الحرب على غزة ومتطلبات إعادة الإعمار

بقلم: رائد محمد حلس

ها هي الحرب قد وضعت أوزارها, بعد التوصل لوقف إطلاق النار, والذي أعلن عنه بتاريخ 26/8/2014, إن ما خلفته آلة الحرب الإسرائيلية جراء عدوانها المتواصل على قطاع غزة منذ 7/7/2014, هو هدم شامل ودمار عميق, وتشريد.. شهداء وجرحى ومفقودون.. مصانع مدمرة, وخسائر بالمليارات, أمام صمت وتجاهل دولي لما يحدث على الأرض باستثناء التنديد والشجب والاستنكار.
لقد ترك العدوان الغاشم على القطاع خلفه 2143 شهيد: 83% منهم من المدنيين, حيث استشهد 85% منهم داخل بيوتهم, من ضمنهم 577 طفلاً و260 امرأة و101 مسن, إضافة لإصابة 11100 شخص, منهم 3000 سيصابون بإعاقات دائمة, فضلاً عن إبادة 89 عائلة بالكامل, و145 عائلة فقدت 3 من أفرادها على الأقل بمجموع 755 شهيداً.
كما تم تدمير 31 جمعية أهلية ( تخدم 200 ألف مواطن) تدميراً كاملاً, فيما تم تهجير 460 ألف مواطن من بيوتهم خلال 51 يوماً من العدوان.
وحسب المؤشرات الأولية قبل بدء عملية الجرد الدقيق للأضرار والخسائر، التي صدرت عن وزارة الأشغال العامة، وهي الجهة المعنية الأولى بالتسجيل، تقول بأن خسائر القطاع جراء الحرب الإسرائيلية تجاوز 5 مليار دولار، وتشمل التكاليف المباشرة وغير المباشرة، وتكاليف إعادة الإعمار, وبذلك فقد بلغ 3 أضعاف الخسائر التي خلفها العدوان عام 2008, إذ بلغت خسائر العدوان عام 2008, 1.7 مليار دولار
بطبيعة الحال تشمل هذه الخسائر المنازل والأحياء المدمرة، حيث تم تدمير أحياء كاملة كحي الشجاعية ومنطقة عبسان وخزاعة، وبلغ عدد المنازل المدمرة 7 آلاف بشكل كامل، وأكثر من 30 ألف منزل بشكل جزئي 5 آلاف من هذه الوحدات غير قابلة للسكن، أي بالمتوسط 11 ألف شقة سكنية، , وبالتالي فإن 11 ألف عائلة لن تتمكن من العودة إلى منازلها في القريب.
هنالك أيضا مؤشرات إلى تدمير عشرات المصانع والمحلات التجارية، خاصة في المناطق الحدودية، حيث دمرت على سبيل المثال منطقة بيت حانون الصناعية بشكل كامل، كما تعرضت محطة الكهرباء المركزية في غزة للقصف وهي شبه معطلة وتحتاج إلى إصلاح قد يمتد لعام، عدى عن البنية التحتية شبه المدمرة.
إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لكافة القطاعات الاقتصادية ( الصناعة, الزراعة, الخدمات, والسياحة) في قطاع غزة خلال العدوان هدفه القضاء على ما تبقى من معالم الاقتصاد الفلسطيني, من خلال تدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني.
وبعد استعراض الخسائر البشرية والاقتصادية التي خلفها العدوان, يطفو على السطح سؤال يشغل بال كل مواطن في غزة وهو, ما هي متطلبات إعادة الإعمار وكيف يمكن عودة الحياة الاقتصادية إلى قطاع غزة ؟
إن إعادة الإعمار وعودة الحياة الاقتصادية إلى قطاع غزة, يجب أن يكون ضمن رؤية تنموية, تشمل مشروعات ذات بعد تنموي, وتعمل على خلق فرص عمل تضمن تشغيل عشرات الآلاف من الذين عطلوا، وتعزيز قطاع العمل الخاص.
ويمكن ترتيب أولويات الإعمار, على النحو التالي:
 تقديم إغاثة عاجلة لأصحاب البيوت المدمرة كلياً (استئجار شقق سكنية أو تأمين شقق متنقلة كرفانات).
 إزالة الركام والمخلفات.
 إعادة ترميم وإصلاح آلاف الدونمات من الأراضي التي دمرت في المناطق الحدودية.
 بناء المنازل المدمرة.
 إعادة تأهيل مشاريع البنية التحتية ( المياه, الكهرباء, والصرف الصحي).
 إعادة بناء المصانع المدمرة.
 وتعويض المتضررين.
لا يمكن إعادة الإعمار وعودة الحياة الاقتصادية إلى قطاع غزة, إلا إذا تحققت الشروط التالية:
أولاً: إنهاء الحصار على قطاع غزة وفتح كافة المعابر والسماح بإدخال كل احتياجات الإعمار.
ثانياً: السماح لحكومة الوفاق الوطني بتولي عملية الإعمار ومساندتها ودعمها.
ثالثاً: قيام الدول المانحة بتقديم الأموال اللازمة لإعادة الإعمار.
وفي الختام, أليس من حق المواطن الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة في أرضه, وأن يحصل على كامل حقوقه المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية ذات اقتصاد عصري, وأن يكون لديه ميناء ومطار!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والشفاء للجرحى والنصر لشعبنا


بقلم / رائد محمد حلس
كاتب وباحث في الشؤون الاقتصادية

[email protected]