العمليات الإجرامية في غزة لا تخدم سوى الاحتلال

بقلم: رشيد شاهين

كان وقع العمليات التفجيرية الإرهابية التي استهدفت بيوت وسيارات وملكيات العديد من الإخوة في حركة فتح بقطاع غزة، فجر الجمعة، شديدا على كل المخلصين في هذا الوطن.

العمليات الإجرامية تحمل في طياتها العديد من الرسائل والأهداف، وفي المقدمة، انه يمنع على القطاع العيش بهدوء، وثانيهما هذه انه لا يجوز إتمام المصالحة الفلسطينية، وقد تكون الحملات الإعلامية التي جرت بين حركتي حماس وفتح احد الأسباب التي عجلت بمثل هذا العمل الجبان.

في ظل الأجواء المشحونة التي عمت خلال الفترة الأخيرة، أصبح سهلا على من "يتصيدون في الماء العكر" القيام بمثل هذه الأعمال، لإدراكهم ان أصابع الاتهام ستوجه إلى أطراف داخلية فلسطينية وهذا ما حدث فعلا.

وعلى أية حال فانه وبغض النظر عن الجهة التي قامت بهذا الفعل الشنيع، فانه لا يمكن ان يكون بعيدا عن كونه أداة من أدوات الاحتلال ويرمي إلى المرامي ذاتها التي يريدها الكيان الذي يروم بكل السبل خلط الأوراق وتأجيج البيت الفلسطيني ومنع أي اتفاق فلسطيني فلسطيني، عدا عن هدفه الأصيل في إحباط أية محاولات فلسطينية للاستقلال والتحرر.

توجيه الاتهامات من قبل بعض فتح لحركة حماس بدون وجود أية أدلة أو براهين على تورط الأخيرة بالسرعة التي سمعنا وقرأنا، كان احد الأهداف الرئيسة من وراء هذه التفجيرات، وقد نجحت الاتهامات بتأجيج الكراهية بشكل سريع في صدور الكثير من أبناء حركة فتح تجاه حماس، إلى الدرجة التي دعا بعض "المتعصبين والمتسرعين" عبر وسائل التواصل إلى ضرورة ان "يتمنطق" أبناء فتح بالأحزمة الناسفة، وتفجير كل ما له علاقة بحماس في غزة وحتى المساجد، وبشر من يقومون بذلك انهم سيكونون شهداء وان الجنة بانتظارهم.

التفجيرات الإجرامية لا تهدف فقط إلى الإيقاع بين حماس وفتح، وإنما إلى تعميق الشرخ القائم في حركة فتح، وتأجيج الصراع بين تيار السيد أبو مازن وتيار السيد دحلان، حيث وجه البعض الاتهام مباشرة إلى جماعة دحلان، علما بان تيار دحلان هو التيار الغالب في القطاع ولا يحتاج إلى القيام بمثل هذه الأعمال، كما كان السيد دحلان قد اصدر بيانا نفى تورط أنصاره في هذا العمل ودعا حماس إلى الكشف عن الفاعلين.

الحديث عن داعش وانها تقف وراء التفجيرات، يهدف أيضا الى إثارة العديد من الشكوك والأسئلة، ويقصد منها محاولة الربط بين السلفية الجهادية في القطاع وحركة داعش، الأمر الذي طالما حاولت دولة الاحتلال إثارته من خلال تشبيه المقاومة الفلسطينية في القطاع بداعش وبوكو حرام، وهي محاولة لإثارة الرأي العام الدولي بان خطر داعش صار على أبواب الدولة الصهيونية.

كما ان إصدار بيانات باسم داعش، إنما يهدف الى الإيحاء بان بين حماس وداعش "تنسيق وعلاقة ما"، وان حماس غضت الطرف عن نمو داعش في القطاع، وانها سهلت لها العمل وربما التسلح والتضخم. وهي محاولة أيضا للإشارة الى ان حماس إنما تريد إخافة الناس في القطاع، وكأنها تريد القول ان البديل عن حماس سيكون داعش.

كل هذه الإشارات والرسائل، إنما تهدف الى خلط الأوراق أولا، ومنع الأطراف الفلسطينية الوصول الى أية اتفاقات او تفاهمات، وإحباط عمل الحكومة الحالية، وعرقلة إعادة اعمار قطاع غزة، وكان أول "غيث" ردود الأفعال هو إلغاء الزيارة التي كانت مقررة لرئيس الوزراء الى القطاع.

المنطق يقول ان على الأطراف الفلسطينية وفي المقدمة حركتي حماس وفتح، وخاصة الصف الأول فيهما، التوقف عن "الحرب" الإعلامية التي اشتدت مؤخرا، وان على الجميع العمل على كشف من هم وراء هذه التفجيرات، دونما تعجل وإطلاق الاتهامات جزافا، وان على حركة حماس كونها الطرف المسؤول عن القطاع، القيام بدورها دون تلكؤ، والكشف عن المجرمين الحقيقيين والتوقف عن "لعبة" الاستغماية" من خلال "صناعة" أطراف داعشية في القطاع، لان ذلك يسيء الى الحركة نفسها قبل أي طرف آخر.
8-11-2014