التحول الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية وحماس

بقلم: عماد أبو الروس

قررت محكمة العدل الأوروبية إبطال قرار الاتحاد الاوروبي حول إدراج حركة حماس ضمن القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية، هذا القرار جاء بعد ما يقارب عشر سنوات منذ عام 2003 بعد ان تم إدراج الحركة بسبب العمليات الاستشهادية التي قامت بها في تلك الفترة في ظل إنتفاضة الاقصى.

الموقف الاوروبي تجاه حركة حماس ليس بموقف موحد، وربما نستذكر تراوح الموقف تجاه حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، عندما جاهرت أصوات أوروبية، لـإعادة تشكيل الصورة المشوهة لحماس، حيث اعتبرت أن حماس حركة معتدلة وواقعية ولابد من التعامل معها بطريقة مختلفة عن مجرد اتهامها بالإرهاب ، ودعت بضرورة فتح حوارات معمقة مع حماس، ودعا 39 نائباً بريطانياً على سبيل المثال لفتح قنوات للحوار مع حماس، باعتبار أنه لا حل لأزمة الشرق الأوسط دون الحوار معها.

النصف الثاني من عام 2014، وبعد العدوان الإسرائيلي الشرس على قطاع غزة في يوليو/2014، شهدت حركة اعترافات متسارعة من قبل مختلف البرلمانات الأوروبية لصالح الدولة الفلسطينية، وبدأت بذلك السويد لتكون أول دولة أوروبية تقوم بذلك، ثم تلتها كل من بريطانيا، وأسبانيا، وفرنسا، وايرلندا والبرتغال، وليكسمبورغ، ومن ثم التصويت في البرلمان الأوروبي في جلسته الأربعاء الموافق 17/12/2014م لصالح دولة فلسطينية على حدود الـ67، وبأغلبية 498 صوتا لصالح القرار مقابل 88 صوتا ضد وامتنع 101 عن التصويت.

تنامي الموقف الاوروبي تجاه القضية الفلسطينية يدلل على رغبته في الانخراط أكثر فيما يعرف بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الهيمنة الامريكية في المنطقة.

مقدمة حملة الاعترافات قادتها أحزاب يسارية واشتراكية في أوروبا تدعو إلى ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وخاصة بعد الحرب الاخيرة على غزة كما ذكرنا، وسياسة الاحتلال الاسرائيلي في الضفة وعمليات الاستيطان التي يقوم بها.

بشكل عام مع ان قرارات البرلمانات الاوروبية هي قرارات شكلية وليست ملزمة لحكوماتها، وقرار محكمة العدل الاوروبية برفع حركة حماس من قائمة المنظمات الإرهابية كقرار إجرائي قانوني غير ملزم للدول الأوربية على الصعيد السياسي، وخاصة تمسك هذه الدول بشروط الرباعية الدولية، ونبذ العنف في الأراض الفلسطينية، وقد يعتبره بعض المحللين بأنه حراك قد يؤثر عليه اللوبي الصهيوني، وقد يوقفه ضغط أمريكي واسرائيلي، إلا أن هذه القرارات تعتبر تحول في مسار الرأي العام الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية يجب توظيفه.

كل ذلك يتطلب من حركة حماس، بالبدء بشكل فعلي ومدروس تجاه أوروبا، من خلال فتح قنوات حوار سياسية ودبلوماسية مع الدول الاوروبية وأحزابها وبرلمانيها ومؤسساتها المدنية، وأن تتقدم بشكل مرن تجاه هذه الدول التي لها ثقلها في المجتمع الدولي، من خلال تبني خطاب سياسي دولي يوضح أهدافها ورؤيتها مع إبداء المرونة في ذلك، وتخاطب فيه هذا المجتمع بفضح ممارسات الاحتلال داخل الأراض الفلسطينية التي هو يعترف بها، وأن المقاومة خيار دفاعي في ظل هذه الممارسات، وأن تستغل هذا الحراك الأوروبي بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني.