واضح بأن القرار الذي إتخذته دولة الإمارات العربية بتصنيف 83 منظمة وجمعية ومؤسسة كمنظمات إرهابية،هو يشكل في حد ذاته سابقة أمنية – سياسية عربية،وعملية إتخاذ القرار وتطبيقه وتداعياته،هل ستطال المشهد الفلسطيني؟؟؟وهل سينعكس هذا القرار على العلاقات الفلسطينية الداخلية،وكيف ستتصرف وتكون ردة فعل "حماس" على هذا القرار؟؟،فهي معنية به بشكل مباشر ولا يمكن لها ان تغض النظر عنه او تتجاهلة،وخصوصاً بأن من ضمن المجموعات المصنفة كمجموعة إرهابية،هي حركة الإخوان المسلمين العالمية،وهي المهمة لنا كشعب فلسطيني عامة،ولحركة حماس خاصة،فلحركة حماس إرتباطات فكرية وتنظيمية وسياسية مع تلك الحركة،وقرار الإمارات العربية إن كان يتناظر مع القرار المصري بإخراج حركة الإخوان المسلمين عن القانون في مصر،فإن القرار الإماراتي جرى التعبير عنه بشكل قانوني أعم وأشمل،بحيث يشمل المؤسسات والجمعيات الإغاثية المرتبطة بحركة الإخوان المسلمين،وتحديداً في بريطانيا،ونحن نعرف جيداً بأن هذا القرار أتى ويأتي في إطار صراع المحاور العربية والإقليمية والدولية المشتبكة في اكثر من ساحة وميدان،فمصر والسعودية والإمارات العربية تصطفان في محور واحد مقابل المحور القطري- التركي – الإخواني،وسبق للسعودية ان سحبت سفيرها هي ودول مجلس التعاون الخليجي من الدوحة،وطالبتها بترحيل الإخوان المسلمين عن أراضيها،وكذلك إغلاق محطة الجزيرة الفضائية التي تمارس التحريض بحق السعودية والنظام المصري،وهددت تلك الدول بفرض مقاطعة شاملة على قطر بسبب ذلك،وقد إستجابت قطر جزئياً للمطالب السعودية والمصرية والإماراتية،ورحلت عدد من قيادات الإخوان عن أراضيها،من اجل خفض حالة التوتر مع دول هذا المحور.
تداعيات القرار الإماراتي ستترك تأثيراتها بشكل مباشر على حركة حماس،وإن كانت الأمور وتعقيدها وطبيعة الصراع مع الإحتلال،قد تؤخر وتحد من تلك التأثيرات على حماس والساحة الفلسطينية،ولذلك لا يجوز عدم اخذ هذا القرار على محمل الجد، أو التقليل من اهميته،ولذلك فإن حركة "حماس" إذا لم تسارع الى إعادة صياغة البند الخاص في ميثاقها،والذي يؤكد على الإرتباط الفكري- السياسي بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين،نحو فك هذا الإرتباط وهذه العلاقة،فإن القرار والقانون الإماراتي يعني شموله لحركة "حماس" مستقبلاً.
بعد القرار الإماراتي ثمة سؤال ملح وعلى درجة عالية من الأهمية،هل حركة "حماس"التي وظفت كل ماكنتها الإعلامية،وجيرت كل مواقفها السياسية لصالح حركة الإخوان في مصر،وامدتهم بكل أشكال الدعم،ضد النظام المصري الحالي،تمتلك القدرة والإرادة على أن تاخذ خطوات او قرارات ذات طابع إستراتيجي،كان تعمد حماس وتلغي وعلانية ميثاقها الاخواني،وتعيد تقديم ذاتها كحركة فلسطينية مستقلة، لا صلة لها بأي تنظيم دولي، بعد مراجعة "فقهية" لمصلحة فلسطين الوطن والقضية، باعتبارهما فوق الجميع، وان الصلة بالجماعة باتت مرحلة من التاريخ، لا حاضر ولا مستقبل لها.
أنا لا اعتقد وبسبب طبيعة الإرتباطات والعلاقات الفكرية والتنظيمية والسياسية بين"حماس" وحركة الإخوان المسلمين العالمية،بأن تقدم حماس على خطوة من هذا النوع،ف"حماس" وضعها القرار الإماراتي في خيارات صعبة ولا تحسد عليها،فإن هي أقدمت على خطوة نوعية بالإلغاء،فقد يكون من تبعيات القرار هذا،تداعيات خطيرة على اوضاع حركة حماس الداخلية،حيث ان هناك تيار قوي فيها،قد يقدم على الخروج من الحركة،خاصة التيار المرتبط إرتباطاً وثيقاً بقطر وتركيا،حيث يستمد قراراته مباشرة من قيادة حركة الإخوان العالمية،وقد ظهر ذلك واضحاً في الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة،والجدل العميق الذي دار في صفوف الحركة حول القبول بالمبادرة المصرية او رفضها لوقف إطلاق النار والتهدئة،حيث كان هناك تيار في حماس من منطلق علاقته المحورية مع قطر وتركيا،يرفض أن تكون مصر الجهة الوحيدة الراعية لإتفاق التهدئة والهدنة مع دولة الإحتلال،ولذلك كان يغلب مصلحة واجندة هذا المحور على المصلحة الفلسطينية والوطنية،مقدماً إخوانيته على فلسطينيته.وبالمقابل إذا قبلت حماس بأن تجري مراجعة وتعدل في ميثاقها،بما يؤكد على إستقلاليتها وفك إرتباطاتها مع حركة الإخوان المسلمين العالمية،لكي تتلافي عقوبات محتملة قد تفرض عليها في القريب العاجل جراء تماثلها مع حركة الإخوان المسلمين،هذا يعني تخلي الحركة عن هويتها الفكرية والسياسية والتنظيمية،وخصوصاً بأن جزء من مكتب شورى حماس ومكتبها السياسي يشارك في إجتماعات ولقاءات مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين.
وضع شائك ومعقد وفيه الكثير من التعقيدات والصعوبة بالنسبة لحركة حماس،فهي قد تجد نفسها في مازق عميق وخطير،حتى على الصعيدين الفلسطيني والعربي،وخاصة اذا ما أصبح القرار الإماراتي جزءاً من واقع سياسي – امني في الخليج والمنطقة،حيث سيصبح من الصعوبة على الدول العربية التعامل مع حركة حماس،حيث أن اغلب الدول العربية ستلتزم بالقرار،وهي تستمد قرارها من أمريكا أولاً،وجزء من الدول العربية،سيتعاطى مع القرار من منظور مصالحه وما يحصل عليه من دعم مالي ونفطي إماراتي- سعودي،وآخر سيكون مجبراً على الإلتزام والإ سيكون تحت طائلة المحاسبة والمساءلة،وكذلك على الساحة الفلسطينية،هذا سينعكس على التعامل والعلاقة ما بين سلطة رام الله وحركة حماس،وبالتالي هذا القرار وهذا الواقع المستجد،من شأنه أن يفرط عقد ما يسمى حومة الوفاق الوطني المتعثرة أصلاً،حيث سيكون محظورا على حماس ان تكون جزءاً منها،وكذلك محظوراً على السلطة الفلسطينية حتى التعاطي معها،وهذا سيعقد ويصعب من حدوث إنفراج جدي في قضايا المصالحة وإنهاء الإنقسام وحكومة الوفاق الوطني والوحدة الوطنية وحتى التهدئة والإعمار.
القرار الإماراتي يضع حماس تحت إختبار وخيار جدي وصعب،فهل ستغلب حماس فلسطينيتها ووطنيتها على أيديولوجيتها وإخوانيتها ؟؟أم ستستمر على نفس نهجها ومنوالها وتحمل تبعيات ما قد يحدث..؟؟؟