نحن جسد واحد فلا تمزقوه..

بقلم: ندى الحايك خزمو

بعد ان فرحنا ببشائر الوحدة، وبعد أن أثلجت الصدور بأننا أخيراً سنشهد الهزيمة الكبرى للانقسام بين أبناء شعبنا، وفرحنا أكثر بعد أن تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأنها أزالت بعضاً من الشكوك التي كانت في قلوبنا بأن الاتفاق سيتبدد ولن يدوم طويلاً .. الا أننا الآن ونحن نشاهد "التلاسنات" بين فتح وحماس، وتبادل الاتهامات جعلتنا نشعر بالحزن والأسى وندعو الى الله بأن ينير القلوب لتعود كما كانت في السابق، متوحدة تحت شعار: "نحن جسد واحد ولدينا هم واحد وهو الدفاع عن قضيتنا وعن حقوق شعبنا، يداً بيد سنحقق المستحيل".

فهكذا كنا في عهد الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات.. الأب الحنون الذي مر على رحيله عنا عشر سنوات، وما زلنا ننتظر بفارغ الصبر أن يتم حل لغز استشهاده، ورغم كل ما سمعناه من تخمينات وافتراضات وتأكيدات من البعض، الا ان لا حل مقنع وقاطع حول حقيقة اغتيال هذا القائد الرمز الذي ضم باستمرار أبناء شعبه بكافة فئاتهم وفصائلهم تحت جناح الحب والوحدة الوطنية..

عشر سنوات مرت على استشهاده والتي للأسف شهدت أسوأ خلاف شهده التاريخ الفلسطيني بين أبناء شعبنا، بين فتح وحماس.. خلاف وصل الى حد الاقتتال، وبخاصة بعد أن وجه السلاح الفلسطيني الى الفلسطيني والذي استخدمت فيه حتى القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة، فسقط العديد من شهداء الخلاف والاقتتال ليصل عددهم أكثر من 350 شهيداً و1000 جريح.

وبعد كل هذه السنوات والمحاولات من أجل ازالة الخلافات وجسر الهوة بين الطرفين، حيث وقّعت العديد من الاتفاقات التي فشل تطبيقها، بل ووئدت في مهدها، ولم تكن الا حبراً على ورق، فجاء الاتفاق الأخير بين فتح وحماس، واستبشرنا به خيراً، وقلنا لعل وعسى أن يصمد فيبعد عن شعبنا شبح التفرقة والتشرذم والاقتتال، ولكن فوجئنا بالانفجارات التي جرت في غزة والتي طالت مداخل بيوت وسيارات لبعض من قادة فتح، وحتى المنصة التي كانت أقيمت لاحياء ذكرى استشهاد القائد الرمز أبو عمار، فهل ستكون هذه الانفجارات والتلاسنات التي تبعتها هي الفتيل الذي سيشعل الخلافات مرة أخرى، ويقضي على بارقة الأمل في نفوس أبناء شعبنا بأن تحقيق الوحدة الوطنية بات حلماً من الأحلام التي لن تتحقق.

اخوتنا .. يا قادتنا يكفي شعبنا ما يمر به هذه الأيام.. يكفيه اعتداءات العدو التي طالت ابناءنا في قطاع غزة.. يكفينا الاعتداءات اليومية المتواصلة على مقدساتنا وبخاصة المسجد الأقصى وما يقوم به الاحتلال من اجراءات قمعية تعسفية من أجل السيطرة على القدس لتكون عاصمته الموحدة كما يخطط لذلك منذ أن وطأت أقدامه أرض فلسطين..

يا قادتنا، الأوضاع الحالية في القدس والضفة تنذر بانتفاضة ثالثة، بل وان هذه الانتفاضة قد بدأت فعلاً من أجل الدفاع عن القدس ومقدساتها وعروبتها وعروبة أرضنا، فهل تريدون تقويضها بخلافاتكم ومشاكلكم، بحيث تلهيكم عما يجري في المدينة المقدسة، فيتم تنفيذ مخططاتهم بسهولة ويسر وأنتم عنها غائبون يتهم الواحد فيكم الآخر باشعال الخلافات من جديد.. عودوا الى المصالحة .. الى الوحدة، كما كنا في عهد الرئيس الراحل "ابو عمار".. فالوحدة هي الطريق الأوحد للوصول الى أهدافنا والى الحفاظ على وجودنا.. انهم يؤججون نار الفتنة بين ظهرانينا، فلنطفأها لئلا نخسر كل ما حققناه بدماء الشهداء ومعاناة الأسرى وعذاباتهم..

يا قادتنا، ارحموا أبناء شعبنا، كونوا أوفياء لدماء قادتنا الذين استشهدوا دفاعاً عن قضيتنا .. ابو عمار وابو جهاد والشيخ ياسين وأبطال المقاومة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل رفعة شعبنا وتحقيق أهدافه..

قادتنا، ان التاريخ سيسجل إما ترفعكم عن الخلافات والاقتتالات والمصالح الذاتية، وبالتالي تحقيق النصر، أو سيسجل تخاذلكم وهدركم للدم الفلسطيني وتدمير كل انجازات شعبنا.. فماذا تختارون؟ (البيادر)