شهيد أمام المنزل وأشلاء هناك
في تلك المحرقة المدمرة التي عاشها شعبنا والذي صمد بها هذا الشعب وسجل أسطورة من أساطير هذا الزمن وخرج من تحت الركام ليقول للعالم انتصرت غزة ونحن شاهدين علي ذالك التاريخ الذي كان ولازال وسيبقي في ذاكرتنا ، فتم النقش في ذاكرتي وذاكرة أبنائي وأحفادي ايضاً أيام تلك الحرب والتي استنشقت بها رائحة الموت وخاصة ذاك اليوم الأسود الذي خرجت من بيتي في نحو السادسة صباحاً بعد أن زاد حمى وطيس المعركة, واندفعت في " الزقاق " ابحث عن مخرج لعله ينقذني أنا وأسرتي من حمم تنزل من السماء ..
فأستمريت امشي وامشي في " الزقاق " . كانت ليلة لا تنتهي , والدنيا حر , وضجري بتعزز: كنت أتمني من الله لو يبزغ نهار البارحة حالا ـ أريد البارحة , وأريد ان أتقدم في العمر بالعكس : اكتفي بهذا القدر من الخيبات ـ أضع نقطة , ولا أواصل / الاستمرار عبث , وغدا مشكلة , ويوم الثلاثاء القادم لعين . والخميس العن .كلنا نعرف البارحة جيداً , ولم نتأقلم معه. وهنا نضع نقطة ولا نستمر : نرفض أي حديث عن " المستقبل " / يكفينا ما فينا : لن نحتمل ما سوف يجيء ـ أخذنا نصيبنا من الإرهاق والخراب. الا ان الحرب بدأت تزيد يوماً بعد يوم ومازلت انا والآخرين حولي نستنشق رائحة الموت فكانت تفجيرات في كل مكان وجثث في كل أنش من الأرض بدء القصف علي منتصف "الزقاق" والكل يركض... تذكرت زوجتي العزيزة حينها ان شبر المياه لازال مفتوحا وأمان الكهرباء لازال يعمل كذلك فقررت الرجوع للمنزل وأخذت احد الأبناء معها فكان نصيب الابن الأكبر ان يدفع الثمن المؤلم للمشهد صرخ الجميع اين تذهب هذه الحمقاء هي وابنها، فلم تكترث حتي عادت الي البيت فوجدت ثلاثة أشخاص هم أبناء عمومتنا وجيراننا جالسين تحت المنزل فصعدت الي اعلي فنادت بصوت علي إحدى الفتية من النافذة طلبت منهم توصيل احد البنات المرعوبة من الخوف وفي هذه الثواني تم قصف سور المنزل مباشرةً الذي كان يجلس علية الشهيد سليمان ابوجامع(سلومة) من احد الطائرات فأصبحت جثته أشلاء أما ابن عمه أمير بترت ساقه علي الفور والأخر أصيب في رأسه وابني أصيب بفقدان النطق من الرعب والصدمة والزوجة في المنزل بدأت تصرخ وتصرخ والله لوسمعها حكام العرب الذين يعرفون الله لهبوا لنجدتها لكن ما من مغيث الا الله فاتصل بي صديق لأنه سمع بالراديو ان بيتي قد قصف فاجبته أريد اسعاف فقط وقتها كان الشهيد أشلاء والعائلة في رعب وبعد ساعة كانت المفاجأة الكبرى باستشهاد سبعة وعشرون في وجبة واحدة كان الإفطار الأخير الذي لم يتناولوه. فبكي الجميع من الزوجة والأبناء علي هذا الشهيد البطل (سلومة) الذي يشهد له المسجد والجيران بالدين والأخلاق الحسنة وكان صديقا وفيا لكل من عرفه ففي جنات الخلد يا سليمان فأنتم السابقون ونحن اللاحقون هنيئاً لك الشهادة والشفاء العاجل الي ابن عمه أمير ابوجامع.
بقلم / د.هشام صدقي ابويونس
كاتب ومحلل سياسي
*عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب