بعد أن شاهدنا في وسائل الإعلام المحلية والدولية نهاية الأسبوع الماضي جريمة بشعة ألا وهي جريمة قتل زياد أبوعين القيادي الفلسطيني، التي تعد جريمة ضمن آلاف الجرائم التي يتم وضعها في سجل دولة الاحتلال الإجرامي، عول كثير من أحزاب وشخصيات هامة وفصائل فلسطينية على موقف السلطة وحركة فتح للرد على هذه الجريمة حيث إنني شعرت من كثرة التصريحات وسيل المطالبات الرسمية والشعبية أن القيادة الفلسطينية تمتلك النووي وستقصف إسرائيل فيه، لكن الرئيس عباس في أول تصريح له تعقيباً على الجريمة وفي بيان صادر عن السلطة أنها ستتخذ الإجراءات المناسبة بعد انتهاء التحقيق والجريمة واضحة بالصوت والصورة على شاشات التلفزة سواء عربية وأجنبية أيقنت أن السلطة الفلسطينية لن توقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال وهذا ما أكده نتائج اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله بالأمس، ولن تتخذ أي إجراء بحجم الجريمة التي ارتكبت بحق مناضل بطل كان يزرع أشجار الزيتون ولم يكن يحمل سلاحاً ولا حجراً أنها جريمة ككل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل وتهرب من العقاب بمساعدة من محمود عباس.
ماذا يعني الرد المناسب في الوقت المناسب لسلطة الفلسطينية؟ هذه العبارة كان يرددها النظام السوري كلما وجهت إسرائيل ضربة جوية للنظام، وإلى أين وصل الأمر الآن بالنظام السوري؟ للأسف السلطة عبارة عن مجموعه من رجال الأعمال الذين باسم فلسطين يدورون حول العالم ويستفيدون من جوازات السفر الدبلوماسية وما أشبه ذلك من البطاقات التجارية ويجدون الترحاب من مكاتب سفاراتهم وكذلك حياة الترف لأسرهم وسيداتهم.
زياد أبوعين ليس كباقي الرجال، إنه يملك من الشجاعة التي لم يفقدها وهو بلحظاته الأخيرة وهو يردد بأن هذه أرضنا وأنتم جنود إرهابيين، هل نتوقع مصيره كمصير أبي عمار بعد 10 سنوات وﻻ يزال الرئيس ﻻ يتهم إسرائيل. هل مجلس الأمن هو المخدر الجديد لتهدئة الشعب الذي مل ووصل إلى مرحلة القرف من السلطة ورجالها وأساليب التذلل للمجتمع الدولي الذي لن يعطينا شيئاً ونحن نتوسل لأن العالم ﻻ يحترم إلا الأقوياء.
إن تاريخ السلطة زاخر بقيامها بهدر حقوق الشعب الفلسطيني ولعل أبرز الحقوق المهدورة تصفية المقاومة نهائياً أي ترك الشعب الفلسطيني عارٍ تماماً ومن دون أية ورقة ضغط بل وتركة للابتزاز الإسرائيلي والتنازل عن كافة حقوقنا التي نصت عليها الشرعية الدولية. إضافة إلى تقرير القاضي غولدستون والذي تم دفنه من السلطة، وجريمة التنسيق الأمني المقدس للرئيس نتيجة أوسلو الكارثة وهو اﻻتفاق الذي أعطى الشرعية لوجود إسرائيل على أرض فلسطين من أصحاب الأرض أنفسهم دون أي مقابل سوى اﻻعتراف من قبل إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني دون اعتراف إسرائيل.
فالمشكلة ليست في عجز أو شيخوخة أو استسلام محمود عباس أو حتى تواطئه في بعض القضايا، بل المشكلة في فتح التي تريده هكذا. كيف تسكت فتح 20 عاماً على هذا الانحطاط السياسي الذي لم يبقِ ولم يذر من القضية. فبوصلة فتح انحرفت منذ أمد بعيد، وما دام هذا الرجل يشدد الخناق على غزة، هذا ما تريده فتح لأن البوصلة انحرفت، فتح لا تستطيع تبني المقاومة وتكره وتغار ممن يقاوم من أجل هذا، فتح مرتاحة كل الراحة لوجود عباس.