رَافِضُونَ وَنُقْطَةٌ.

بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي

مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ وَشُعِّبْنَا يُعَانِي مِنْ فِئَةٍ عَاجِزَةٍ عَنْ الفِعْلِ وَالصَّمْتِ. وَلَكِنَّهَا فِي نَفْسِ الوَقْتِ تُلْبَسُ نَفْسُهَا ثَوْبُ المُدَافِعِ عَنْ الحُقُوقِ وَالوَطَنِ وَالحُرِّيَّةِ وَتَقَفٍّ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنْ عِبَارَاتِ التَّنْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ والوعيد لِحَالَةِ الضِّيَاعِ الَّتِي سَوْفَ يَعِيشُهَا شَعْبِنَا نَتِيجَةَ هَذَا الفِعْلِ وَفِي النِّهَايَةِ يُصَدِّقُ المَثَلُ القَائِلُ وَهَلْ بِضَيْرٍ البَاسِقَاتُ قَذَفَ الحِجَارَةَ؟..
وَمَا أَشْبَهُ اليَوْمَ بِالأَمْسِ فَمُنْذُ زَمَنِ قَضِيَّتِنَا وَنَحْنُ أَمَامَ هَذِهِ الفِئَةِ الَّتِي فَقَطْ تَرَفُّضٌ لَيْسَ مِنْ بَابٍ أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى فَتْحٍ أَفَاقَ وَتَحْقِيقٌ أَنُجَازُ وَلَا حَتَّى تَعْلِيقِ سَلَالِمَ فِي الهَوَاءِ، وَلَكِنْ لِكَيْ تُشْعِرَ نَفْسَهَا بِأَنَّهُ يُوجَدُ لَهَا دَوْرٌ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ
هَذَا الدَّوْرُ سَلْبِي، فَمُنْذُ قَرَارِ التَّقْسِيمِ (١٨١) فِي ٢٩نوفمبر ١٩٤٧م إِلَى اِتِّفَاقِيَّةِ أُوسْلُو ١٩ أَيْلُولِ ١٩٩٣وهذه الفِئَةُ تُتْحِفُ شَعْبِنَا بِالشِّعَارَاتِ وَالمُخَرِّجَاتِ تارة دِينِيَّةٌ وتارة وَطَنِيَّةٌ وتارة قَوْمِيَّةً وَأُخْرَى أُمَمِيَّةً وَدُونَ أَنْ تُعْطِيَ مَخْرَجٌ عَمَلِيٌّ يَحْقِقْ لِشَعْبِنَا أَيٌّ أَنُجَازُ وَقَدْ ظَهْرُ عَجْزٍ هَؤُلَاءِ الرَّافِضُونَ فِي السَّنَوَاتِ السَّبْعِ العجاف الأَخِيرَةُ حِينَمَا وَقَفُوا مُتَفَرِّجِينَ أَمَامَ حَالَةِ الاِنْهِيَارِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا مُجْتَمَعِنَا الفِلَسْطِينِيُّ نَتِيجَةَ حَالَةِ الاِنْقِسَامِ، وَكَمَا يُعْلِمُ الجَمِيعُ بِأَنَّهَا حَالَةً دَاخِلِيَّةً فِلَسْطِينِيَّةً وَأَنْ كَانَ هُنَاكَ بَعْضُ القِوَى الخَارِجِيَّةَ الَّتِي بِبَعْضِ الدُّولَارَاتِ تَعْمَلُ عَلَى اِمْتِلَاكِ وَرَقَةِ قَضِيَّتِنَا لِتَضَعَهَا عَلَى طَاوِلَةٍ المُسَاوَمَاتُ مَعَ القِوَى الكُبْرَى، وَبَعْضٌ مَنْ يُسَيِّلُ لُعَابَهُمْ عَلَى السُّلْطَةِ وَالحُكْمِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ خِلَالِ التَّوَافُقِ مَعَ الأَعْدَاءِ والتساوق مَعَهِمْ فِي رَفْضِ خُطَى القِيَادَةِ فِي مُحَاصَرَةِ المُحْتَلِّ ومقارعته بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي تَجْعَلُهُ عَاجِزًا عَنْ الفِعْلِ وَلَا تَجْعَلُ شَعَّبْنَا فَرِيسَةَ آلَةِ الدَّمَارِ وَالخَرَابِ الصِّهْيُونِيَّةُ.
وَهُنَا مِنْ بَابِ التَّذْكِيرِ بِأَنَّ الخُطَى المَرْحَلِيَّةَ وَبَعْضَ المَشَارِيعِ الَّتِي طَرَحَتْ فِي فَتَرَاتٍ سَابِقَةٍ لَوْ تَمَّ القُبُولُ بِهَا وَالاِسْتِمَاعُ الى أُهِّلَ السَّدَادُ وَالمَشْوَرَةُ لَمَا كَانَ حَالِنَا مَا نَحْنُ بِهِ اليَوْمَ فَفِي ٣مارس ١٩٦٥زار الرَّئِيسُ التُّونِسِيَّ أَرِيجًا وَخَاطَبَ الجَمَاهِيرُ الفِلَسْطِينِيَّةُ وَطَالِبُهُمْ بِالاِبْتِعَادِ عَنْ فِكْرَةٍ أَمَّا كُلُّ شَيْءٍ أَوْ لَا شَيْءَ وَذَكَرَهُمْ بِمَا تُرَتِّبُ عَلَى رَفْضِ قَرَارٍ التَّقْسِيمَ خَرَجَ حِينُهَا الرَّافِضُونَ بِشِعَارٍ تَخْوِينَ هَذَا المُنَاضِلُ العَرَبِيَّ الكَبِيرَ، وَحِينَمَا عَمِلَ الرَّئِيسُ الرَّاحِلُ أَنْوَرُ السَّادَاتُ
عَلَى حَلِّ الصِّرَاعِ العَرَبِيِّ الإِسْرَائِيلِيِّ عَنْ طَرِيقٍ التَّفَاوُضُ بَعْدَ اِنْتِصَارِ أُكْتُوبَرَ المُجِيدُ أَجْبَرَتْ القِيَادَةُ الفِلَسْطِينِيَّةُ عَلَى الوُقُوفِ مَعَ الرَّافِضُونَ حِفَاظًا عَلَى وُجُودٍ شُعِّبْنَا فِي بَعْضِ دُوَلِ الجِوَارِ الَّتِي كَانَتْ مهيمنة عَلَيْهَا بَعْضُ القِوَى الَّتِي قَادَةٌ فِي حِينِهِ مَا سَمَّى بِجَبْهَةِ الرَّفْضِ وَالتَّصَدِّي، وَهُنَا اِسْتِعَادَةُ مِصْرَ كَأَمَلِ سَيْنَاءَ وَمَا زَالَتْ هَضْبَةُ الجَوْلَانِ تَنْتَظِرُ الرَّافِضُونَ. وَحِينَمَا يَصْحُونَ وَيَتَصَدَّوْنَ، وَحِينَمَا وَقَّعَتْ مُنَظَّمَةُ التَّحْرِيرِ الفِلَسْطِينِيَّةَ اِتِّفَاقِيَّةً أَوَسَلُوا وَقْفَ المطبلون والموزمرون كَعَادَتِهِمْ يُطْلِقُونَ العِبَارَاتِ وَالتَّصْرِيحَاتِ والتوصيفات الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ أعادة الإِنْسَانُ الفِلَسْطِينِيُّ ألي وَطَنُهُ جِرْمٌ، وَكَأَنَّ أَسْقَاطَ النَّظَرِيَّةِ الصِّهْيُونِيَّةِ بِأَنَّ أَرْضَ فِلَسْطِينَ أَرْضٌ بِلَا شَعْبِ جِرْمٍ وَكَأَنَّ أَسْقَاطَ مَفْهُومٍ أَنَّ قَضِيَّتِنَا لَيْسَتْ إِنْسَانِيَّةَ وكربونات وَمُسَاعَدَاتٌ غِذَائِيَّةً بَلْ قَضِيَّةٌ سِيَاسِيَّةً لِشَعْبٍ يُرِيدُ التَّحَرُّرَ جَرَمَ
وَمُنْذُ عَامَيْنِ فِي ٢٩/١٢/٢٠١٢ حِينَمَا قَامَتْ القِيَادَةُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى مَجْلِسٍ الآمِنِ لَمْ يُغَادِرْ المشككون مَوْقِعَهُمْ لِيَكُونُوا فِي مَوَاقِعِ المُوَاجَهَةِ وَالتَّحَدِّي مَعَ أَعْدَاءِ شَعْبِنَا، وَبَعْدَ حُصُولِ فِلَسْطِينَ عَلَى عُضْوِيَّةِ دَوْلَةٍ تَحْتَ الاِحْتِلَالِ تُتِيحُ لَهَا هَذِهِ الحَالَةُ الاِنْضِمَامَ إِلَى كُلِّ المُنَظِّمَاتِ الدُّوَلِيَّةِ وَعَلَى رَأْسِهَا مِيثَاقُ رُومَا وَالمُنْبَثِقَةُ عَنْهَا الجِنَائِيَّةُ الدُّوَلِيَّةَ، هَلْ صَمَتَ هَؤُلَاءِ
. هَلْ خَرِسَتْ تِلْكَ البواق المَأْجُورَةُ وَحَاوَلَتْ لَوْ لَمَرَّتْ وَاحِدَةٌ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُهَا فِي حَالَةِ صَحْوَةٍ وَطَنِيَّةٍ أَمْ سَيُبْقُونَ صُنَّاعٌ اِنْتِصَارَاتِ الوَهْمِ عَبْرَ التباكي عَلَى جِرَاحِ شَعْبِنَا عَبْرَ الفَضَائِيَّاتُ؟...
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
3/1/2015