بالرغم من انعقاد مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة والوعود التي قدمتها الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر وخاصة فيما يتعلق بإنهاء مأساة قطاع غزة وإعادة الإعمار والتي تم تخصيص مبلغ 2.7 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع, إلا أن الشعور بالخوف ينتاب المواطنين في غزة, خاصة وأنهم لم يشاهدوا حتى هذه اللحظة الخطوات العملية للبدء بإعادة الإعمار, كما أن هناك تخوفات من تكرار تجربة مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي عقد في مدينة شرم الشيخ 2009 التي لم تنفذ حتى الآن.
وبين الشعور بالخوف والأمل في إعادة الإعمار, لا بد أن ندرك أن تنفيذ عملية الإعمار تواجه جملة من التحديات الداخلية والخارجية التي تتسبب في إعاقة عمل إعادة الإعمار أهمها, الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر من أخطر التحديات التي تواجه عملية تنفيذ إعادة الإعمار, فالاحتلال لا يزال مستمراً في فرض حصار شديد على قطاع غزة منذ العام 2007, ولا يزال الاحتلال يتحكم بحرية الحركة على المعابر وبالتالي فإن الحصار والإغلاق يحول دون دخول العديد من المواد الأولية اللازمة لعملية الإعمار.
أيضاً الانقسام السياسي يعتبر من التحديات التي تواجه وتعيق عملية تنفيذ إعادة الإعمار, حيث بالرغم من الانفراج النسبي نتيجة إنهاء الانقسام بين شطري الوطن (الضفة الغربية وقطاع غزة) بموجب اتفاق الشاطئ في الربع الثاني من عام 2014, وتشكيل حكومة التوافق الوطني, ظل إرث هذا الانقسام يلقي بظلاله الثقيلة على الاقتصاد ويعقد اكتمال مشروع الاستقلال وبناء الدولة, وفي ذات الوقت ظل ارث هذا الانقسام يؤدي إلى إرباكات تخطيطية ومسؤوليات مالية غير متوازنة لا تتواءم مع الالتزامات الواجبة تجاه المجتمع الفلسطيني ككل. كذلك فإن هذا الانقسام يساعد إسرائيل على ضرب الكيانية الفلسطينية وتدميرها من أجل دفع غزة بعيداً عن بقية الأراضي الفلسطينية وتحطيم إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إن عملية إعادة الإعمار تتطلب التزام مسبق من إسرائيل بوقف العدوان نهائياً على القطاع وهذا ما لا يحدث مطلقاً لأن إسرائيل تضرب جميع القوانين الدولية بعرض الحائط ولن تحترم أحد.
ولكي تتم عملية تنفيذ إعادة الإعمار بيسر وبإطار زمني معقول لا بد من إنهاء حالة الانقسام بشكل فعلي وحقيقي وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها وصلاحياتها في غزة بما فيها مباشرة تنفيذ عملية الإعمار. بالإضافة إلى رفع الحصار عن قطاع غزة, لاستعادة الحركة والتنقل وبالتالي تمكين الأشخاص والبضائع والخدمات من الدخول والخروج من وإلى القطاع وأخيراً توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار.
وفي الختام نأمل في التغلب على التحديات التي تواجه وتعيق عملية تنفيذ إعادة إعمار القطاع وإنهاء مأساة المواطنين في غزة, وإنهاء الانقسام السياسي بشكل فعلي وحقيقي وتحقيق المصالحة واستغلال جميع الطاقات والجهود نحو إعادة الإعمار وتعويض المتضررين.
بقلم / رائد محمد حلس
كاتب وباحث في الشؤون الاقتصادية
[email protected]