الأزمة القديمة والمستمرة في العلاقة الشخصية بين باراك أوباما وبنيامين نتانياهو لن تنتهي إلا بخروج الرئيس الأميركي من البيت الأبيض في أول شهر من عام 2017. غير أن العرب، أو الفلسطينيين على وجه التحديد، لن يستفيدوا لأن أوباما متردد، وأحياناً جبان، والكونغرس الأميركي مع إسرائيل ضد مصالح الولايات المتحدة.
هناك من حاول رأب الصدع وفشل، وأوباما لن يغفر لنتانياهو أنه أيّد الجمهوريين ومرشحهم للرئاسة ميت رومني علناً سنة 2012. وقبل ذلك وصل نائب الرئيس جو بايدن الى إسرائيل لطلب وقف الاستيطان فاستقبل بخطة لبناء وحدات سكنية جديدة في عدد من المستوطنات، وبعد سنة ألقى نتانياهو في البيت الأبيض محاضرة عن تاريخ إسرائيل رداً على أسئلة صحافيين أميركيين وأوباما إلى جانبه ينتفض غضباً. وأذكر أن أوباما انسحب من مأدبة عشاء ضمته مع نتانياهو.
عاد إليّ المثل العربي القديم «ثالثة الأثافي» أو قاصمة الظهر وأنا أقرأ كيف دعا رئيس مجلس النواب جون بونر، بتحريض من السفير الإسرائيلي رون ديرمر، وهو أميركي الأصل ومستوطن في فلسطين المحتلة، نتانياهو لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس عن خطر البرنامج النووي الإيراني. وقد قرر أوباما ووزير خارجيته جون كيري عدم مقابلة نتانياهو إذا تمت زيارته فعلاً، وقال ناطق بلسان البيت الأبيض أن الدعوة تخالف الأعراف الديبلوماسية.
أعضاء ديموقراطيون في الكونغرس طالبوا بونر بتأخير الزيارة عن الشهر القادم لأنها تضر بالسياسة الخارجية للرئيس، وتأتي وسط جدل بين الرئيس والكونغرس، وتساعد مرشحاً في انتخابات خارجية. الميديا الأميركية بشكل عام وقفت ضد الزيارة، حتى أن «فوكس نيوز» عارضتها، وقد ارتفعت شعبية أوباما نقاطاً عدة في آخر استطلاع تابعته بسبب المواجهة مع رئيس وزراء إسرائيل.
نتانياهو لا يستحق سمعته النتنة إذا لم يكن وقحاً إلى درجة الفجور. وهو دعا إلى إلغاء لجنة الأمم المتحدة التي تحقق في جرائم حرب ارتُكِبت في قطاع غزة لأنها «هيئة معادية لإسرائيل»، وقد استقال رئيس اللجنة أستاذ القانون الكندي وليام شاباس لتضارب المصالح فقد سبق أن قدّم نصحاً لمنظمة التحرير. وكان 75 من أصل مئة عضو في مجلس الشيوخ وجّهوا رسالة الى الرئيس أوباما تعارض انضمام السلطة الوطنية الفلسطينية إلى المحكمة. وقالت افتتاحية في «نيويورك تايمز» ان المسؤولية عن كارثة غزة مشتركة، وأراها جريمة ارتكبتها إسرائيل وحدها بسلاح أميركي ومال وفيتو في مجلس الأمن.
نتانياهو زايد على نفسه ودعاية انتخابية إسرائيلية تصوره على أنه يرعى الأطفال، اعتماداً على لقبه «بيبي» ولم تذكر الدعاية طبعاً انه قتل 517 طفلاً فلسطينياً من ضمن 2200 ضحية على الأقل في حربه على قطاع غزة الصيف الماضي.
أهم من دعاية لمجرم حرب أن حكومة نتانياهو قررت بناء 450 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية حيث بلغ عدد المستوطنين 600 ألف. والمعارضة الإسرائيلية ولوبي «جي ستريت» وجماعة «يهود من أجل السلام» قالت ان البناء هدفه كسب أصوات اليمين في انتخابات الكنيست القادمة.
أنصار زيارة نتانياهو، وكلهم من ليكود أميركا، قالوا ان إيران هي أول دولة مؤيدة للإرهاب على قائمة وزارة الخارجية الأميركية. أقول إن إسرائيل أول دولة إرهابية وآخر دولة في العالم كله، وأكرر رأيي الدائم أنها مسؤولة بإرهابها عن الإرهاب المضاد في الشرق الأوسط وحول العالم، واشتداد اللاسامية ضد اليهود.
إسرائيل دولة زانية من نوع زانيات التوراة، إلا أن هؤلاء خرافة، والاحتلال حقيقة نرفضها نحن ونقاومها، ويرفضها باراك أوباما، ولكن يضع يديه في جيبي البنطلون.
كتب جهاد الخازن/نقلا عن "الحياة" اللندنية
الأحد، ٨ فبراير/ شباط ٢٠١٥