من الصعوبة على عقبات الحياة أن تقف صامدة أمام إرادة شباب خزاعة الذين عملوا بشكل سريع وفعال للعودة إلى حياتهم الطبيعية بعد كل هذا الخراب والدمار الذي وصل إلى كل بيت سواء بقذيفة مدفعية أو صاروخ طائرة حربية على بلدتهم الجميلة؛ وأحاط الموت بهم من كل جانب، سكن في كل بقعة أرض منها وظهر في كل ساعة من حصارها وقصفها بالقذائف والصواريخ ليلا ونهارا، فالقصف على هذه البلدة لم يترك شيئا إلا واستهدفه، بداية من المساجد والمساحات الخضراء والمنازل، فبات الموت متوقعاً كأي حدث يمكن أن يقع في كل يوم، كما اعتاد أهالي خزاعة وجود الموت واحتمال أن تصادفهم قذيفة أو رصاصة تصيبهم أو تعبر بجانبهم، يقتات الموت على أرواح المتحابين والأخوة والأصدقاء والأطفال والآباء والأمهات، يزرع الخوف في القلوب فيجعل الجميع يتوجه بالدعاء إلى الله لعودتهم سالمين، فخزاعة لم تعد تلك القرية الجميلة بمبانيها وشوارعها وخضارها، مع هذا لم تستطع أله الحرب أن تثبط من إرادة الحياة في نفوس الناس هناك في خزاعة، ويستطيع كل من يعايش أهالي خزاعة اليوم أن يتنبأ وبثقة بغد مشرق بالرغم من كل ما حدث.
ومع إعلان كل تهدئة ينشط الشباب في خزاعة بشكل فعال جداً على جعل الحياة على الأرض مكاناً حياً في حياة أهالي خزاعة بفتح الشوارع والطرقات وبجهود ذاتية للخروج من تحت أنقاض الركام ومحاولة التقاط أنفاسهم رغم رائحة انتشار الموت والدمار المنبعث من جنبات البلدة، وانعدام مقومات الحياة وعدم وضوح مستقبلهم وإيجاد الحلول والبدائل والتمسك بالأرض والمنزل المدمر وبقريتهم التي عاشوا فيها أجمل سنوات حياتهم تمكنهم من الاستمرار في الحياة، ورغم كل هذا يلازم شباب خزاعة شعور دائم بالتحدي لكل ما حصل لهم ولأهلهم ولديهم الإيمان الكبير بأن خزاعة ستعود للحياة من جديد بجهود أبنائها رغم أنف الظروف القاسية والأوقات العصيبة، بل ربما تكون هذه الظروف دافعاً قوياً لميلاد فجر جديد، ويبقى الرهان على إرادة الخزاعيين فقط لمواجهة هذا الموت اليومي وإعادة إعمار خزاعة لتعود مدينة نابضة بالحياة من جديد .