من مجتمع ذكوري صرف مجبول بتقاليد شرقية صارمة وعتيقة..فيها ما يشرف الخلق...وفيها ما يشبه الخنق..الى مجتمع اكثر انفتاحا وسماحة تفرضه الضرورة والتطور ومجاراه العصر ...!!
هكذا حال الدنيا ..صراع ازلي بين قديم وجديد.. قريب وبعيد .. ضار ومفيد... بين جهل وعلم .. تخلف وابداع.. وواقع وضياع...!!
كنت في قمة الاندهاش ..عندما فوجئت في نهاية أمسية تراثية وطنية... بمن ينادي على (المختارة)...!!
اعتبرت الامر في البداية مزحة او نكشة راس ...ولكني وجدت من تقف على حيلها وتنبري بالكلام كما لو في يدها حسام..!! سيدة محجبة مجلببة توحي بالتقديرالاحترام واثقة جدا بنفسها..وتعتز بلقب اختارته لها قدراتها ودورها.. ووجدت في ذات المكان اكثر من ثلاث مختارات اخريات...في ظاهرة مجتمعية اصلاحية اخذت تنتشر وتثبت وجودها في قطاع غزة ..وتلقي حجرا في البركة الراكدة..!!
من مع .؟!.ومن ضد؟!!
عدت الى البيت متحمسا لمبادرات حواء وكتبت في ذلك بوستا للمتفيسين..لاجد بانتظاري في اليوم التالي رسالة على الخاص –الله لا يوريكو- من مختار احترمه ولا اشك في وطنيته وصدقه ..يعتب علي انتصاري للمختارات دون المخاتير،وانه لا توجد عائلة تحترم نفسها تولي عليها مختارة !! ويتهمني سامحه الله بالمداهنة والنفاق !! فرددته ردا جميلا !!
وقد ادركت بعد وقت لم قام اصحاب العبايات وغادروا المكان مشوحين بايديهم قبل الاوان...
سالت نفسي..وهل الهند وسيلان وباكستان المسلمة بعظمتها لم تكن تحترم نفسها عندما ولت عليها امراة ؟!!!
اعرف ان ولاية المرأة مسالة شائكة ومختلف عليها.. ولا اريد ان ادخل في سبب ضعف اسناد الحديت (لا خير في قوم ولوا عليهم امراة)...فقط اقول ان لا نص قطعي في الكتاب والسنة ينقص المراة حقها دون الرجل ..!!
حاولت قدر جهدي تقصي ظاهرة المخترة النسائية بموضوعية ..وانا اعرف ان كلمة مختار لغة مشتقة من الفعل اختار وهي اسم فاعل و مفعول معا لذكر وانثى على السواء لكن المتعارف عليه وحسب التقاليد انه اطلق اصطلاحا على الذكور فقط.. جلست الى المختارات وهن في الحقيقة وبالتسمية الاصح وبعيدا عن الحساسيات (مصلحات اجتماعيات)!! ادركت انهن مثقفات ..دارسات ..واعيات ..داعيات..مؤمنات.. لا ينازعن المخاتير البتة سلطانهم ووجاهاتهم ولا ينوين تربية شنوب وذقون.. ولا يطمحن الى الاستيلاء على بكارج القهوة والمناقل والفرشات وا لمساند.. في شق عامر ...!! وانما يتصدين بوازع من دين ووطن وانتماء لحل مشاكل نسوية حساسة يعجز عن حلها مختار ذكر وبافضلية تتماشى والتقاليد..!! تماما كافضلية ان تكشف على المراة طبيبة دون طبيب..!!
بدوري ككاتب ذكر يعلن انحيازه التام للمراة الفلسطينية فخرا وانتماء الى ام واخت وحبيبة وزوجة وابنة ...ام واخت وزوجة وابنة شهيد اوجريح اواسير ومفقود.. سعدت كثيرا وايدت ودعمت علنا ان تاخذ المراة حقها ودورها الريادي والمجتمعي..ولم لا ؟
هل نريدها امة مؤمنة صابرة واثقة شجاعة تلد امة.. ام نريدها بقرة ولود حلوب خنوعة مسحوقة؟!!
في الاختيار بين مصيرين ..تكمن النظرة الحقيقية لانثى كرمها الله في قرانه الكريم بان سمى باسمها سورة مريم وكرمها نبيه بتكريمه لخديجة وعائشة وامهات المؤمنين... واتى على ذكر رعايتها والرفق بها وعدم اهانتها في اكثر من حديث..!!
في الاختيار بين مصيرين... يكمن الانصاف او الاجحاف بحق نصفنا الاخر الذي لا وجود لنا الا بوجوده.. ولا شرف الا بشرفه ولاعز الا بعزة ... فهي شئنا ام ابينا ..ان نعمت وامنت رفيقة عمر ورمانة البيت وبسمة الحياة ونعمة الطمانية وراحة البال وهي ايضا ان قهرت وتمردت .. دمار وعار ..!!
في الاختيار بين مصيرين....يكمن الانصاف او الاجحاف بتاريخ وهوية المراة العربية والاسلامية والوطنية
في الجاهلية كان للمراة شان عظيم ويسمى الابناء باسمها فكانت زنوبيا وبلقيس وليلى وعبلة وبثينة وعزة...و ...و... وفي الاسلام كانت زوجات الرسول وبناته والصابرات المحتسبات كالخنساء وممرضات المجاهدين وفارسات الميدان كخولة بنت الازور..
اما في عصرنا الحديت عرفنا في السياسة انديرا غاندي.. وبندرانيكا ومارجريت تاتشر وبنازير بوتو ...
وفي الفضاء فالنتينا تلشكوفا... وفي العلم هيلين كيلر و..و.. وفي المجتمع الرائدات هدى شعراوي ومي زيادة ونازك الملائكة وام كلثوم وبنت الشاطئ وغادة السمان واحلام مستغانمي و..و...
وفي وطننا الحبيب عرفنا المقاتلات والشهيدات دلال المغربي و وفاء ادريس...وايات الاخرس... و....و... وامهات وارامل الشهداء في النكبة والنكسة والانتفاضة ..عرفنا الاكاديميات الرائعات في الجامعات والمديرات المبدعات في المدارس المؤسسات..!!
نعم لا فضل لرجل على امراة الا بالتقوى... وما القوامة وفرق الميراث الا مسئولية للذكر نحو الانثى ..!!
هكذا درسنا وتعلمنا في رحاب كتابنا ورسولنا العظيم الذي قال (ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم)!!
وكم من موقف عظيم وقفته امراة عجزت عنه الرجال....!!
العظمة والعطاء لا يكونان حكرا على زند فتي اوشنب....والمدارس و الجامعات تشهد على من من الجنسين اكثر تفوقا...!!
ليس قولي ماسبق نصرة للمراة على الرجل او تزلفا ومداهنة كما يعتقد البعض... فهي ليست بحاجة الى ذلك وانما نحن الذكور بحاجة الى ان نتق الله دائما في الامانات اللائي في اعناقنا عاملات كن او ربات بيوت ...!!
والسؤال ...
لم لانكون للمراة الفلسطينية..عونا وسندا قبل ان تكون متعة ونكدا..؟!!
هل من العيب ان تتفوق علينا عطاء وابداعا..؟!!
دعونا من خرافة (سي السيد ).... ومن تقاليد سيطرة الذكر .... ولتكن لنا اسوة حسنة في سيد البشر..!!