الخطة الفلسطينية... هدر للوقت أم استجداء للمفاوضات أو انفكاك من القواعد

بقلم: جهاد حرب

يثير التحرك الفلسطيني المتمثل بطرح خطة على الجانب الامريكي؛ سلمها الوفد الفلسطيني "د. صائب عريقات وماجد فرج" لوزير الخارجية الامريكي وسط الاسبوع الماضي، دون وضوح تفاصيل الخطة إلا ما تم تسريبه حول مضمونها اعتراف امريكي مكتوب بحدود دولة فلسطين على اساس الرابع من حزيران 1967، وحدود زمنية لانسحاب اسرائيلي منها مقدرة بثلاث سنوات، ومفاوضات لمدة تسعة أشهر "مدة الحمل"، والا الذهاب الى مجلس الامن لإقرار هذه الخطة أي انتزاع قرار اممي لإنهاء الاحتلال، وفي حال الفشل فيهما التهديد بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية بما فيها ميثاق روما.

ومن الواضح أن الادارة الامريكية قد رفضت هذه الخطة قبل عرضها أو معرفة التفاصيل المتضمنة فيها على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية ومندوبة الولايات المتحدة في هيئة الامم المتحدة، واغلب الظن سيكون رد الادارة الامريكية الراعية لعملة السلام أو بالأحرى الناظمة لإدارة العملية "The Process" الرفض بذريعة الخطوات احادية الجانب، فلا الادارة الامريكية راغبة بإنهاء الاحتلال، او الضغط على الحكومة الاسرائيلية في قضايا اقل من هذا القبيل بكثير كالإفراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى القدامى رغم التزام اسرائيل به عند اطلاق فترة الحمل السابقة للمفاوضات، خاصة في ظل غياب حراك فلسطيني جدي بتغيير قواعد اللعبة "عملية السلام".  

وفي العام 2012 قيل ان رسالة الرئيس محمود عباس لرئيس الحكومة الاسرائيلية إنها حاسمة ولها ما بعدها، صحيح  بعدها تم التوجه للجمعية العامة لرفع مكانة فلسطين في هيئة الامم المتحدة من كيان الى دولة، لكن في النتيجة لم يتم تغيير قواعد اللعبة بل رجع الفلسطينيون الى نفس القواعد السابقة؛ احتكار امريكي لرعاية المفاوضات، والأسوء تعديل المبادرة العربية بتضمينها مبدأ تبادل الاراضي المرتبط بوعد الرئيس الامريكي الاسبق "جورج بوش الابن" باحترام التغييرات التي جرت على حدود 1967 بحكم الاستيطان الاستعماري أي بمعنى آخر تنازل مجاني قبل بدأ المفاوضات من ناحية، وخرق فاضح لقواعد القانون الدولي الذي يعتبر الاستيطان جريمة حرب.  

الخطة الفلسطينية بمرحليتها اضاعة للوقت خاصة في تحديدها للخطوات الفلسطينية المحددة فيها تحتاج الى قلب هذه الخطوات بحيث يتم خلق أمر واقع بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية والانضمام لمؤسسات هيئة الامم المتحدة، وبعدها للجوء الى مؤسسات الامم المتحدة لتحديد جدول زمني وفقا لقواعد ميثاق هيئة الأمم المتحدة، ومن ثم الدخول في مفاوضات على آليات الانفكاك من الاحتلال والمدة الزمنية "القصيرة جدا" لانسحابه على اعتبار الاعتراف الأممي قبل سنتين بأن السلطة الفلسطينية قد أكملت جاهزيتها وأنجزت بناء  مؤسسات الدولة.

هذا الامر لا يتم الى اذا استثمرت القيادة الفلسطينية حالة الصمود الفلسطيني المتوج بفشل العدوان الاسرائيلي وبروز حالة من توازن الرعب، ومتابعة استثمار الانجاز السياسي المتمثل برفع مكانة فلسطين في الامم المتحدة الى دولة مراقبة من ناحية. وطورت أدوات عمل الاطار الجبهوي الفلسطيني "الاطار القيادي الموحد" بتبني برنامج سياسي يوحد الرؤية السياسية الفلسطينية، وبتحقيق فعلي للمصالحة الفلسطينية واستعادة الوحدة بإعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية الرسمية ودمجها، ووضع آلية عمل تحافظ على اسلحة المقاومة مع ضمانات بعدم استخدامها في حسم الخلافات الداخلية، وضمان عدم استفراد أي طرف بإعلان الحرب أو السلم، والاتفاق على الرجوع الى الشعب الفلسطيني في حسم أي خلاف ما بين الاطراف السياسية إما بالانتخابات أو بالاستفتاء من ناحية ثانية. ودون ذلك تصبح الخطة الفلسطينية على المدى القريب استجداء العودة للمفاوضات وفق القواعد السابقة، وعلى المدى المتوسط اضاعة للوقت، والمدى البعيد انفكاك أو انعتاق من قواعد عملية "السلام" ظالمة على مدار ربع قرن.