تحليل إخباري الطريق الآن سالكه نحو الاتفاق النهائي

بقلم: راسم عبيدات

بعد الهدنة الإنسانية التي اعلنها مجلس الأمن أمس لمدة 72 ساعة،وتوجه الوفود الفلسطينية والإسرائيلية الى القاهرة للتفاوض،فإن الأمور من وجهة نظري باتت سالكة لإتفاق نهائي وستحمل ملامح هذا الإتفاق والذي سيكون برعاية وضمانات وإلتزامات دولية وليس مصرية،نسخة معدلة او منقحه عن قرار1701 الذي صدر عقب الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على لبنان في تموز/2006 بحيث تنتشر الشرطة الفلسطينية والمقصود هنا شرطة حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في غزة والمعابر مع رقابة دولية على المعابر والميناء والمطار ورفع الحصار والعودة للمفاوضات والحديث عن الأمن الإسرائيلي،المقاومة ستقول وترد بان ذلك يخص السلطة وليس الفصائل،فعندما توافق اسرائيل على تنفيذ القرارات الدولية وتنسحب من الضفة والقطاع،يكون سلاح المقاومة مطروحاً للبحث وليس الان،ويجب ان تكون هناك تبادلية وخصوصاً ان اسرائيل هي من يهدد الأمن والإستقرار والسلم في المنطقة وليس المقاومة.


ما كشفت عنه الحرب فشل ذريع لما يسمى بالقبة الحديدية وانهيار قوة الردع الإسرائيلية التي بدأ تآكلها في حرب تموز/2006،حيث أن هذه القبة الحديدية فشلت في إسقاط الكثير من الصواريخ الفلسطينية،فكيف لو ان ذلك حصل في مواجهة مع حزب الله،تطلق فيها مئات الصواريخ دفعة واحدة،فهذا كان سيلحق هزيمة وانهياراً في الجبهة الداخلية الإسرائيلية .وأيضاً كانت هناك هزيمة ساحقة لقوات النخبة الإسرائيلية لواء جولاني من خلال الخسائر الفاضحة التي تكبدها أمام المقاومة الفلسطينية،وقدرة المقاومة على تنفيذ عمليات نوعية في داخل فلسطين المحتلة عام(48 )،رغم الحصار والمراقبة الدائمة براً وبحراً وجواً لقطاع غزة.
خلق المقاومة لتوازن رعب والقدرة على إلحاق الخسائر في العمق الإسرائيلي وتكبيده خسائر إقتصادية فاضحة من خلال شل الحركة والحياة الاقتصادية والتطور النوعي فرض الحصار على اجواء الإحتلال.


لأول مرة اسرائيل تستجدي الهدنة اكثر من مرة،فقد استجدت ذلك في الأيام الأخيرة للحرب العدوانية التي شنتها على حزب الله والمقاومة في لبنان في تموز/2006،بعد ان رفضتها اكثر من مرة،والعرب يحثونها السرعة في الإجهاز على حزب الله والمقاومة،ولكن ما لحق بها من خسائر وتضعضع جبهتها الداخلية جعلها تستجدي الهدنة ووقف إطلاق النار. وهنا حسب ما صرح به كيري وزير الخارجية الأمريكي الشريك المباشر لنتنياهو واسرائيل في الحرب على شعبنا في قطاع غزة،فإن نتنياهو وليبرمان إستجديا الهدنة اكثر من مرة ،رغم حديثهم عن الحرب البرية وإعادة إحتلال قطاع غزة.
التخبط في المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتبادل الإتهامات على خلفية ذلك بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية والتي وصلت حد إقالة نتنياهو لنائب وزير الجيش داني دنون. وفشل استخباري كبير حول قدرات المقاومة العسكرية والتسليحية وخصوصاً الصواريخ بعيدة المدى وكمياتها وانواعها وقوتها التدميرية ودقتها.


عدم قدرة اسرائيل في تحقيق اهداف عدوانها،وبنك اهدافها في اغلبه قتل المدنيين وإستهداف الأطفال والنساء والمدنيين العزل،وكذلك التدمير الممنهج وإرتكاب المجازر وجرائم الحرب،حيث قصفت مؤسسات دولية ودور عبادة ومدارس ومشافي ومحطات الكهرباء والمياه،ولم تنجح من خلال ذلك في فك العلاقة بين الجماهير والمقاومة،او تحقيق اهدافها في كسر إرادة المقاومة وتدمير مخزونها من الصواريخ،وتدمير الإنفاق والبنية التحتية للمقاومة،وكذلك ضرب المؤسسات الدولية وقصفها المتعمد،وعدم الإدانة الدولية لها،جعل اسرائيل تتصرف بغطاء دولي وعربي كدولة فوق القانون.

توحد المقاومة ميدانيا وقدراتها العالية على التنسيق فيما بينها،جعلها تنتصر في هذه الحرب المدمرة مع الفارق الكبير في الإمكانيات والقدرات العسكرية والتسليحية والنارية واللوجستية.


الحرب كشفت عورات الكثيرين عربا وفلسطينيين،حيث كان واضحاً بان هناك العديد من الدول العربية وتحديداً مشيخات النفط والكاز الخليجية،إصطفت الى جانب اسرائيل في دعمها ومساندتها في عدوانها على شعبنا في قطاع غزة،وكذلك كانت مصر،حيث ان خلافها مع حركة الإخوان المسلمين وحماس التي دعمتهم وساندتهم وشاركتهم اعمالهم ضد النظام المصري،جعلها تنظر للأمور من هذه الزاوية وزاوية وضعها الداخلي،وكانت دبلوماسيتها كمن يطلف النار على رجليه،وبالتالي اختزالها القضية الفلسطينية والمقاومة في حماس،جعل موقفها في موقف الداعم للعدو في عدوانه على شعبنا،وأفقدها الكثير من الزخم الشعبي العربي الذي كان من الممكن أن تحصل عليه،لو قامت بواجبها في حده الأدنى من فتح للمعابر وإدخال المساعدات الطبية والغذائية وقوافل المتضامنين،وكذلك السماح بخروج الجرحى والمصابين.


وعلى الصعيد الفلسطيني،كانت السلطة واركانها مربكة ومتخبطة وعاجزة،ومواقفها السياسية وحركتها السياسية والإعلامية لم ترتق الى مستوى الحدث والجرائم والمجازر المرتكبة بحق شعبنا،وبقيت مواقفها مبهمة ومترددة،وتحت الضغط الشعبي والجماهيري الذي حاصرها،بدات تتحرك لكي لا تقتلعها الحركة الجماهيرية وتتجاوزها،ورغم ذلك بقي ادائها اعلامياً وسياسياً دون المستوى،إرتباطاً بمصالحها واهدافها.