عملية شبعا، الاحتلال يبتلع الإهانة

بقلم: رشيد شاهين

دولة الاحتلال، ومنذ أن نشأت، طالما عربدت وضربت يمينا وشمالا، فهي لم تترك مناسبة إلا وحاولت من خلالها إثبات انها "سيد" المنطقة، وإنها قادرة على فعل أي شيء مهما كان وأينما كان، وبأية طريقة كانت.
لم تك دولة العصابات بحاجة لخلق المبررات أو إيجاد الذرائع، وإنما تتصرف بعنجهية قل نظيرها، فهي تفعل ما تريد، بدون حتى التفكير في النتائج التي قد تجرها عليها أفعالها، وكانت تعتقد دوما بأنها صاحبة الحق في فعل ما تشاء، وانها فوق كل القوانين الدولية والإنسانية.
بالأمس، وفي عملية كانت ربما الأكثر جرأة وسرعة على مدار الصراع العربي الصهيوني، في الرد على استهتار الاحتلال وعنجهيته، قامت مجموعة من مقاتلي حزب الله بتوجيه ضربة لرتل عسكري صهيوني في مزارع شبعا، ردا على العملية التي قامت بها قوات الاحتلال قبل حوالي عشرة أيام في الجولان، قتل فيها عدد من مقاتلي الحزب من بينهم جهاد مغنية واحد الجنرالات الإيرانيين.
العملية التي كانت مباغتة، إلا انها كانت متوقعة،"لكن ليس بهذه السرعة"، وتخوفت دولة الاحتلال من حدوثها، بحيث أخذت ترسل الرسائل المتتالية لحزب الله، التي أرادت من خلالها القول، انها لا ترغب بالتصعيد وان الأمر لم يكن سوى مجرد حدث يمكن اعتباره بالعابر، خاصة بعد إعلان حزب الله انه سيقوم بالرد على عملية الجولان.
حزب الله الذي نفذ تهديده بالرد على عملية استشهاد مغنية ورفاقه، كان واضحا انه لا "ينام في العسل"، حيث كان الهدف بالنسبة إليه جاهزا من خلال المراقبة الدءوبة لتحركات قوات الاحتلال، وهو بالضرورة واحد من أهداف كثيرة تعتبر جاهزة بالنسبة للحزب، والتي ستكون مستهدفة في أي مواجهة قادمة، ومن غير الممكن انه تم الترتيب للعملية على عجل وبهذه السرعة خلال الفترة ما بين عملية الجولان وعملية شبعا.
دولة الاحتلال التي ربما "صدمها" سرعة الرد كما ونتيجته، لم تتجرأ على "رد الصاع صاعين" كما عودتنا في المواجهات السابقة مع العربان، فهي لجأت لمجلس الأمن وبدأت بالصراخ والعويل، الذي يعد البرهان الأكبر ليس فقط على عدم الرغبة في الرد والمواجهة، وإنما في عدم القدرة أيضا على الرد"المزلزل"، لأنها تدرك تماما انها لن تستطيع تحقيق انتصار مشابه لانتصاراتها السابقة على جيوش الأمة، ولأنها باتت تدرك ان الأمر لم يعد نزهة كما كان عليه الحال قبل عقود من الزمن.
الحقيقة هي، إن دولة الاحتلال ليست "سوبر" ولا تمتلك جيشا لا يقهر، أو انها عصية على الهزيمة والاندحار، الموضوع باختصار، ان دولة العصابات، وعندما كانت تخوض حروبها، لم تكن تجد أمامها من يقاتلها، ومن هنا كانت تحقق انتصاراتها السهلة.
الحقيقة المرعبة بالنسبة للصهاينة، هي انه قد أصبح هنالك من هو على استعداد، ولديه الرغبة والإرادة في الصمود وتحدي صلف الاحتلال، ولديه الجاهزية الكاملة "نفسيا" على الأقل لمواجهة دولة العصابات.
المعادلة منذ عقد من الزمان تقريبا أصبحت مختلفة، وما تجارب الحرب منذ العام 2006 في لبنان، ومن ثم في غزة، والتي كان أخرها الحرب الظالمة قبل شهور، إلا الدليل على ان جيش الاحتلال وقادته، أصبحوا مدركين تماما، انه يمكن هزيمتهم، أو على الأقل كبح جماحهم، ومنعهم من تحقيق انتصارات عبثية، وربما تذوق هزيمة كبرى، وعليه فليس مستغربا ان الصهاينة سوف يبتلعون الإهانة التي تلقوها في شبعا، وهي لن تكون آخر الاهانات أو الصفعات.

29-1-2015