منذ أن وقف الرئيس الراحل ياسر عرفات في الامم المتحدة عام1974وقال عبارته المشهورة "جئتكم حاملا غصن الزيتون بيد والبندقية باليد الأخرى فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي" , أصبحت هذه هي القاعدة الاساسية لأي نضال فلسطيني بأن لا تسقط البندقية ولا يسقط غصن الزيتون , بعدها استمر العمل الدبلوماسي و العمل العسكري متزامنين لأكثر من ثلاثين عاما , باضطراد مختلف في بعض الاحيان بين الاسلوبين , ومع اقتناع كل الداعين للحق والحرية والاستقلال أن سبل حل الصراع تأتي ثمارا افضل عبر العمل السياسي والنضال على اكثر من مستوي والاسمرار في هذا السبيل ,وبعد تولى الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية و ايمانه العميق ان السلاح وحدة لا يشكل ركيزة قوية لحل الصراع , وفي طريق هذا النضال يأتي العديد من أشكال المقاومة الناجعة لوقف المحتل عن احتلاله في غياب اقتناع كيان الاحتلال بالحل السلمي الا بالطريقة التي يريدها .
منذ أن افشل نتنياهو المفاوضات الاخيرة التي رعتها الولايات المتحدة بسبب عدم تدخل امريكا بعدالة في هذه المفاوضات وما افقد نتنياهو الأهلية لتحقيق السلام العادل مع الفلسطينيين تقام على اساسه دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس , لم يقطع الفلسطينيين الاتصالات مع القوى المركزية بالعالم سواء مع الولايات المتحدة الاميركية او حتى الاتحاد الاوروبي والرباعية الدولية وروسيا الى أن شنت اسرائيل الحرب الثالثة على القطاع ودمرت ما يقارب من 30% من البنية المدنية الفلسطينية وقتلت ما يفوق 2000 فلسطيني واصابت اكثر من احد عشر الف تخللها جرائم حرب وابادة جماعية , لعل هذا اكد للعالم أن استمرار الصراع اصبح مهددا للجميع ولابد من أن يتوقف وينتهي الاحتلال الغبي للأرض الفلسطينية للابد, ما ساعد في تأكيد هذا للعالم هو سياسة الرئيس ابو مازن التي تجنح في مجملها للنضال السياسي ووعي العالم لهذا الجنوح , و انطلاقا من المسؤولية الوطنية الكبيرة فقد بادر الرئيس بطرح خطة سياسية تهدف لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وتوفير الحماية لهذا الشعب , قد تكون هذه الخطة تحريكيه لملف السلام بالمنطقة وبقائه على سلم اوليات الاهتمام الدولي و وضع العالم امام مسؤولياته واحراج الولايات المحتدة لانحيازها لإسرائيل, وقد تم اعتماد هذه الخطة من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير و تم تمريرها على كل من حماس في قطر والجهاد الاسلامي في القاهرة في الايام الاخيرة للحرب .
اليوم هناك جلسة هامة لمجلس الامن ضمن الاعمال السنوية للأمم المتحدة والتي تسعي من خلالها لبحث كافة الملفات التي من شأنها أن ترسي قواعد الامن والاستقرار بالعالم وهي الوقت المناسب للتقدم بمشروع قرار عربي اوروبي وعالمي لمجلس الامن لاستصدار قرار ينهي الاحتلال ويعترف بالدولة الفلسطينية وحدودها حسب الخطة الفلسطينية الطامحة لإنهاء الاحتلال بدعم دولي , نعم قد لا ينتظر الفلسطينيين اعوام اخري حتي يقر العالم بجرم الاحتلال وعدم شرعيته وضرورة إنهائه فقد تكون هذه الفرصة الاخيرة على الاقل في زمن الرئيس ابو مازن لان الفلسطينيين لن يقضوا كل عصور حياتهم كشعب يبحث عن سلام ضائع في عقل محتل كافر بكل القيم الانسانية والقوانين الدولية .
قد تتحامق الولايات المتحدة كعادتها وتستخدم حق النقد الفيتو لإحباط القرار تحت زعم اتاحة الفرصة لمفاوضات جديدة لكن هذا من شأنه أن يعقد الموقف في الشرق الاوسط ويكشف مزيدا من الانحياز الامريكي لإسرائيل ويضعف موقف الرئيس ابو مازن ويفشل خطته السياسية و يقوي الجبهة الأخرى على الجانب الاخر من النضال الفلسطيني وهي جبهة العمل العسكري والمسلح , وقد لا تستخدم امريكا حق النقد الفيتو وهذا أمل لكنه ضعيف , لكن الفيتو الامريكي المتوقع هذا يجب الا يعتبر نهاية المطاف بل مقدمة لبداية نضال دبلوماسي وسياسي اكبر من جديد بدعم كل دول العالم التي الحر لإنهاء اخر احتلال بالعالم ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي يواجه المدافع الاسرائيلية لوحدة , لعل مواجهة اسرائيل امام منظمات العالم والمعاهدات الدولية امر هام جدا و ضمن الخطة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال مع انه كان ضروريا أن تستكمل تلك الخطوات قبل الحرب والتوجه الى مجلس الامن لتكون المحرك الفاعل لحشد اكبر لدعم الخطة الفلسطينية والتوافق على قرار ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويساهم في فرض الامن والاستقرار بالمنطقة العربية كلها .
حتى لا نجد انفسنا كفلسطينيين امام خطة سياسية اخري يتراكم عليها الغبار كمبادرة السلام العربية وخارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية ونجد انفسنا امام جرائم حرب اسرائيلية جديدة ,ونجد انفسنا في النهاية امام طحن سياسي في اناء فارغ لا يصنع الا طنينا ميتاً , بات علينا العمل ضمن جبهة عربية وعالمية واسعة مساندة ومشاركة للنضال السياسي داعم للخطة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال بإعتبار هذا الاحتلال مهددا لأمن واستقرار الجميع وتضرر منه الجميع وليس الفلسطينيين وحدهم وبالتالي الانضمام الى كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية للبدء بمحاسبة المحتل على كل شيء ,على المجازر التي ترتكب بقصد وترصد والقتل والحرب الممنهجة التي تشنها إسرائيل من فترة الى اخري وملاحقة جنرالات الاحتلال وقيادته السياسية سعيا لمثولهم امام العدالة الدولية , هذا من شأنه أن يضع حدا لاستمرار وتكرار كثير من الجرائم التي ترتكبها اسرائيل مع استمرار الاحتلال دون احترام للقانون الدولي او توجس من معاقبة او ملاحقة دولية .
[email protected]