بعد ظهر أمس إرتكب الإحتلال ومستوطنيه جريمة جديدة بحق المقدسين تضاف لسجل جرائمهم السابقة،حيث أقدم المستوطنين على رشق الشاب محمد نايف جعابيص 21 عاماً من حي جبل المكبر بالقدس بالحجارة وإطلاق أحد المستوطنين النار عليه من علو،ليفقد اثناء رجوعه للخلف السيطرة على الجرافة التي يقودها،مما ادى إلى إصطدامه بإحدى حافلات "إيجد" الإسرائيلية المتوقفة مما أدى الى إنقلابها،ومن ثم اطلق عليه رجال الأمن الإسرائيليين النار بغزارة ليرتقي شهيداً،وجريمة قتل الشهيد جعابيص ليست الأولى ولا الأخيرة بحق المقدسين،فهناك تغول وتوحش من قبل الإحتلال ومستوطنيه تجاه المقدسيين،فلعلنا نذكر جرائم مشابهة إرتكبت بحق أبناءنا المقدسيين،فكانت جريمة قتل الشاب الشهيد يونس ردايده والشهداء غسان أبا طير وقاسم المغربي،والتي كانت بسبب فقدانهم للسيطرة على مركباتهم،وليدعي الإحتلال من اجل تبرير جرائمه بأنها عمليات فدائية. وقد سبق جريمة قتل الشهيد جعابيص،جرائم أخرى لعل أبرزها وأكثرها دموية وحقداً وعنصرية وبشاعة جريمة خطف وتعذيب وحرق الفتى محمد أبا خضير حياً،تلك الجريمة التي أشغلت غضبا عارماً،ليس على صعيد القدس وحدها،بل إمتد الغضب ليشمل كل مساحة فلسطين التاريخية،ولعل تلك الجريمة كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت هبات جماهيرية متلاحقة في مدينة،إذا ما وجدت حاضنتها فإن مفاعيلها مرشحة للتطور والتصعيد،وقد تبع جريمة حرق أبا خضير حياً جرائم اخرى،فقد جرت عدة محاولات من قبل المستوطنين لخطف أطفال عرب من منطقتي شعفاط وبيت حنينا،وكذلك حصلت إعتداءات وحشية بدوافع عنصرية بحق شبان عرب مقدسيين في أكثر من منطقة من مناطق القدس،وقد طالت تلك الجرائم حتى السائقين العرب العاملين على الحافلات الإسرائيلية" أيجد" كما ورشقت محامية فلسطينية بماء النار...ولم يكتفي المستوطنين وجمعياتهم الإستيطانية بتلك الجرائم بحق المقدسيين،بل يعمدون الى إقتحام المسجد الأقصى بشكل يومي وإستفزازي،كما حدث أمس واليوم أيضاً،فاكثر من 150 مستوطن امس واليوم إقتحموا الأقصى يتقدمهم الحاخام المتطرف يهودا غليك ووزير الإسكان المتطرف اوري ارئيل لتأدية شعائرهم التلمودية في ساحاته،وليتصدا لهم طلاب العلم والمرابطين والمقدسيين،حيث أصيب العشرات من المقدسيين جراء الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المدمع،وجرائم الإقتحام تلك ومسلسل الإستفزازات بحق المقدسيين مستمر ومتواصل،وتواصله يعني بأن هناك انفجار مقدسي حاصل لا محالة، فالمقدسيون باتوا يشعرون بأن هناك خطر جدي يتهدد وجودهم في هذه المدينة،والضغط المتواصل عليهم،والإعتداءات المتكررة،والتي تجري تحت سمع وبصر اجهزة الأمن الإسرائيلية واجهزتها الشرطية،هي عمل منظم وممنهج تشارك فيه كل المستويات والأجهزة المختلفة،وهي توزع الأدوار فيما بينها.
المقدسيون باتوا على قناعة تامة،بأن مسألة الدفاع عن وجودهم وحماية أرضهم وممتلكاتهم،وإفشال مخططات طردهم وتهجيرهم القسرية،ضمن سياسة ومخططات التطهير العرقي،وحتى امنهم الشخصي،هي مسائل تقع على عاتقهم بالدرجة الأساسية،فهم ملوا من كثرة الخطابات والبيانات والرسائل والمناشدات،والدعم الورقي واللفظي،ليس من أبناء جلدتهم وسلطتهم،بل من كل العرب والمسلمين،والذين جاءت الحرب العدوانية الهمجية التي شنها العدو على شعبنا في قطاع غزة،لتميط اللثام عن وجوههم القبيحة،ولتسقط ورقة التوت عن عوراتهم،حيث إصطف جزء لا بأس به منهم الى جانب العدو في حربه وعدوانه على شعبنا،وهذا يجعلنا متيقنين من انهم لا ولن يكونوا لا مناصرين ولا داعمين لشعبنا،وبالتالي مصير القدس والأقصى والقيامة،ليست بوارد حساباتهم،فجرائم الإحتلال حركت كل قادة وشعوب العالم،والذين إنتفضوا وتظاهروا وخرجوا في مسيرات ضخمة نصرة لشعبنا،وأمريكا اللاتينية عن بكره أبيها طردت سفراء الإحتلال،في الوقت الذي كان فيه سفرائها في عواصم عروبتنا يسرحون ويمرحون بحماية اجهزة امن الأنظمة العربية.
الآن المقدسيون يعلنون ويقولون للقاصي والداني،لقد بلغنا سن الرشد ولسنا بحاجة لوصاية من احد،كذلك يقولون للإحتلال ومستوطنيه،يكفي غطرسة وعنجهية وظلماً،فحتى لو أبدتمونا عن بكرة أبينا،ومارستهم المجازر والإبادة الجماعية بحقنا كما حصل لشعبنا في قطاع غزة،فنحن لن نبرح لا قدسنا ولا أرضنا،هنا ولدنا وهنا سنحيا وهنا سنقاوم وهنا سنموت.
وحدة المقدسيون بكل ألوان طيفهم السياسي والمجتمعي باتت مطلوبة اكثر من أي وقت مضى،فالخطر عليهم داهم وجدي،والهجمة والحرب التي تشن عليهم،بحاجة الى اعلى درجات التعاضد والتكاتف،فالمستوطنون باتوا أكثر تطرفاً وتوحشاً وتغولاً،ولم يعد الأمر كما كان عليه في الإنتفاضة الأولى،حيث كانوا لا يبرحون جحورهم ولكن من بعد اوسلو كشروا عن انيابهم وزدادوا تغولاً.
من خلال قراءتي للأوضاع في مدينة القدس،فواضح أن الإعتداءات على المقدسيين من قبل المستوطنين،ستستمر وتتصاعد،حيث يلقى هؤلاء الدعم والرعاية من قبل قمة الهرمين السياسي والأمني،بقصد تخويف المقدسيين وتروعيهم،وكسر إرادتهم وتطويع وتقزيم وعيهم،من اجل التعود على بقاء الإحتلال والتعايش معه،ومن هنا تأتي أهمية أن يعمل المقدسيون على توحيد عناوينهم ومرجعياتهم،وإيجاد اوسع مظلة شعبية ينصهر في إطارها الجميع،ويكون الشباب قاعدتها الواسعة،وجزء أساسي من قمة هرمها المشارك في صنع قراراتها وصياغة توجهاتها وبرامجها.
فالرهان والعماد هو الان على مثل هؤلاء الشباب،لكي يأخذوا دورهم ومساحة واسعة في القرار والقيادة،كما هي المساحة في الفعل والعمل.
القدس المحتلة – فلسطين
5/8/2014
0524533879