بالرغم من تسخين جبهة غزة وضربها بصواريخ الطائرات الاسرائيلية ليل نهار , وبالرغم من جعل اهلها يعيشون حالة ترقب وخوف وتوتر كبير الا ان هذه الجبهة ستبقي المعادلة التي لا تستطيع اسرائيل حلها بأي اسلوب حربي وبأي كم من البارود , منهم أي المحتلين كليبرمان من اوصي باحتلال غزة بالكامل ليحل مشكلة اسرائيل على الحدود ويقضي على الصواريخ بحسب اعتقاده الغبي , ومنهم من يري أن يزيد وتيرة التصعيد لتأخذ حالة حرب استنزاف للمقاومة مع تنفيذ اغتيالات في نهايتها لتطال مستوي قيادي كبير على غرار اغتيال احمد الجعبري وبالتالي يقول للجمهور الاسرائيلي "هذا تارككم لقد أخذناه وعلمنا الفلسطينيين الذين يرسلوا الصواريخ درسا قاسيا وضربنا كل القواعد الصاروخية " ومنهم من يري غير ذلك لكنهم قلة ولا يسمع صوتهم في ظل حالة التطرف الكبيرة التي تشهدها الساحة الاسرائيلية والتي بالطبع ستقود الى مزيد من العداء والمعاناة لجميع شعوب المنطقة ولن يستثني منها الشعب الإسرائيلي .
فشلت كل قوة اسرائيل حتى اللحظة العسكرية والاستخبارية في الوصول الى حل عقدة اختفاء المستوطنين الثلاثة قبل حوالى اسبوعين, واعتقد ان اسرائيل استنفذت كل ما لديها من حملات على الخليل وباقي مدن الضفة الغربية بعدما عاثت فسادا في كل مكان واستعرضت كل ما لديها من قوة ,فلم تكن المرة الاولى التي تستعرض فيها اسرائيل قوة جيشها امام الشعب الفلسطيني الاعزل ,بل تكاد تكون المرة الالف في تاريخ الصراع التي تستخدم اسرائيل فيها نفس الاساليب القمعية الاحتلالية ,فكل الحملات تستهدف الانسان الفلسطيني وعناصر بقائه وصموده على هذه الارض لكن منذ حملة السور الواقي اخذت تتحول الى حملات عقاب جماعي تهدف للتنكيل وقمع واذلال المواطنين الفلسطينيين ,واليوم طال اعتداء جنود الاحتلال النقود والاموال والمصاغ وكل ما يقع تحت ايدي الجنود من ثروات بالسرقة والنهب, هذا ليس اتهاما وانما حقيقة لها ادلتها , فعندما يقول طفل فلسطينيي من الخليل ان حصالة نقوده التي اعتاد ان يوفر فيها من مصروفه اليومي قد سرقها الجندي الاسرائيلي فإن هذا شيء مذهل ولا يمكن تصوره الا كجريمة انسانية ارتكبت مع سبق الاصرار والترصد في غياب العين الدولية التي تحاسب مرتكبي مثل هذه الجرائم .
قد يكون فشل اسرائيل في حملتها العسكرية قاد الى تسخين جبهة غزة لكن اعتقد ان غزة كانت الهدف الاكبر منذ ان بدأت الحملة العسكرية بالبحث عن الجنود المختفيين ومازالت كذلك لان اسرائيل من خلال غزة تستطيع تحقيق مخططات لن تحققها الا بحملة عسكرية كبيرة تطال غزة لأضعاف قوة المقاومة الفلسطينية وتنفيذ سيناريو مختلف عن الضفة الغربية لكنها تتفادي أي حرب كبيرة قد توحد الفلسطينيين بشكل سريع وتقوي حركه حماس هذا ما سيجعل اسرائيل تحافظ على صورة الفعل ورد فعل استنزافي اكبر وانتقاء اهداف عسكرية بما يمكن من تدمير مخزون صواريخ المقاومة على الارض وتبقي قواتها على الحدود جاهزة للتدخل عند أي تطور ميداني مع غزة , لذا فانا استبعد في المرحلة الحالية على الاقل او خلال الاشهر القريبة القادمة ان تلجأ اسرائيل لنفس سيناريو 2008 لان هذا السيناريو من شانه ان يؤلب العالم على اسرائيل وخاصة ان هناك انتقاد واسع لسياسة اسرائيل بعد فشل المفاوضات التي كانت ترعاها الولايات المتحدة بسبب امتناع اسرائيل عن تنفيذ اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسري , وهناك حالة من المقاطعة الكبيرة لبضائع المستوطنات الاسرائيلية وحتى بريطانيا التي تعتبر من حلفاء اسرائيل بالعالم في بيان لوزارة خارجيتها حذرت المواطنين من التعامل مع الشركات التي تتعامل مع المستوطنات الاسرائيلية و كانت سبقتها هولندا و اسبانيا فرنسا عندما حزرت وزارات الخارجية لتلك البلدان مواطنيها من القيام بنشاطات اقتصادية مع المستوطنات الاسرائيلية.
اذا كنا نعتقد ان اسرائيل ستشن حرب خاطفة على غزة في المرحلة الحالية من اجل اعاقة عمل حكومة الوفاق الوطني والقضاء على حماس بغزة فان هذا الاعتقاد ليس واقعيا لان اسرائيل تعرف ان الحرب ستنتهى من هنا و يهرول العالم لحكومة الوفاق من هنا لتمكينها من مداواة الجرح الذي تسببت فيه اسرائيل وبالمقابل فان اسرائيل تدرك ان انهاء حركة فلسطينية بحجم حركة المقاومة اصبح مستحيلا بالحل العسكري أو خلال حرب خاطفة لكنها ستبقي تستنزف قوة المقاومة الفلسطينية بطرق حربية عدة منها القصف المستمر لكافة قواعد العمل المقاوم على الارض على اعتبار ان طرق تزويد المقاومة بالسلاح اصبحت مغلقة بالكامل وهذا يحتاج الى وقت طويل بالتزامن مع ابقاء الحصار مفروضا على الحكومة الجديدة وإعاقتها بكل الطرق من تولى مقاليد الحكم وادارة حياة الفلسطينيين بالتساوي في غزة والضفة , لذا فإن الاعتقاد ان التصعيد الحالي سيكون على شكل حرب استنزاف للمقاومة حتى يعتاد الفلسطينيين على الوتيرة التصعيدية ويتعايشوا معها الى ان تسمح الظروف لإسرائيل بالانقضاض على غزة وانهاء قوة المقاومة بالكامل .