فى الأيام والساعات الأخيرة من التهدئة ، والتى كان من المُقرر لها ان تستمر خمسة أيام ، إنطلقت أخبار مُتضاربة من القاهرة ، بشأن ما يتعلق بالمفاوضات الغير مُباشرة الدائرة بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية مصرية ، إلا ان معظم الأخبار كانت تُشير إلى إقتراب توقيع إتفاق وقف اطلاق النار وإنهاء العدوان الاسرائيلي على غزة ، إلا ان الأمور فجاءه تغيرت وتصاعدت وتوتر الميدان قبل ساعات من إنتهاء هدنة الأيام الخمس ، حتى إنطلقت الأعمال العدائية الإسرائيلية تجاه غزة وإنطلقت صورايخ المقاومة بإتجاه الأرض المغتصبة ( فلسطين المحتلة ) ، وهنا بدأ طرح الاسئلة ما الذى حدث ؟؟ و إلى أين تتجه الأمور وأنا هنا أقول بان العدوان تجدد نتيجة لعدة أسباب أهمها :-
أولاً : وجود حُكومة يمينية مُتطرفة تُعد الأجرم فى تاريخ الحُكومات الإسرائيلية ،و تحظى بدعم شعبى متطرف من أوساط العامة فى إسرائيل ، لا تُؤمن بالسلام كخيار للتعايش ، وإنما تنتهج القتل والترويع طريقة فى التعامل مع الخصوم.
ثانياً : وجود تنازع وتناحر سياسي كبير بين الأحزاب الإسرائيلية من جانب ، وكذلك فى داخل حزب الليكود الذى يرئسه رئيس وزراء دولة الاحتلال الحالى ( بنيامين نتياهو ) ، وذلك يرجُع لرغبتِهم فى الحصول على منصب رئيس الوزراء وعلى رأسهم ليبرمان وليفنى وكذلك "جدعون ساعر" نائب نتياهو فى حزب الليكود ، من خلال إحراجه مع المقاومة الفلسطينية أكثر وذلك بدفعه باتجاه التصعيد العسكرى مع غزة وبالتالى الانتحار السياسي لنتياهو .
ثالثاً : إستمرارية الدعم الأمريكي والأوروبي المنحاز والمتواصل لصالح إسرائيل ، فى مقابل عدم وجود رغبة حقيقية لدى حُكام العرب وشُعوبها فى تشكيل أى ضغط على إسرائيل لإنهاء عدوانها.
رابعا : قدرة المُفاوض الفلسطيني فى الثبات على المطالب الفلسطينية و بشكل موحد وقوى ، وبالتالى فشل إسرائيل فى إحداث شرخ سياسي ما بين رام الله والضفة والغربية من الممكن أن يعطل ( المصالحة الفلسطينية ).
خامساً: من المُؤكد بأن إسرائيل ونشاطها الاستخباراتى ومن خلال طائرتها - دون طيار- قامت خلال فترات التهدئة المتواصلة برصد أهداف محددة ،( صيد ثمين ) إٍن صح القول ، ( كمحاولة اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف)، تُحاول من خلالِه إقناع الشارع الاسرائيلى به ، على إعتبار بأنه إنجاز عسكرى وأمنى كبير ، للتهرب مما لحق بها من خزى وعار على أيدي أبناء غزة الصابرين ورجالها المقامين الأشداء .
سادساً : محاولة أعتقد بأنها يائسة للضغط على الوفد الفلسطيني المُفاوض من أجل خفض سقف المطالب التى تم التوصل اليها مؤخراً ، والتى فى مُعظمها لصالح الشعب الفلسطيني المُحاصر فى غزة .
سابعاً : مُحاولة إيجاد دور أمريكي فى الورقة المصرية كجهة ضامنة للإتفاق ، من أجل كسب ود الولايات المتحدة من جديد ، بعد التوتر الذى شهدته الفترة الأخيرة ما بين وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية جون كيرى ، و رئيس وزراء دولة الاحتلال نتياهو .
متى ينتهي العدوان ؟؟
أتوقع بأن تكون أيام العدوان محدودة ، لن تتجاوز الأسبوع على أكثر تقدير وذلك يرجع إلى عدة أسباب :-
1- عدم وجود رغبة حقيقية لدى الفصائل الفلسطينية المُقاومة ، ودولة الإحتلال فى إستئناف العدوان .
2- إقتراب مُوعد العام الدارسى فى كل من دولة الإحتلال ، و قطاع غزة .
3- إقتراب مُوعد الأعياد اليهُودية والتى ستبدأ فى خلال شهر سبتمبر .
4- عدم قدرة الجبهة الداخلية الإسرائيلية على إحتمال الصورايخ الفلسطينية المنطلقة إتجاه المُغتصبات الإسرائيلية .
5- إغتيال القائد القسامى الكبير " رائد العطار" ، ورفقائه ، مما قد يُشعر الساسة فى إسرائيل بنُوع من الرِضا من قِبل الشارع الإسرائيلى .
6- الضغُوط الدولية والخسائر الدُبلوماسية التى تعرضت لها دولة الاحتلال يجعلها لا تحتمل المزيد من هذه الخسائر .
كيف سينتهي العدوان ؟؟
أتوقع بان تشهد الأيام القادمة إحدي الخيارات التالية لإنهاء العدوان الهمجي على غزة وهى :-
الخيار الأول : وهو الأكثر ترجيحاً ، ويتمثل بأن تقوم مصر بِتوجيه دعوة خلال اليومين القادمين للوفدين الفلسطيني والإسرائيلي لتوقيع على ما تم الاتفاق عليه فى السابق ، مع توفير ضمانات مصرية وأمريكية على الاتفاق ، ويعد هذا الخيار مذلاً لإسرائيل لأنها ستقبل به خانعة دون تلكؤ هذه المرة.
الخيار الثاني : إصدار مجلس الأمن قراراً مُلزماً بوقف إطلاق النار فى غزة ، على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
الخيار الثالث : وجود حِراك دُبلوماسى " سرى " ، تقوم به بعض قيادات حماس التى تتمتع بعلاقات دولية مميزة ، تشارك به تركيا وقطر وبعض الدول الاوروبية ينتهي بإعلان إتفاق جديد .
فى الختام :
أتقدم بالنصيحة للفصائل الفلسطينية المقاومة ، بأن لا تقبل بأى هُدنة تزيد عن ساعات فقط ، وذلك بعدما إتضح ان إسرائيل تستخدم الهُدنة من أجل عمل استخباراتي بحت ضد القادة العسكريين لفصائل المقاومة ، وكذلك فإن الهُدنة لفترة طويلة تُنهك وتستنزف قُدرات وطاقات المُقاوم الفلسطيني المرابط على مناطق التماس .
الباحث السياسى : محمد احمد أبو سعدة
مدير دائرة الدراسات فى معهد بيت الحكمة – غزة
الايميل : [email protected]