كيف سنتفق وهل من الممكن ان نتفق..؟؟

بقلم: راسم عبيدات

كنا نعتقد بان التوحد في الميدان الذي تحقق بين كل الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في غزة أثناء الحرب العدوانية على شعبنا والمقاومة في قطاع غزة والذي قاد الى توحد في الموقف السياسي الفلسطيني ولأول مرة بوفد فلسطيني موحد من كل ألوان الطيف السياسي ليقود المفاوضات غير المباشرة في القاهرة مع العدو الصهيوني على شروط وقف النار والتهدئة سيقود حتماً الى رسم استراتيجية سياسية فلسطينية موحدة توظف في أية عملية سياسية قادمة،وكذلك فإن الفرصة ستكون مهيأة امام حكومة الوفاق الوطني وقطار المصالحة لكي يقلعا بشكل أسرع،ولكن كل ذلك
بعد وقف الحرب العدوانية على قطاع غزة بدأ بالخفوت والتلاشي،وان ما تحقق لم يكن يحمل رؤيا وأبعاداً إستراتيجية،بل هي تحالفات املتها ضرورة العدوان وحالة الغليان الجماهيري والشعبي في الشارع الفلسطيني،ولكي نكتشف بأننا خرجنا غير متفقين حتى في رسائل الشكر للدول والأفراد والمؤسسات والفضائيات التي دعمتنا وساندتنا وأعطتنا مساحة وتغطية إعلاميه لفضح العدوان على شعبنا واهلنا في القطاع،وما إرتكبته من قتل وجرائم حرب ومجازر وتدمير بحق بشرنا وحجرنا وشجرنا،وكذلك لشرح مواقفنا وسياستنا من العدوان الهمجي،حيث كان شكرنا وإمتنانا لهذه الدول والمؤسسات مرتبطاً بالموقف السياسي وسياسة المحاور العربية والإقليمية والدولية،ولم يرتبط بمصالح الوطن،ولعبت الجغرافيا والعلاقة التنظيمية والإيديولوجية دوراً في ذلك،فحماس على لسان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل وقادتها وجهوا رسائل الشكر الى قطر وتركيا والى فضائية الجزيرة ،ولم يتطرقوا إلا بشكل خجول وعلى استحياء لمن دعم حقيقة المقاومة بالسلاح والموقف السياسي وكان مستعداً للذهاب أبعد من ذلك كإيران وحزب الله وسوريا،في حين حركة الجهاد الإسلامية وفصائل اليسار الفلسطيني كانت واضحة في هذا الجانب،فوجهت شكرها لمحور المقاومة والممانعة ايران وسوريا وحزب الله على دعمهم ومساندتهم العسكرية والسياسية والإغاثية للمقاومة ولشعبنا في القطاع،ولم تنسى ان توجه رسائل شكرها الى وسائل الإعلام المقاوم فضائيات الميادين وفلسطين اليوم والمنار،وهذه الرسائل المتناقضة وعدم المتطابقة،كانت تعكس خلافاً سياسياً حاداً اخذ يطفو على السطح بشكل متسارع،حيث أن توجيه رسائل شكر لمن لم يدعم المقاومة حتى بالموقف السياسي وكان جزء من المنظومة المعادية والمتآمرة عليها يحمل الكثير من المعاني والدلالات،والخلافات بدات تتكشف وتتضح بشكل واسع،حيث ان خطابات النصر من قبل قادة حماس وإستعراضاتها العسكرية،كانت تقول بأن نزعة نرجسية وحالة من الإستعلاء تسيطر على قيادتها،دفعت بها الى إختزل الصمود والنصر لشعبنا ومقاومتنا بحركة حماس وإستمرار التشبث بنهجها الإقصائي،وكذلك ما كنا نراهن عليه من إستمرار توحد الموقف السياسي والذي تجسد خلال العدوان على قطاع غزة بالإلتفاف حول مطالب المقاومة وتطوير حكومة ما يسمى بالوفاق الوطني والتي قلت عنها بانها ليست أكثر من خارطة طريق او إتفاق إطار،نرى من خلال رصد الحركة السياسية والتفاعلات بأن هذه الحكومة في طريقها الى الموات وإنفراط عقدها... حيث تصريحات الرئيس عباس بأن في غزة هناك حكومة ظل تدير كل الأمور،وبأن حركة حماس تمارس الكذب والخداع معه،حيث نفت مسؤولياتها أمامه عن خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم،ومن ثم عادت على لسان عضو مكتبها السياسي العاروري واعترفت بخطفهم وقتلهم،وان ما تريده من حكومة الوفاق والمصالحة فقط،هو التملص من العقوبات والحصار وقضية رواتب موظفيها،مع استمرار الإمساك بالسلطة في القطاع،في حين حركة حماس إتهمت حكومة الوفاق بالغياب والتقصير فيما يخص العدوان على قطاع غزة،وكذلك اللجنة المركزية لحركة فتح حملت بشدة على حركة حماس في بيانها الأخير متهمة إياها بإطلاق النار على أرجل العشرات من اعضائها في القطاع،ناهيك عن فرض الإقامة الجبرية على المئات منهم أثناء الحرب العدوانية على قطاع غزة،وبالمقابل حركة حماس إتهمت اجهزة السلطة بالتضييق على عناصرها وإعتقالهم في الضفة الغربية،وايضاً برزت قضية خلافية فيم يتعلق بإعدام حكومة حماس للعملاء في قطاع غزة وعرضهم أمام الكاميرات وشاشات التلفزة .....والموقف السياسي بدأت تظهر تشققات عميقة في جدرانه فالرئيس عباس يتهم حماس بأنها تريد إحتكار قرار السلم كما هو الحرب وامين عام حزب الشعب بسام الصالحي في تصريح له قال بأن الصيغة التي وافقت عليها حماس لوقف النار والتهدئة دون السقف الذي جرى التوافق عليه،وما وافقت عليه حركة حماس كان مطروحاً في الأسبوع الثاني من العدوان،وان إطالة امد الحرب والعدوان إرتبط بأجندات عربية وإقليمية،وها هي قضية رواتب موظفي سلطة حماس تطل برأسها من جديد،والتي قد ينتج عنها تداعيات أكبر واشمل واعمق،ولا ننسى الخلافات الحادة والإتهامات والتراشق الإعلامي حول المساعدات الإغاثية والدوائية من الضفة والدول العربية الشقيقة والإعمار والإشراف على المعابر،فالغزل والحب العذري والمديح للوحدة الوطنية والمصالحة وإنهاء الإنقسام علينا ان ننحيه جانباً،فالجميع يعرف بأن هناك حالة من فقدان الثقة بين حركة حماس وحركة فتح،وهذه تعكس نفسها في الواقع الفلسطيني في السياسة والميدان وكل مناحي الحياة الفلسطينية،ولذلك فقيادات الحركتين سلطة ومقاومة عليهما ان تبديا نضجاً عالياً وأقصى درجات المسؤولية في إدارة خلافاتها،وبأنه لا مناص امامها سوى التعايش والتحاور وتكامل الفعل والجهد،اما محاولة أي من الطرفين إقصاء الطرف الآخر فلن تقود سوى الى المزيد من الشرذمة والإنقسام والتفتت والتصفيات وإنهاك الوضع الداخلي،وكذلك فعلى كل طرف ان يدرك تماماً بانه لا يمكن له ان يصفي الطرف الثاني ويخرجه من معادلة ومكونات المجتمع الفلسطيني،وهذا لن يكون في مصلح لا الشعب والمجتمع الفلسطيني.
على حماس ان تدرك الان بأن سلطة عباس التي إهتزت في بداية الأيام الأولى من العدوان على قطاع غزة وكادت ان تخرج الضفة عن سيطرتها،بعد توقف العدوان باتت في وضع افضل،حيث نرى بان هناك قطاع عريض وواسع عربياً وإقليمياً ودولياً يطالب بعودتها لحكم قطاع غزة والإشراف على المعابر وقضايا الإعمار،لكي يتمكن القطاع من رفع قيود حصاره وفتح معابره وحرية الحركة والتنقل للبضائع والأفراد..وغيرها،
علينا ان ندير معركتنا السياسية موحدين ومتكاملين وبرؤيا واستراتيجية موحدة ،بعيداً عن الأجندات والمحاور العربية والإقليمية،فالمعركة السياسية اخطر كثيراً من المعركة العسكرية والفشل فيها كارثة حقيقية.

القدس- فلسطين
1/9/2014
0524533879
[email protected]