غزة تحت النار 30 / ضحايا الإسعاف والدفاع المدني

بقلم: مصطفى يوسف اللداوي

ضحايا الإسعاف والدفاع المدني
لم تسلم سياراتُ الإسعاف والدفاع المدني من القصف الصهيوني المتعمد، فقد عمد جيش العدو في هذه الحرب العدوانية وما سبقها، إلى قصف العاملين في مجال الإسعاف من الأطباء والممرضين ومساعديهم، وكافة الطواقم العاملة فيها، وكذلك استهدف رجال الدفاع المدني فقتل بعضهم، ودمر سياراتهم ومعداتهم، ومنعهم من أداء واجبهم، وإتمام المهمات التي انطلقوا من أجلها.
لا يتردد العدو الصهيوني في قصف سيارات الإسعاف وهو يعلم أنها تقل مرضى ومصابين، وتحمل فيها أطفالاً أو امرأةً حامل، وغيرهم ممن هم في حالة الخطر الشديد، ويلزمهم تدخل جراحي ورعاية طبية عاجلة، يقصفها بينما يضع العاملون فيها على ثيابهم ما يدل على عملهم، وتحمل سياراتُها الشارات الخاصة بها، وهي شاراتٌ دوليةٌ، موحدةٌ ومتفق عليها، تعرفها كل جيوش العالم، كما يعرفها عامة الناس، كي يخلوا الطريق لها، ويسهلوا عملها، ولا يعترضوا طريقها، ولا يعرقلوا مهمتها، ولكن العدو الصهيوني يتجاهل حقيقتها، وينكر دورها، ويتنكب إلى كل المعاهدات الدولية، والإعلانات العالمية والإنسانية، التي تنص على احترام الطواقم الإنسانية، العاملة في مؤسسات الإسعاف والدفاع المدني والهلال والصليب الأحمر وغيرهم.
كثيرون هم الشهداء الذين سقطوا نتيجة الغارات الصهيونية أثناء تأديتهم للواجب، أو خلال طريقهم إلى الأماكن التي تعرضت للقصف، وسقط فيها شهداء وجرحى، فبعضهم ارتقى شهيداً وهو يحمل جثمان شهيد، أو بينما كان يحاول إسعاف مصاب، أو سحبه من بين الركام، وغيرهم استهدف في السيارة مع جرحاه الذين يقلهم، أو الشهداء الذين ينقلهم إلى المستشفى، وبعضهم رجع بأجساد وأشلاء رفاقه.
أما رجال الدفاع المدني فإن الكثير منهم قد أصابتهم صواريخ العدو بينما كانوا يحملون خراطيم المياه، محاولين إطفاء الحرائق التي أشعلتها القذائف الإسرائيلية، وتسببت في حرق البيوت ومن فيها، وقتل الأطفال والشيوخ والعجائز حرقاً أو خنقاً، فإذا بالعدو يدخلهم بقذائفه المحرقة، ويحكم عليهم بالموت كأبناء شعبهم، مشكلاً خرقاً فاضحاً للأنظمة والقوانين والأعراف الدولية، وغير مبالٍ بردود الفعل المتوقعة.
رغم أن الأطباء والممرضين والمسعفين، ورجال الدفاع المدني، يعرفون أن عملهم خطرٌ، وأن المهمة الملقاة على عاتقهم قد تودي بحياتهم، وقد تصيبهم بنفس الداء الذي جاؤوا من أجله، فهم أثناء قيامهم بواجبهم يعرضون حياتهم للخطر، ويدخلون إلى مناطق الاشتباك، وميادين القتال، وينزلون إلى الأقبية المحترقة، والبيوت الملتهبة، ويتوقعون في كل لحظةٍ غارةً صهيونية تستهدفهم، أو قذيفةً تصيبهم، تقتلهم ومن معهم، إلا أنهم لا يتأخرون عن الواجب، ولا يجبنون عن تلبية النداء، ولا يقصرون في مساعدة ونصرة كل ملهوفٍ ومحتاج.
يتعرضون للقصف الإسرائيلي، ويعرضون حياتهم للخطر، ولكنهم يلبون النداء، رغم أن إمكانياتهم بسيطة، وتجهيزاتهم محدودة، وسياراتهم معدودة، ولا يوجد عندهم ما يكفي سكان قطاع غزة، الذين يتعرضون للنار جميعاً، ويستهدفهم القصف في كل مكان، ما يعني أن جهوزيتهم يجب أن تكون حاضرة لتغطية أي منطقة في قطاع غزة، إلا أن واقع حالهم البئيس، وقدراتهم المتواضعة، والتسهيلات القليلة، والحرية المقيدة، والقصف المتعمد، وإطلاق النار العشوائي عليهم، وحجز سياراتهم على الحواجز، وتأخيرها أو منعها، يحول دون قيامهم بالواجب المطلوب منهم على الوجه الأكمل والأفضل.
يدعي العدو الصهيوني كذباً أن الفلسطينيين يستخدمون سيارات الإسعاف والدفاع المدني في نقل السلاح والذخيرة ومعدات القتال المختلفة، وأن رجال المقاومة يستغلون التسهيلات المعطاة لهذه السيارات للوصول إلى مناطق ممنوعة، أو نقل مطلوبين أو مصابين وجرحى مقاومين من أرض المعركة إلى المستشفيات ومراكز العلاج والرعاية، ويتهمون المقاومة بأنها تملك سيارات إسعاف ودفاع مدني، وتستخدمها لأغراضها الخاصة، ولكن الحوادث تثبت دوماً كذب وافتراء العدو الصهيوني، حيث أن أغلب الشهداء الذين سقطوا من الإسعاف وهيئات الدفاع المدني، قد استهدفوا في مواقع القصف، وبينما هم في عملهم، أو أثناء نقلهم للجرحى والشهداء، ولم يسجل أن أياً منها كان يقل سلاحاً أو مقاومين.
إنه العدو الصهيوني الذي يستهدف كل فلسطيني، ويعادي كل عربي، ويرى الخطر كامناً في كل الفلسطينيين، أياً كانت انتماءاتهم أو وظائفهم ومهامهم، فلا نستغرب أفعالهم، ولا نتعجب من تصرفاتهم، إن عدوٌ غادرٌ فاجرٌ، خبيثٌ ماكرٌ مخادع، لا يحترم قانوناً، ولا يعترف باتفاق، ولا يراعي هدنة، ولا يلتزم بشارةٍ أو علامة.
الأحد 15:25 الموافق 20/7/2014 (اليوم الرابع عشر على العدوان)