ليس في طرح عنوان المقالة ما يدفع للتشكيك بالنوايا....بقدر ما نحن بحاجة الى المزيد من التوضيح والوضوح والصراحة في قول ما يخصنا جميعا ....وما فيه مصلحتنا جميعا....وما يهمنا جميعا ...فليس الحديث عن حكومة التوافق ترف فكري او محاوله للحديث دون جدوي أو هدف ....بل نحن أمام مرحلة يقول البعض منا أنها من أخطر مراحل القضية....ويقول نصف البعض أنها أدق المحطات التاريخية...ويقول البعض أننا أمام منعطف خطير وتحديات كبيرة ...ويقول البعض والكل ما طرح سابقا ونستمر بالقول والحديث....ولكن سيبقى السؤال مطروحا وملحا علينا جميعا هل حقا ....نريد انجاح حكومة التوافق ؟؟قبل التفكير بالإجابة لنطرح سؤال أخر لماذا الان حكومة توافق من التكنوقراط ؟؟
الان ...ولقد جاء تشكيل الحكومة بناء على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في اطار المحاولة لتنفيذ بنود هذه المصالحة ....وحتي يتم التنفيذ لهذه البنود وفي ظل الحالة التي ترتبت علي الانقسام لم يكن متاحا أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية فصائلية وبالتأكيد ستكون اقوي واكثر قدرة علي تنفيذ بنود المصالحة ...لكن احتمالات حصارها والتضييق عليها سيكون أكبر وأشد مما نحن عليه الان ....فلم يعد بالإمكان الا ان تكون حكومة توافق من التكنوقراط باعتبارهم شخصيات مستقلة ولديهم قبول داخلي وخارجي .
حكومة فصائليه فيها من الجدل أكثر من العمل ...وفيها من الاعاقة بأكثر من تسهيل الامور ...وفيها من التعقيدات أكثر من امتلاك الحلول...وفيها من احتمالية اشتداد الحصار أكثر مما نسعي اليه لفك الحصار ...وفيها من الازمة المالية بأكثر مما نحن عليه ...وفيها من الاجراءات التقشفية بأكثر مما اتخذ حتى الان ...والاهم فيها إعاقة للمصالحة وانهاء الانقسام بأكثر مما يجري اليوم من قبل حكومة التوافق التي تعمل بحسب قدراتها لطي هذه الصفحة السوداء .
وعودة لماذا حكومة التوافق من التكنوقراط ؟فالسؤال صعب وليس بالسهولة الاجابة عليه ....ولا أريد أن أكون متشائم في ظل سواد حالنا...وسوء أحوالنا...وما يلتف حولنا وبداخلنا من دمار وخراب وكوارث وفقر وبطالة والالاف من المشردين ممن فقدوا ممتلكاتهم وقوت يومهم بعد أن فقدوا الاعزاء عليهم ....فنحن ما زالنا في مخاض عسير .... فلا مصالحة تحققت علي واقع الارض ...ولا حصار قد زال ... ولا معابر فتحت...ولا مواد ادخلت ...ولا اعمار قد تم ...والمشردين والنازحين علي حالهم وعذابهم وماسيهم.... صورة قاتمة وغير مبشرة اذا ما اضفنا أن كلا منا يقف في مربعه وفي دائرة مواقفه ....ولا تنازل من أحد الا اذا أخذ الثمن سلفا ...ولا أحد يريد التقدم الا اذا أخذ الطرف الاخر خطوة للوراء ...وكأننا في لعبه الشطرنج ومن يحرك الملك... .وليس هنا ينتهي الموضوع....بل يصدر من القرارات التي تمس أرزاق العباد حكومة لا زالت تتأرجح ما بين ثبات الحال... وما بين اجراء التعديل... وما بين احتمالية التغيير. لماذا كل هذا ؟؟ لأن هناك من المعارضين بقلوبهم وفكرهم وممارساتهم وما بين ثنايا كلامهم ومواقفهم....وهناك من يؤيد علي استحياء وخجل شديد حتي لا يحسب عليه موقف مؤيد لحكومة طارئة ....ولأن البعض الاخر ينتظر السقوط المدوي لهذه الحكومة ...وحتي يتم ملئ الفراغ.... فكيف يمكن أن نكون دون حكومة؟؟ ....فقد كنا بحكومتين .... وبصراحة لم يحققوا طموح وتمنيات شعبنا... فكيف بحكومة واحدة يتم تحميلها بأكثر من طاقتها وامكانياتها والمحددة بمسئولية توحيد مؤسسات السلطة والعمل علي الاعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية وبسط ادارتها وولايتها علي جميع أراضي السلطة الوطنية والسؤال هل بمقدور حكومة التوافق أن تنفذ ذلك؟؟
حكومة التوافق تجتمع يوم الخميس فى مدينة غزة في أولى اجتماعاتها وستغادر الجمعة الى حيث الحضور لمؤتمر المانحين بمصر الشقيقة لإعادة اعمار ما تم تدميره.
حكومة استثنائية... تجتمع بزمن استثنائي ..وفي واقع استثنائي ...فماذا سيخرج عنها ؟
لا أمتلك الاجابات ومهمتي في طرح التساؤلات ومن استطاع الوصول الى اجابة السؤال هل حقا ....نريد انجاح حكومة التوافق ؟ الاجابة عند من يمتلكون القرار لانجاح أو افشال هذه الحكومة حسب رغبتهم ومصالحهم ومدي قدرة هذه الحكومة علي تنفيذ أهدافهم هذه هي الحقيقة .
أما بما يخص كاتب المقال فلا أمتلك الا التمنيات بالنجاح ....والنصيحة المتواضعه أن يحدث التعديل وأن تتسع الحكومة بعدد وزراءها وخاصة الوزراء المكلفين من القطاع وأتمني أن يصل عددهم علي الاقل الي 10 وزراء ...وأن يكون مقر الحكومة مدينة غزة وأن تدار كافة الوزرات بالمحافظات الشمالية والجنوبية من خلال مركزيه الحكومة ومقرها بمدينة غزة ....وأن لا يكون هذا الاجتماع استثنائيا...بل اجتماعا اسبوعيا بمدينة غزة من خلال وزراء يمارسون مهامهم بصورة يومية داخل القطاع ..ووكلاء وزارات بالمحافظات الشمالية يتابعون عمل كل وزارة بناء علي توجهات وزيرها ...ربما نكون بذلك قد أخذنا الخطوة الاولي والصحيحة ..لكن لا أعرف اذا كانت للأمام ...أم الى الخلف ...فالله أعلي وأعلم .