية واعتداءاتها على شعبنا ، واستمرار احتلالها للأراضي الفلسطيني .
كل هذه الأمور التي تجري على ساحتنا تجري في الوقت الذي يمتلك فيه الفلسطينيين من أسباب القوة ما يجعلهم الوقوف في وجه إسرائيل ومخططاتها ، وأول هذه الأسباب كما ذكرنا هو القوة الذاتية الفلسطينية المتمثلة في الصمود والتحدي والصبر وتحمل المعاناة والإرادة القوية من اجل تحقيق الأهداف ، أما ثاني هذه الأسباب هو الدعم الدولي الذي حظي به شعبنا ، خاصة بعد أن حققنا اعترافا دوليا بفلسطين دولة عضو بصفة مراقب ، إذن فلسطين أصبحت دولة باعتراف أممي ، وبعدد من الدول يفوق العدد الذي يغترف ياسرائيل، فلماذا لا يتم تفعيل هذا الانجاز ، لقد أتاح لنا هذا الانجاز الانضمام إلى المنظمات الدولية على اختلاف وظائفها ، لماذا توقفنا عن التقدم للانضمام إلى هذه المنظمات ، للوقوف أمام إسرائيل في المحافل الدولية وملاحقة جرائمها بحق شعبنا وفضحها ،
السؤال الآن إلى متى سوف نظل نتلقى الضربات من عدونا ، نتلقى التحذيرات والتهديدات من كل القوى ، لماذا نقف كثيرا مكتوفي الأيدي أمام المفاوضات وإلا ، لا تذهب إلى المنظمات الدولية وإلا ، لا للدولة وإلا ، ناهيك عن الضرب من السماء والأرض والبحر ، وفي النهاية بيانات استنكار والسلام ، في النهاية نعتقد أن شعبنا في حاجة إلى مبادرات ونضالات قد تكون ضرورية لتحريك الأمور ، وضرورية لإفهام أعدائنا بأننا شعب قادر ، وله أساليبه ونضالا ته ، وانه لا يمكن أي يكون دائما هو الذي يتلقى الضربات دون الرد عليها .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
16/6/2014