وطن جريح وعام ميلادي جديد!!!

بقلم: رامي الغف

لقد بات من الجلي لكل شخص في عالمنا الراحل بأن سفينة فلسطين اليوم تطفو على أمواج خطرة تحيط بها من كل جانب نتيجة أولا وجود الاحتلال لها من كل جانب، وثانيا الانقسام الذي يحيطها من كل حدب وصوب، وثالثا وجود حكومة مشلولة اليدين لا تقدم ولا تؤخر شيئا، مرورا بالبطالة والفقر ونقص الغذاء والدواء والشراب، عدا عن تهديدات غربان الليل الإسرائيليين ومستوطنيهم للقادة والمؤسسات والأفراد ليل نهار، والتي تهدد أمن الوطن حاضره ومستقبله في الصميم، مرورا بالفساد الرهيب المستشري في مفاصل بعض مؤسساتنا ووزاراتنا والتي أعلن عنها الأخ أبو شاكر النتشة قبل أسبوع، وهذا الفساد والذي لا يقل خطره عن خطر الاحتلال والإنقسام، مرورا بالصراعات والمهاترات والاتهامات المستمرة بين هذا أو ذاك والذين ينظر أحدهم للآخر بريبة الأعداء ومن منظور الربح والخسارة للمكاسب التي سيحصل عليها، وليس من جانب المخاطر التي تحيط بالوطن، إذا فإن الأخطار تزداد حدة في وطننا، ولا يمكنني أن أعمم هذا الأمر على الجميع لأن في فلسطين رجالا أحرار وشرفاء يرفضون كل دعوة تعمق الجراح والإنقسام أكثر.

لقد كنا نسمع من معلمينا في المدارس, إن الثالوث الخطير الذي يهدد أمن الشعوب وحياتها ومستقبلها هو ثالوث الفقر والجهل والمرض، لكن يوجد في فلسطين اليوم ثالوثا خطيرا آخر أضيف إلى الثالوث الخطير المتعارف عليه هو ثالوث الإنقسام والفساد والتعصب الحزبي والإرهاب، ومن حق أي مواطن فلسطيني ينتمي إلى تراب الوطن الفلسطيني، أن يقلق على وطنه وأن يتساءل إلى أين تتجه سفينة فلسطين وأين سترسو؟ وكمواطن بسيط من هذا الشعب ينزف قلبي ألما ودمعا ودما على وطني وشعبي، حين تتفشى ظاهرة الفساد بشكل كبير، وحين أسمع ويسمع معي الكثير من أبناء الشعب قصصا رهيبة عن هوامير وحيتان الفساد، والآلاف من المشاريع الوهمية والبرامج والامتيازات الخيالية التي أكلت المليارات من أموال الشعب والملايين يعيشون حالة الفقر المدقع والبطالة المنتشرة في كل مكان، ويتمنى كل فلسطين شريف أن يجد هذه الهوامير والحيتان في أقفاص العدالة لتنال الجزاء العادل الذي تستحقه نتيجة ما ارتكبته بحق هذا الوطن الجريح المنهوب، ولا أدري كيف يحق لمسؤول أكل أموال الشعب ثم يذرف دموع التماسيح على الفقراء والمعدمين ويطالب بإنصافهم !!!. وإنه ما جاء إلى السلطة إلا لإنقاذهم من بؤسهم!!!

إن مشاكل وطننا فلسطين وأزماتها وان بدت معقدة وشائكة إلى حد كبير، إلا إن حلولها متيسرة وممكنة إذا ما توفرت الإرادات القوية والنوايا الصادقة والتوجهات المخلصة لدى المعنيين بشؤون وطننا وأصحاب القرار فيه، سندخل جميعا قوى وفصائل وطنية وإسلامية وكتل برلمانية وأحزاب وشخصيات سياسية من كافة الأطياف والشرائح والاتجاهات، بروح القيادة والإرادة السياسية الجادة في إنهاء الخلاف والدافع الوطني الذي يؤسس لحكومة الشراكة والتفاهم والحكم الرشيد القادر على النهوض بكافة الملفات أمام التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه وطننا وشعبنا في مرحلته الجديدة وعامه الجديد، بلا شروط أو أحاديث استباقية تتنبأ للحوار دون أدنى سبب الفشل أو العراقيل، نتمنى ويتمنى معنا كل شرفاء وأحرار وطننا فلسطين أن تكون صورة العام الجديد مشرقة ووضاءة ممثلة بإتمام ملف المصالحة وإنهاء الانقسام فورا وتمتين جبهتنا الوطنية الداخلية وتشكيل حكومة الكفاءات المستقلة، متمنيين أن يكون هذا العام عام الأمن والسلام والوئام والازدهار والتنمية والنماء لشعبنا ووطننا بمستقبل مشرق ومزهر.

إن هذا الوطن الجريح الذي فيه آلاف الأرامل والأيتام والمعدمين والمسحوقين والجرحى والفقراء والمعاقين، ويهددهم الانقسام والاحتلال والفساد، بالويل والثبور والقتل والدمار، بحاجة ماسة اليوم إلى الرجال الأحرار الكبار القادرين على لئم جراحه الكثيرة.

الإعلامي والمفوض السياسي