أجهزة أمن الاحتلال تقر بفشلها وقف عمليات المقاومة الفردية

بقلم: رشيد شاهين

كثيرا ما حاولت دولة الاحتلال الترويج بانها "دولة أسطورية" قوية، خاصة فيما يتعلق بأجهزتها الأمنية المتعددة، القادرة على معرفة "كل الأشياء" بتفاصيلها المملة.

لا شك ان لتلك الأجهزة باعها الطويل الذي اكتسبته منذ قيام دولة الكيان على ارض فلسطين، وهذا لم يأت بالصدفة، ولا من العبث، فمن المعلوم أن المجتمع الصهيوني يتشكل من جنسيات تمتد على امتداد هذا الكوكب، وهذا ما وفر لتلك الأجهزة ما لا يمكن توفره لدى كل أجهزة الأمن العالمية.

إن لدولة الاحتلال ميزة على سبيل المثال في ان لديها ناطقين يتحدثون كل لغات الأرض، وهي بالتالي ليست بحاجة لإقامة دورات لتعليم اللغات لمن يتم اختيارهم ضمن أية وظيفة في الدولة وليس فقط أجهزتها الأمنية.

كما ان لديها كفاءات في شتى المجالات ممن تعلموا واكتسبوا الخبرات في دول متقدمة علميا وتكنولوجيا وصناعيا،، الخ، وهؤلاء يمثلون ركائز أساسية لبناء أية قاعدية علمية أو صناعية،،،.

هذا التميز، جعل لدولة الاحتلال حرية الحركة في شتى المجالات، وخاصة المجالين الأمني والاستخباري، فهي تستطيع بيسر وسهولة أكثر من بقية الدول، في أن تزرع جواسيسها وعيونها أينما تشاء من مواطني تلك الدول، الذين تم استقدامهم أو استقطابهم للعمل لصالح دول الكيان.

خلال الفترات المنصرمة، والتي أعقبت انطلاق فصائل العمل الكفاحي الفلسطيني، استطاعت دولة الاحتلال من خلال تميزها بوجود عناصر ضمن أجهزتها الأمنية والاستخبارية، الذين هم من أصول عربية "ديانتهم هي اليهودية"، أن تحقق الكثير من الاختراقات والنجاحات، وفي إحباط العديد من الإعمال التي كانت الفصائل تعمل عليها وتخطط لها.

في المقابل، فان النجاحات المشار إليها، والمميزات التي تميزت بها، لم تحل دون فشل تلك الأجهزة في متابعة أو منع أو إحباط الكثير من الأعمال الكفاحية التي استهدفت دولة الاحتلال، وهذا ما كان ظاهرا تماما خلال الفترة القليلة الماضية، وخاصة في القدس التي تعتبر حصنا محصنا لكل أصناف الأجهزة الاستخبارية الصهيونية.

فبرغم كل ما نسمعه من تصريحات وادعاءات، إلا ان تلك الأجهزة وقفت عاجزة تماما عن السيطرة على الموقف في القدس المحتلة، أو الإمساك بزمام الأمور في المدينة كما كان عليه الحال "ولو ظاهريا" فيما مضى.

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في القدس، ان هذه الأجهزة "عمياء" تماما، أمام إصرار وإرادة الكفاح لدى الشبان المقدسيين، وأثبتت أيضا، ان الأعمال غير المرتبطة بفصائل العمل الوطني بشكل مباشر ولا تستند إلى الأوامر الفصائلية، اقدر على النجاح من تلك المرتبطة بسلسلة أوامر "روتينية" فصائلية، حيث من الواضح، ان الاستخبارات الصهيونية ركزت خلال فترات طويلة على عمليات اختراق مدروسة وممنهجة، بحيث تستطيع العمل بشكل مبكر ضد أية عمليات من خلال ما لديها من عيون.

هذه القاعدة التي استكانت إليها وربما "استسهلتها" الأجهزة الصهيونية، يتم عمليا اختراقها بشكل شبه دائم في شوارع القدس، ويقوم الشبان بأعمال هزت المصداقية والسمعة التي طالما تمتعت بها تلك الأجهزة.

ان اعتراف الكثير من قادة الأمن والشؤون الاستخبارية الصهيونية بالعجز أمام إرادة المقاومين المقدسيين، يثبت بدون مواربة، ان العيون الصهيونية التي تمت زراعتها لم تعد قادرة على اكتشاف المجموعات الفردية البعيدة عن النسق التقليدي، وهو اعتراف برغم محاولة تبريره "ان لا أحد يستطيع منع شاب من الإقدام على قتل نفسه أو الانتحار" كما يقولون، إلا انه يؤشر على فشل غير مسبوق في إحباط مثل هذه العمليات التي هزت الكيان.

ان العمليات الأخيرة التي أربكت الأجهزة الأمنية، بحيث صارت تتلاوم فيما بينها حول المسؤوليات والاختصاصات، أثبتت بدون شك، ان تلك الأجهزة التي تستطيع سماع "دبيب النملة"، عجزت عن معرفة أي شيء عن تلك العمليات المتتالية التي نفذت بشكل شبه احترافي متقن أدت إلى وقوع العديد من القتلى والجرحى في صفوف المستوطنين الصهاينة.

أخيرا، إن ما يؤرق قادة الأمن الصهاينة، هو الخشية من ان يعمد الشبان المقدسيين بشكل خاص، على اتباع هذا الأسلوب الفردي في العمليات مستقبلا، بعيدا عن أي ترتيبات مع الفصائل أو التنظيمات التي ينتمون إليها "هذا في حال انتمائهم"، وان يصبح هذا النمط من العمليات هو الأسلوب المتبع في مقاومة الاحتلال، وهذا ما سيقود إلى المزيد من "الضحايا" بالإضافة إلى مزيد من الفشل لتلك الأجهزة بالطبع.